لماذا تبدو السعودية مترددة في الالتزام تجاه الحرب في غزة؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 502
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

العالم - فلسطين المحتلة

نشر موقع "أوريون 21" الفرنسي تقريرا، يستعرض موقف السعودية من تصاعد الصراع في غزة، وسلط الضوء على ترددها في المشاركة النشطة في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

وادعى الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كانت السعودية منخرطة في تطبيع علاقاتها مع "إسرائيل". ومع ذلك، فإن التشكيك في هذا المشروع والتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين لا يمكن أن يؤدي إلى اضطراب في خطط التحول الاقتصادي والاجتماعي التي يراهن عليها ولي العهد محمد بن سلمان لبقائه السياسي، ومن هنا يأتي حذره الشديد في التزاماته الملموسة لصالح غزة.

وبين الموقع أن رد الفعل السعودي العلني على أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر اتخذ طابع التحدي في البداية، وبعيدًا عن التعليقات المتحيزة لـ"إسرائيل" التي تدفقت من العواصم الغربية (أبو ظبي)، فإن الموقف الذي تم تبنيه في الرياض ألقى باللوم فيما يفعله الكيان بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد البيان الرسمي لوزارة الخارجية ما أعلنه فيصل بن فرحان آل سعود، رئيس السياسة الخارجية للمملكة، في افتتاح الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه على الرغم من التلميحات بعكس ذلك، أي تأكيد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أن السعودية مستعدة لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" بشرط موافقة الأخيرة على "جعل الحياة أسهل للفلسطينيين"؛ تظل المملكة متمسكة بمبادئ مبادرة السلام (التسوية) العربية لسنة 2002، وإذا كانت واشنطن وتل أبيب راغبتين في استكمال العملية التي بدأها أنور السادات في كامب ديفيد سنة 1978، فسيتعين على "إسرائيل" أن تتراجع على حدود سنة 1967، وأن تحل قضية اللاجئين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.

وفي سنة 1973، قبل وقت طويل من وصول قدرة إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى مستويات غير مسبوقة اليوم، كان الحظر الذي فرضته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد أدى إلى زيادة أسعار المنتجات النفطية، وبالتالي، سمح بممارسة الضغوط السياسية.

ولكن في وقت اتسم باستسلام وتراجع الدول العربية، كان من الطبيعي تماما أن يبدأ الرأي العام، الذي روعه ما يحدث في غزة، في الرغبة في تشكيل جبهة موحدة تضامنًا مع الفلسطينيين.

كما ادعى الموقع انه على الرغم من عدم ذكر مصادر، أشارت التقارير الواردة من وسائل الإعلام المرتبطة بالدوحة إلى أن الرياض، إلى جانب ثلاث "دول مؤثرة" أخرى، عملت على عرقلة مقترحات تدعو أعضاء جامعة الدول العربية إلى تجميد العلاقات الدبلوماسية والتجارة مع "إسرائيل"، وحظر استخدام المجال الجوي والقواعد العسكرية (الأمريكية) لإعادة إمداد الجيش الإسرائيلي، والتعبير علنًا عن رغبتها في تطبيق الحظر على النفط.

وأورد الموقع أنه بدلا من استخدام النفوذ الاقتصادي لإجبار القوى الغربية على تغيير سياساتها، اتخذ ولي العهد ومساعدوه جميع الخطوات اللازمة لضمان استمرار ثاني أكبر منتج للنفط في العالم في العمل كالمعتاد.

وهكذا، في سياق النكبة الفلسطينية الجديدة، يبدو أن النظام يتطور من خلال مزيج من الاستسلام وجلد الذات وعلامات الفضيلة، كما أنه يستنكر الفظائع التي ارتكبت ويدعو إلى وقف العنف ويعقد اجتماعات ويدعو إلى الظهور بمظهر المعني بالأمر، ويدعو دائمًا إلى حل الدولتين.

ومن ناحية أخرى، وإدراكًا منه لمصالحه الخاصة، يتخلى النظام عن أي عمل من شأنه أن يخلف تأثيرا ماديا على القضية الفلسطينية، ليحكم على سكان غزة (والضفة الغربية على نحو متزايد) بمعاناة مصيرهم وحدهم.

وأشار الموقع إلى أن الركيزة الأولى تتمثل في مشروع التنمية، فوفقا لأحدث التقديرات، يبلغ معدل البطالة بين الشباب 23.8 بالمئة، بينما يُمنعون من الوصول إلى الخدمات العامة ذات الأجر الجيد، كما أن دخل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 40 سنة أو أقل منخفض أيضًا.

وإدراكًا لاعتماد الاقتصاد المستمر على عائدات النفط والأزمة الاجتماعية؛ راهن ولي العهد في سنة 2016 بمستقبله على رؤية 2030. وتنبأت هذه "الرؤية" بالتحول الكامل لقطاعات تتراوح من السياحة إلى الطاقة إلى التصنيع، وكان عليها أن تعيد توجيه الموارد العامة.

في الواقع، من المقرر أن تبدأ أكبر استثمارات الدولة في سنة 2025، عندما يخصص صندوق الثروة السيادية للدولة 175 مليار دولار (161 مليار يورو) سنويا لتمويل سلسلة من المشاريع العملاقة، بما في ذلك أشهرها، مدينة نيوم المستقبلية.

أما الركيزة الثانية التي تفسر موقف الانتظار والترقب السعودي بشأن فلسطين، فهي مرتبطة بضرورة الحفاظ على ضمانة الأمن الخارجي.

ومع ذلك، استغل ولي العهد ظهور نظام عالمي متعدد الأقطاب؛ حيث إن العلاقات الأمنية مع الصين، والتي تم إضفاء الطابع المؤسسي عليها من خلال انضمام السعودية إلى منظمة شنغهاي للتعاون كشريك حوار في آذار/ مارس 2023، لا يمكن تجاهلها على الإطلاق. وكانت مخصصة جزئيا لعمليات النقل التكنولوجية والعلمية الرئيسة (الطائرات دون طيار، والاتصالات، والأقمار الصناعية، والقطارات عالية السرعة) التي نفذتها بكين إلى المملكة.

ومع تحول السعودية إلى ثاني أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين على مدى العقد الماضي، فإن إنشاء خط مقايضة عملات بقيمة 7 مليارات دولار (6.47 مليار يورو) مؤخرًا، ومضمون المفاوضات الحالية بشأن عقد توريد آجل جديد، يشير إلى أن السعودية ستحتل المركز الأول قريبا. ومن المتوقع أيضًا أن تتعمق العلاقات الأمنية الثنائية مع الصين.

تنويه.. الآراء الواردة فى هذا التقرير تعبر عن أراء كاتبها فقط