الشيخ جعفر سبحاني: النظام السعودي مسؤول عن تقسيم الشعوب

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 38
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

علاقة الوهابية بآل سعود متجذرة في التاريخ، وأثمرت ولادة ما يسمى “الدولة السعودية الأولى” في منطقة الدرعية، في النصف الثاني من القرن السابع عشر ميلادي، حيث كانت المبايعة التاريخية، وهي عبارة عن اتفاق ثنائي صاغه زعيم ومؤسس الحركة الوهابية محمد عبد الوهاب من جهة ومحمد بن سعود من جهة ثانية. ويقوم هذا الاتفاق على أن يتولى “الأمير” الحكم ويوّرثه لذريته من بعده مقابل ترك الأمور الدينية وتنظيمها للشيخ وذريته من بعده أيضاً. وما زال هذا الاتفاق قائماً إلى يومنا هذا، راسماً خطاً واضح المعالم يفصل بين اختصاصات آل الشيخ في نظام الكيان واختصاصات آل سعود. وفي هذا السياق، سلّط عالم الدّين الإيراني البارز الشيخ جعفر سبحاني الضوء على سَعي آل سعود إلى نشر الوهابية والتأثير على وحدة الشعب الإيراني مِن خلال التقسيم. وأكّد صبحاني ما أورده حرس الثورة الإسلامية الإيرانية من أنّ “العدو الحالي هو الوهابية الذي تعتمد عليه القوى السعودية البعيدة عن الوحدة الإسلامية، لبناء قاعدة لها في العالَم تُشَتّت المُسلمين”، بحسب ما نقلَت وكالة “تسنيم” الدولية للأنباء. وجاء كلام سبحاني خلال لقاء عقده يوم الأحد 30 حزيران/يونيو 2024 في مدينة مشهد في شرق إيران، شدّد في ختامه على “ضرورة اجتثاث جذور الوهابية داخل البلاد”. وعلى الرغم من محاولات الوهابية اختراق إيران وتوسيع أنشطتها فيها، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية، في اليوم الأخير من الشهر نفسه، عن اعتقال عناصر كانت في صدد تنفيذ عمليات إرهابية خلال الانتخابات الرئاسية التي أُجريَت يوم الجمعة 28 منه. وفي السياق، يذكر ألكس ألكسيف الخبير في شؤون الإرهاب أن الرياض أنفقت 70 مليار دولار بين عامي 1991 و2002 بصفة مساعدات للخارج دون احتساب الهبات الخاصة. أما السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر من ولاية نيويورك فيعلق على ذلك بالقول: “بفضل هذا التمويل يمتد نفوذ الحركة الوهابية إلى الولايات المتحدة ويدخل حتى إلى المنظمات الإسلامية الكبرى في البلاد والمدارس والجيش”. من جهته السفير الأميركي في كوستاريكا كيرتن ويندزور، يرى في دراسة بعنوان: “السعودية، الوهابية وانتشار الفاشية اللاهوتية السنية”، أن “السعودية” أنفقت على الأقل 87 مليار دولار لنشر الوهابيّة في الخارج خلال العقدين الماضيين، وأن وتيرة الإنفاق في السنوات الماضية (2005 – 2007)، قد بلغت معدلات قياسيّة. وفي الغالب، تنفق هذه الأموال على البناء والموازنة التشغيلية للمساجد والمدارس والمؤسسات الدينية الأخرى لنشر الوهابيّة، كما يتم دعم تدريب الأئمة والهيمنة على وسائل الاتصال الجماهيرية ووسائل النشر وتوزيع الكتب المدرسيّة الوهابيّة وأدبيات أخرى، والأوقاف للجماعات (في مقابل التأثير على تعيين علماء الدين). ويقارن ويندزور بين الانفاق “السعودي” على نشر الوهابيّة مع انفاق الحزب الشيوعي السوفيياتي خلال الفترة ما بين 1921 – 1991 والذي يربوا قليلاً عن 7 مليار دولار. يلفت الباحث السياسي في هذا الإطار إلى أن تحويل الوهابيّة إلى تيار شعبي ساهم في خلق بيئة حاضنة لحركة سياسية وظّفت شبكة المؤسسات الثقافية والمراكز الدعوية والمساجد المنتشرة في أرجاء العالم بأموال الدولة للترويج لأفكارها ورموزها لكن حينذاك تنطوي على مخاطر على نظام الحكم السعودي. الأمر الذي تمخضت عنه سياسات محمد بن سلمان الإقصائية بذريعة “الانفتاح”،  حيث يسعى بن سلمان لفك الارتباط والثنائية التي قامت عليها مرتكزات الاحتلال لشبه الجزيرة العربية، من خلال تحييد هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” وحصر صلاحيات عملها، واتخاذ بعض الاجراءات الإعلانية غرض الترويج وتزييف الواقع المأزوم في البلاد كإعطاء الحق للمرأة بقيادة السيارة والاستمرار في اعتقال الناشطات في هذا المضمار والتضييق على عائلاتهن، كما فتح باب الحفلات الموسيقية والغنائية على مصرعيها الأمر الذي كشف عمق الأزمات الأخلاقية والدينية المتفشية في المجتمع، إلى جانب الاستثمار الرياضي بهدف تحويل الانظار عن واقع حقوق الإنسان في البلاد.  كل ما ورد، لا يعني أن رزم الوهابية في “السعودية” راضية عن عن الحاضر، هي لا تمتلك خيارا إلا الصمت وإلّا السجن سيكون بانتظارها والشواهد على ذلك تطول. فمن قضية الدعاة الذين لطالما حسبوا على آل سعود وعلى رأسهم سلمان العودة، أو تضييق الذي يمارس بتكتيك متصاعد تجاه المظاهر الدينية من إعلاء صوت الأذان وإلغاء إلزامية الإقفال خلال موعد الصلاة، وصولاً إلى ملاحقة القضاة الحاكمين بأمر صاحب الأمر ممن أصدروا أحكاما بالإعدام طالت الأبرياء من أبناء القطيف والإحساء. الصمت ليس بالمصير المحتم، خاصة مع ازدياد الفئات المستهدفة والمتضررة من الإجراءات. إن كان محمد بن سلمان يتبع نهجاً يعيد فيه ترتيب الداخل منعا من أي انقلاب أو لحظة غدر، وتسهيلاً لحكم مقبل يراه قريبا، فليس مستبعدا أن تتقاطع مختلف التوجهات على هدف يغيّر مجرى الأمور، سيّما وإن دُعمت غربيا مع تزايد التوترات.      الأمر الذي يقودنا إلى الحديث عن سردية خاصة لا بدّ من تبنيها في مواجهة سياسات بن سلمان وتؤسس لمشتركات جديدة تتفوق على الفوارق الراسخة في حياة كل فئة منهم، وبالتالي السؤال عن الهوية التي ستعطى وتقدم، إذ أننا لسنا أمام لحظة شبيهة في تركيبة “داعش” التي تبنت “التكفير” أداة لإنجاح حركة محمد بن عبد الوهاب.

/