النظام السعودي يحاصر القطيف| يمنع دخول قاصديها من غير القاطنين ويُلاحق منظمي برامج إحياء عاشوراء

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 261
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يراكم النظام السعودي في كل عام انجازاته على مستوى الانتهاكات المسجلة بحق مواسي الإمام الحسين (ع) والاحياءات المرافقة لللأيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام. ويكثر الحديث عن تضييقات جديدة من نوعها يمارسها النظام هذا العام في منطقة القطيف تحديداً. عن هذا الموضوع تحدث عضو الهيئة القيادية في “لقاء” المعارضة بالجزيرة العربية، الأستاذ عباس الصادق موضحا أنه ” بعد فترة كورونا فرضت إملاءات صدرت ومازالت تصدر سنويا من قبل دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف والأحساء والمدينة المنورة وغيرها من المناطق ذات التواجد الشيعي في الكيان المسمى بـ”السعودية”. استفاد النظام من الجائحة لتثبيت مجموعة من القيود، التي بجلّها لا علاقة لها بالاجراءات الصحية مثل منع استخدام مكبرات الصوت، منع رفع الرايات في المواكب والمنازل والحسينيات، وكذا منع تسيير المواكب وهو منعها منذ الجائحة ويستمر في ذلك بعد انتهاء الجائحة “. وقال الصادق لـ “مرآة الجزيرة” أنه بعد حملة المضايقات الممارسة والتي شملت استدعاء القائمين على المآتم والخطباء وأخذ بياناتهم وتقديمهم التعهدات بالإلتزام بالقيود، افتتح الموسم الحالي بحالة غير مسبوقة من وضع نقاط التفتيش في المداخل الرئيسية لمنطقة القطيف، وكان التفتيش ولايزال دقيقا جدا”. وأضاف “الملاحظ هذا العام أن نقاط التفتيش لم تقتصر على المداخل الرئيسية بل تعدتها إلى المداخل الفرعية”. وتابع” القوات السعودية تدقق في هويات الداخلين، فتمنع دخول من تشكّ أنه ليس من منطقة القطيف وجاء للتعزية من المناطق الأخرى كالأحساء أو المدينة المنورة أو حتى من الكويت والبحرين. يمنع النظام السعودي دخول المذكورين. ولا يستبعد أن ترمي اجراءاته، مع الوقت، إلى الوصول حتى القضاء على الشعيرة بأكملها في سياق محاربة عاشوراء”. وأفاد القيادي في “لقاء” المعارضة أنه وفقا لما ورده من ممارسات سعودية على الأهالي في القطيف، “قيام دوريات أمنية فرضت على أصحاب المطاعم والمحلات التجارية ممن يقومون باجراء تخفيضات وتسهيلات على مقتنيات وجبات الطعام الخاصة بخدمات المشاركين في مواكب العزاء والمآتم التمنع عن إعلان عروضهم “. وأضاف الصادق “النظام السعودي، هذا العام، منع عرض هذه الإعلانات وقامت السلطات بأخذ تعهدات من أصحاب المحال بعدم تكرار فعل عرض الإعلانات العاشورائية تحت طائلة المسؤولية. إلى ذلك منعت السلطات من إقامة شعيرة إطعام الطعام في عدد من مناطق القطيف، وجرى منع الأهالي من توزيع الطعام على المنازل، فأزالت وكسرت عدد كبير من المضائف والأكشاك، لكن بعض القرى قاومت هذا الإجراء التعسفي ونجحت في المحافظة على هذه الشعيرة.” بالنسبة للمواكب، أكد الصادق أن التضييق عليها لمنع تسييرها وإجبار أغلبها على إقامة العزاء داخل الحسينيات ومنعها من التحرك إذا أقيمت المواكب خارج الحسينية. ولفت إلى إقدام عدد من أهالي المناطق بتحدي النظام عبر تسيير المواكب الحسينية، مما دفع النظام السعودي لاعتقال عداد من القائمين على المواكب بحجة مخالفة الأنظمة ورفع راية المواكب”. أما في المدينة المنورة  والأحساء يلفت المعارض السياسي أنه “لا يزال المنع على أوجه”. وأشار إلى الدور الذي كانت تلعبه مزرعة بيت العمري في المدينة قبل إقفالها من قبل النظام السعودي ومنعه من إقامة مراسم العزاء فيها منذ أكثر من 3 سنوات، بالرغم من البعد التاريخي للمكان بالنسبة لشيعة المدينة المنورة وزوارها. على مستوى آخر، أكد الصادق أن “كل هذه الممارسات والمضايقات والقيود المشددة لا يمكن وضعها إلّا في سياق انتهاك الحريات الدينية، مع أن السعودية موقعة على المادة الثامنة عشر من العهد الدولي لحقوق الإنسان، المرتبط بالحقوق المدنية والسياسية  والتي تنصّ على ضرورة الحفاظ على حرية العقيدة وممارسة الشعائر على المستوى الفردي أو أمام الملأ”. وأضاف “ما ورد يؤكد أن النظام السعودي لا يلتزم بأي مواثيق وشرعات دولية ويضرب بها عرض الحائط”، ولفت إلى أن “هذه الوقائع تثبت أيضا كذب المسؤولين السعوديين في تصريحاتهم التي تدّعي ريادة السعودية في حماية حق العبادة لغير المسلمين”. وأشار إلى سماح النظام “للحاخامات اليهودية بنفخ الأبواق في السعودية وممارسة شعائرهم، في حين يفرض على أبناء الطائفة الشيعية القيود. ما يؤكد أن مثل هذه التصريحات ليست إلّا مزاعم هدفها الاستهلاك الإعلامي وتجميل قُبح وجه النظام وممارساته الجائرة”. ولفت القيادي في “لقاء” المعارضة إلى “تصدير السعودية للحرب على الشعائر وسياسات التضييق إلى الدول المجاورة مثل الكويت، حيث شهدنا هذا العام حالة غير مسبوقة من الانتهاكات لإقامة الشعائر الحسينية في الكويت وأيضا في البحرين، حيث تم منع الرواديد من السفر كالرادود مهدي سهوان الذي كان ينوي إقامة مجالس العزاء في لندن، ومنع عدد من الخطباء منهم الشيخ صالح الإبراهيم من إقامة مجالس التعزية في البحرين “ وفي سياق متصل، وتحت عنوان “محرم والضغوط الحكومية” أشار عباس الصادق في مقطع مصوّر نشر على قناة الأحرار إلى تاريخ العداء بين آل سعود والطائفة الشيعية في الجزيرة العربية، راداً إياه إلى التحالف المشؤوم بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود حينما قام الحكم السعودي الأول 1744-1818، خلال العهد المذكور، ووفقا لما يذكره المؤرخ الوهابي عثمان بن بشر في كتابه “عنوان المجد في تاريخ نجد”، حيث هدمت المساجد والحسينيات في أماكن تواجد الشيعة على اعتبار أنها كنائس ومنعت ممارسة الشعائر الحسينية على اعتبار أنها بدعة وهرطقة وشرك ينافي تمام التوحيد. وتابع “لم يختلف الحال عن الحكم السعودي الثاني الذي امتد بين 1818 و1891، حيث تم استهداف المآتم الحسينية:، لافتا إلى أن أبناء الطائفة في تلك المرحلة :امتنعوا عن الاستجابة للنواهي السعودية، فأقيمت الشعائر سرا في المنازل وتبنى أهل القطيف سياسات تحافظ على بقائهم”. وأورد مضيفا “حين جاء ابن سعود واحتل القطيف خاطب أهل المنطقة وقال لهم بأن هذه المناطق هي ملك آبائه وأجداده، وأرسل لهم دعاة من قبله على أساس أنهم كفار ومشركين ورفضة لإدخالهم الإسلام. منع آل سعود إقامة المجالس وهدم النظام بعض المساجد، وكانت مقاومة الشعب في تلك الفترة بين السلمية والملجومة وتلك المسلحة التي رأت في تحركات النظام استهدافا لوجودهم وكيانهم”. ونوّه إلى أنه “مع استمرار الملاحقات للمشاركين في مجالس أبي عيد الله الحسين وعلى مرّ عهود أبناء عبد العزيز بن سعود تمظهرت المقاومة وبلغت أوجها في شهر محرم من العام 1400ه بعد اندلاع الانتفاضة وماتوال آثارها، وهي التي ولّدت انتفاضة الكرامة عام 2011م “. يذكر أن دائرة الأوقاف والمواريث لم تتورع، ككل عام، عن نشر ما يسمى “اللائحة التنظيمية” شدّد “ضرورة التقيد بالوقت المحدد للمناسبة بما لا يتجاوز الساعة الثانية عشرة صباحا طوال فترة الموسم لدواعي أمنية وتنظيمية مهمة. على أن يتحمل المتجاوز مسؤوليته أمام الجهات المنظمة، وسيتم إعادة النظر في صفة القائم على المنشأة المخالفة من قبل الدائرة”.   كما لا تتورع الدائرة عن التنبيه من الابتعاد عن ما تسميها “الممارسات الخارجة عن المألوف والتي تحمل في طياتها إساءة للدين الإسلامي الحنيف، وتعدّ دخيلة على المجتمع السعودي”، كما لم يغب عن الدائرة تجديدها منع استخدام الساحات والحدائق العامة وعقارات الدولة، كما منعها إقفال الطرقات والشوارع بحجّة تعدي هذا الفعل على حقوق المارّة، وكأن المارة هنا لن يكونوا من أهل المنطقة وأبناء هذه البيئة من المشاركين بالعزاء، بل يراهم النظام السعودي سياحا أجانب على ما يبدو. يذكر أنه خلال العقود الأخيرة عمل النظام السعودي جاهداً لإلغاء آخر المؤسسات ذات الصفة الشيعية المتمثلة في محكمتي القضاء الجعفري في الأحساء والقطيف، غير أن مقاومة وجهود الجيل السابق من العلماء والوجهاء أخّرت وأعاقت نجاح خطط السلطة، إلى أن توفي أو اعتزل أغلب أولئك بسبب كبر السن والظروف الصحية، فقفز النظام خطوات واسعة في سلب المحاكم الجعفرية وظائفها الحقيقية، بل سلبها حتى الاسم والصفة الاعتبارية القانونية فحولها إلى مجرد دوائر معنية بالأوقاف والمواريث وإيقاع عقود النكاح والطلاق بصيغتها الشرعية حسب الفقه الجعفري دون منحها الصفة القانونية والاعتبارية قبل تسجيلها في المحكمة الكبرى لدى القضاء السني. دائما ما يلجأ النظام السعودي إلى ابتداع أساليب جديدة يحارب من خلالها الحضور الشيعي واحياء المناسبة في الأحساء والقطيف، حيث بات الأمر بروتوكولا يستعد له أبناء شبه الجزيرة العربية في كل عام. ويسهل لأي مراقب للإجراءات السعودية أن يعي تماما بأن دائرة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف ألحقت بمهامها التنفيذية، مهمة مراقبة ومحاصرة الحريات الدينية التي تكفلها القوانين الدولية وتقييدها متى ما كان الأمر ممكناً.