شركة علاقات عامة أمريكية تروج لحكام عرب.. الجارديان تكشف التفاصيل

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 592
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تشهد ثقة الجمهور في بعض حكومات العالم ارتفاعًا كبيرًا، نتيجة عمل متواصل من شركة العلاقات العامة الأبرز حول العالم والمعروفة باسم "إيلدمان"، التي تقيس "مؤشر الثقة"، والتي تلقت أموالا من زبائنها في الشرق الأوسط، بينها دول عربية غير ديمقراطية، نظير تحسين صورتها أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

جاء ذلك في تقرير لصحيفة "الجارديان"، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن الإمارات على رأس هذه الدول، خاصة عندما يتدفق قادة العالم إليها، للمشاركة في قمة المناخ (كوب-28) التي ستعقد في وقت لاحق من الشهر الجاري.

وكشف تحليل للصحيفة بالتعاون مع مؤسسة "Aria"، وهي منظمة بحثية غير ربحية، عن تلقي شركة "إيدلمان" والشركات التابعة لها ملايين الدولارات من قبل الحكومات الاستبدادية، لتطوير وتعزيز الصور والسرديات المرغوبة.

واستند التحليل، إلى مقاييس الثقة التي أعلنتها "إيدلمان"، بالإضافة إلى إيداعات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا) التي أعلنتها وزارة العدل، والتي يعود تاريخها إلى عام 2001.

ويتطلب القانون من الشركات الأمريكية نشر معلومات معينة حول عملها في مجال الضغط والمناصرة لصالح الحكومات الأجنبية.

ووجد التحليل أن استطلاعات الرأي العام تميل إلى المبالغة في تقدير مدى تفضيل الأنظمة الاستبدادية، بينها الإمارات والسعودية والصين وسنغافورة، لأن العديد من المشاركين يخشون انتقام الحكومة، لكن هذا لم يمنع هذه الحكومات نفسها من استغلال النتائج التي توصل إليها "إيدلمان" لتلميع سمعتها، وإضفاء الشرعية على سيطرتها على السلطة.

وتقول الأكاديمية في كلية إدارة الأعمال بجامعة نيويورك أليسون تايلور، إن "مقياس (إيدلمان للثقة) يتم الاستشهاد به في كل مكان كما لو كان هذا بحثًا موضوعيًا وموثوقًا من أحد مراكز الأبحاث، في حين أن هناك خلفية تجارية واضحة إلى حد ما، ومن الواضح إلى حد ما أنه أداة مبيعات".

وتضيف: "على الأقل، يجب على الشركة أن تكشف عن هذه العلاقات المالية كجزء من الدراسة.. لكنهم لا يفعلون ذلك".

وقال متحدث باسم "إيدلمان"، في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني إلى الصحيفة: "باعتبارنا شركة عالمية، نعتقد أنه من المهم العمل مع العملاء وفي الأسواق في جميع أنحاء العالم التي تشهد تحولًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وبيئيًا وثقافيًا".

وأضاف: "نحن نؤمن بأن وجودنا في الشرق الأوسط، يمكن أن يساعد في دفع التغيير من خلال تقديم المشورة للمنظمات المؤثرة، وتقديم المشورة بشأن التوقعات بالنسبة للشركات والعلامات التجارية اليوم، وبناء علاقات جديدة مع أصحاب المصلحة."

ويسرد التحليل تفاصيل اتفاق الإمارات مع "إيدلمان"، منذ عام 2007.

وعلى مدار العامين التاليين، كما أفادت مؤسسة "ديسموغ"، وهي مؤسسة غير ربحية تحقق في المعلومات الخاطئة المتعلقة بالمناخ، تلقت شركة "إيدلمان" أكثر من 6 ملايين دولار مقابل عملها في تحسين سمعة الاستدامة للدولة.

ومن أبرز عملاء شركة العلاقات العامة الأمريكة في الإمارات، هي حكومة أبوظبي، وشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وهي شركة النفط العملاقة التي تديرها الدولة.

وتوجت هذه الجهود باختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ هذا العام، وفق الصحيفة.

وفي عام 2010، وقعت شركة "إيدلمان" وشركة تابعة لها عقدين إضافيين للعمل نيابة عن الحكومة الإماراتية، بما في ذلك إنتاج "مسح مقياس بيلتواي" لقياس الرأي العام "بين صناع السياسات وأصحاب النفوذ في واشنطن العاصمة".

وفي العام التالي، ظهرت الإمارات في "مقياس إيدلمان للثقة" لأول مرة.

ولم ترد شركة "إيدلمان" على الأسئلة حول ما إذا كان قرار حكومة الإمارات بتعيين الشركة في عام 2010 مرتبطًا بإدراج الدولة في "مقياس الثقة" في العام التالي، أو ما إذا كانت شركة "إيدلمان" تقدم للعملاء الحكوميين المحتملين أو الحاليين فرصة إدراجها في الاستطلاع.

منذ ظهور الإمارات لأول مرة في عام 2011، أفادت استطلاعات "إيدلمان" بشكل روتيني أن مواطني الدولة يثقون بشدة في حكومتهم، وهي النتيجة التي كان "إيدلمان" ووسائل الإعلام الإماراتية سعيدة بتأييدها.

وفي تغريدة له، قال رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "وفقاً لشركة إيدلمان، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، فإن خطط واستراتيجيات دولة الإمارات العربية المتحدة ساهمت في الثقة في الأداء الذي اكتسبته على مدار العام".

وأضاف في تغريدته خلال 2014: "ثقة الشعب بالحكومة هي نتيجة لقرب القيادة منهم وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم".

واستخدم تود دونهاوزر، المدير التنفيذي الذي كان يدير أعمال شركة "إيدلمان" في الإمارات، لغة مماثلة في تدوينة عام 2018، حين كتب: "تشير نتائج مقياس إيدلمان للثقة لهذا العام إلى أن جهود الحكومة لحماية الجمهور من الأخبار المزيفة تؤتي ثمارها".

وبعد 3 أشهر من إشادة دونهاوزر بالحكومة على "محاربة الأخبار الكاذبة" و"توحيد البلاد خلف هدف مشترك ورفع مستويات الثقة"، حكمت محكمة إماراتية على الناشط أحمد منصور بالسجن 10 سنوات.

وذكرت منظمة "العفو الدولية"، أن الاتهامات الموجهة إلى منصور شملت "نشر معلومات كاذبة وشائعات وأكاذيب حول الإمارات" على "تويتر" و"فيسبوك"، مما "من شأنه أن يضر بالوئام الاجتماعي والوحدة في الإمارات".

وكان منصور قد اعتقل في العام السابق بتهمة "نشر الطائفية والكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي". ولا يزال في السجن.

ولم يستجب دونهاوزر، الذي لم يعد يعمل لدى "إيدلمان"، لطلبات التعليق، كما لم ترد الشركة على الأسئلة المتعلقة بما ذكره دونهاوزر.

وفي فبراير/شباط الماضي، سئل مدير "إيدلمان" ريتشارد إيلدمان، عن السبب الذي يجعل الأنظمة الشمولية تحصل على نتائج محبذة أكثر في مقياس الثقة، وذلك بنقاش بالمجلس الأطلنطي، وقال: "هناك فرضية واحدة تقول إن الخلافات بين المعلومات التي تنشرها الحكومات في هذه الدول وما ينشر في الإعلام صغير، أما هنا، فكما تعرف فالإعلام يقوم بوظيفته".

وأضاف: "أنا لست معجبا بالأنظمة الشمولية، ولكنني نشأت في ديمقراطيات، ولكن النظام يعمل في إطار الثقة وهذا كل ما أستطيع قوله".

وفي أثناء حديثه أمام المجلس الأطلنطي، كانت الشركة على علاقة بـ4 عقود مع الإمارات والسعودية، ووافقت على القيام بعمل إضافي لهما.

وكان ريتشارد إيلدمان عندما تحدث أمام المجلس الأطلنطي ولا يزال، مسجلا لدى الحكومة الأمريكية، كي يمثل مصالح وزارة الثقافة السعودية.

ووصفت حينها صحيفة "بوليتكو"، قراره للتسجيل كعميل أجنبي بأنه "تحرك نادر لمدير شركة ضخمة".

ولفتت إلى نمو تجارة "إيلدمان" في السنوات الأخيرة بشكل كبير بالشرق الأوسط، بعدما نمت علاقاتها مع السعودية.

وتشمل دراسات الثقة التي تقوم بها على أعمال ميدانية ومقابلات هاتفية والتي تستنج منها نتائجها.

وطالما استخدم الإعلام السعودي نتائج "إيلدمان"، التي تقول إنها مجرد "بيانات وليس رأيا".

وفي يونيو/حزيران الماضي، قدمت الشركة رسالة بريد إلكتروني منقحة إلى وزارة العدل من أحد المسؤولين التنفيذيين في الشركة، تدعو أحد المستفيدين وهو نائب وزير الثقافة السعودي حامد بن محمد فايز، لتناول القهوة في مدينة نيويورك، واصفا طموح السعودية بـ"المذهل".

وبعد بضعة أشهر، استضاف إيدلمان "مأدبة عشاء صغيرة" لفايز، وهي واحدة من 3 فعاليات للتواصل على الأقل، استضافها شخصيًا للمسؤولين السعوديين على مدار العام ونصف العام الماضيين.

ولم ترد الشركة على سؤال حول ما إذا كان إيدلمان يشارك بانتظام في أعمال العملاء لصالح الحكومات الأجنبية.

في وقت سابق من هذا العام، قال إيدلمان لمجلة "بي آر ويك"، إنه "تجول مؤخرًا مع وزير الثقافة السعودي بدر بن عبد الله بن فرحان"، و"زار 6 مؤسسات ثقافية".

قال إيدلمان: "هذا هو نوع المشاركة التي أريدها لأن السعودية تسير على طريق التغيير المستمر.. هذا هو نوع العمل الذي نريد القيام به: المشاركة في القضايا والتحديات المهمة في عصرنا".

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز"، وزير الثقافة بأنه "صديق ومعاون" لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وفي ظل حكم ولي العهد، شهدت السعودية واحدة من أسوأ فترات حقوق الإنسان في تاريخ البلاد الحديث، كما قال جوي شيا من "هيومن رايتس ووتش"، أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي في سبتمبر/أيلول.

لم يرد إيدلمان على الأسئلة المتعلقة، بما إذا كان يشعر بالقلق بشأن العلاقات الوثيقة بين وزارة الثقافة السعودية وولي العهد، أو إذا كان يشعر بالقلق من أن عمل شركته لصالح حكومتي السعودية والإمارات يخاطر بتطهير أو تحويل انتباه الرأي العام بعيدًا عن العالم.

وبينما بدأت شركة "إيدلمان" العمل لدى الحكومة السعودية في عام 2013، لم تظهر البلاد في "مقياس الثقة" حتى عام 2019.

وجاء هذا الظهور بعد أقل من 3 أشهر من موافقة ولي العهد على اغتيال الصحفي والكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" جمال خاشقجي، وهو شخصية بارزة، منتقد للنظام والحكم في البلاد.

وكثيرا ما تروج وسائل الإعلام السعودية لنتائج استطلاعات "إيدلمان" كدليل على الدعم الشعبي للنظام في المملكة.

وبعد أن أفاد "مقياس الثقة" لعام 2021، أن 82% من السعوديين يثقون في حكومتهم، وهي أعلى نسبة تعادل مع الصين في العالم، نشرت وكالة الأنباء السعودية، تقرير سلط الضوء على هذه النتيجة.

وفي العام التالي، سلط تقرير في مجلة "عرب ويكلي"، الضوء على نتيجة مماثلة ذات ثقة عالية كدليل على أن "إصلاحات" المملكة كانت فعالة وشعبية.

وأعلن التقرير أن "المراقبين يعتقدون أن هذه الثقة نمت بعد عملية الإصلاح التي أطلقتها القيادة السعودية في عام 2016"، وهو العام الذي بدأ فيه ولي العهد جهودًا لإعادة صياغة سمعة البلاد باعتبارها "قوة استثمارية عالمية".

وفي أوائل فبراير/شباط، وافق إيدلمان على عقد مدته 3 سنوات لتحسين "التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي" للمديرين التنفيذيين لمدينة "نيوم"، وهي مدينة مستقبلية تمثل أولوية شخصية لبن سلمان، ومملوكة لصندوق الثروة السيادية في البلاد، والذي يسيطر عليه ولي العهد.

كما وقع إيدلمان عقدًا منفصلاً للعمل على بعض حسابات "نيوم" الأخرى، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتأتي هذه المشاريع، وفق "الجارديان"، على رأس العمل المكثف الذي قام به إيدلمان، على وسائل التواصل الاجتماعي لصالح الحكومة الإماراتية، في الفترة التي سبقت قمة الأمم المتحدة للمناخ في وقت لاحق من هذا الشهر.

وقال إيدلمان عن عمل شركته لتحسين سمعة النظام السعودي في الولايات المتحدة: "إنها القوة الناعمة".

ووصف إيدلمان "مقياس الثقة" الخاص بـشركته بأنه "بيانات وليس رأي"، لكن خبراء الاستطلاع وجدوا أن مقاييس الدعم العام للحكومة تميل إلى المبالغة في الدول الاستبدادية، مما يجعل من الصعب مقارنة الديمقراطيات بشكل مباشر بالدول غير الديمقراطية.

ورفضت الشركة الإجابة على أسئلة حول ما إذا كانت تأخذ هذه الحقيقة في الاعتبار، عند إجراء مقياس الثقة، وما إذا كانت تعتقد أن نتائج الاقتراع في الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الاستبدادية قابلة للمقارنة بشكل مباشر.

 

المصدر | الخليج الجديد