بعد اليمن.. التنافس السعودي الإماراتي يحتدم في السودان ومصر تغير مساره

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 523
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مع فشل جميع المحاولات الرامية لوقف إطلاق النار والفوضى الناتجة عن الصراع المسلح على السلطة في السودان بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، فإن التنافس المحتدم بين الإمارات والسعودية في لعب أدوار رئيسية كجهات فاعلة خارجية داخل الدولة الأفريقية الغنية بالموارد، تزيد أزمتها المتواصلة منذ منتصف أبريل/نيسان تعقيدا.

وتحتفظ دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية، بعلاقات عميقة الجذور مع السودان، ولدى جميع الأعضاء الستة في هذه المؤسسة الإقليمية الفرعية مصالح عميقة في البلاد فيما يتعلق بالأمن الغذائي وسلاسل التوريد والتهديدات الإرهابية ومجالات أخرى.

وفي تصريحات لموقع "العربي الجديد"، النسخة الإنجليزية، رأى نبيل خوري، النائب السابق لرئيس البعثة بالسفارة الأمريكية في اليمن، أن كلا من السعودية والإمارات تسعيان إلى تحقيق أهداف اقتصادية واستراتيجية في السودان، حيث تعتبر الأخيرة نقطة انطلاق من شبه الجزيرة العربية إلى أفريقيا.

وكحليفتين، قامت الرياض وأبوظبي بالتنسيق في العديد من الملفات الإقليمية والعالمية، لكنهما أيضًا تتمتعان بعلاقة تنافسية للغاية، وكانت هناك حالات ملحوظة تصادمت فيها أجندات وتكتيكات ومصالح العاصمتان.

وربما كانت الحالة الأكثر وضوحاً للتنافس الإماراتي السعودي هي اليمن، حيث دعمت الرياض دولة قومية يمنية موحدة، بينما قامت أبوظبي برعاية المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو جماعة انفصالية في الجنوب.

وفيما يتعلق بالاقتصاد والتجارة والأعمال، تستمر المنافسة السعودية الإماراتية، بينما تتنافس الرياض وأبوظبي أيضًا داخل منظمة "أوبك".

ووفق خوري، فإن "التنافس بين (الإمارات والسعودية) هو جزئياً تنافس شخصي، بين رئيس الأولى محمد بن زايد، وولي عهد الثانية محمد بن سلمان، حيث يتنافس كل منهما على قيادة الشرق الأوسط وخارجه".

تأكيد نفوذ

وخلال السنوات الأخيرة، تطور دور السودان في هذا التنافس الإمارات السعودي.

وفي أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، اكتسبت السعودية والإمارات نفوذاً كبيراً في الخرطوم على حساب تركيا وقطر.

في الفترة التي أعقبت سقوط البشير مباشرة، كانت السياسات الخارجية للرياض وأبوظبي تجاه السودان متوافقة تمامًا. ومع ذلك، وفي ظل الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فإن الصورة بدت أكثر تعقيدًا.

وبحسب إليونورا أرديماني، الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، فإن السودان يدخل في إطار المنافسة السعودية الإماراتية لثلاثة أسباب؛ هي "الطبقة الاقتصادية الدافعة للاستثمارات في الأراضي الزراعية والتعدين والبنية التحتية؛ والطبقة الدبلوماسية التي تهدف الأنظمة الملكية من خلالها إلى بناء نفوذ محلي يدعم المفاوضات والدبلوماسية الإنسانية؛ والطبقة الجيواستراتيجية الناتجة عن اصطفافهم مع الفصائل المتنافسة قبل وقت طويل من اندلاع الصراع".

دعم إماراتي لحميدتي

بعد إرسال حميدتي مقاتليه إلى اليمن، ودعمه للجنرال خليفة حفتر في الحرب الأهلية الليبية، أصبح قائد الدعم السريع الرجل الرئيس للإمارات في السودان.

علاوة على ذلك، فإن سبب وصول حميدتي إلى السلطة في السودان ما بعد البشير يُعزى إلى حد كبير إلى الدعم الذي قدمته له أبوظبي.

ودعمت الإمارات حميدتي وقوات الدعم السريع بينما تتعاون مع مجموعة "فاجنر" الروسية، التي حافظت على دور نشط في السودان منذ نهاية عهد البشير في السلطة.

وقال طلال محمد، الباحث في دراسات الشرق الأوسط، إن التقارير تشير إلى أن حميدتي عمل كوصي على المصالح الإماراتية في السودان، حيث قام بحراسة مناجم الذهب التي تسيطر عليها "فاجنر".

وأضاف: "يتم بعد ذلك شحن الذهب من هذه المناجم إلى الإمارات في طريقه إلى روسيا".

وتابع أن العلاقات الثلاثية بين الإمارات وقوات الدعم السريع وروسيا تعززت عبر "فاجنر" بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، عندما أصبحت موسكو أكثر اعتماداً على الذهب وغيره من الموارد المالية للتخفيف من تأثير العقوبات الغربية.

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عقوبات على شركتين مرتبطتين بحميدتي تعملان في صناعة الذهب، هما "الجنيد" و"تراديف"، ومقرهما في السودان والإمارات.

وبحسب محمد، فإنه مع استمرار موجة العنف في السودان، فقد يكون هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن التوترات بين الرياض وأبوظبي يمكن أن تتصاعد أكثر.

دعم سعودي للبرهان

منذ اندلاع الصراع السوداني في منتصف أبريل/نيسان، لعبت السعودية دورًا متوازنًا إلى حد في الدولة الأفريقية، إذ كانت تريد وضع نفسها كصانع سلام لا يقف بالضرورة بقوة خلف البرهان أو حميدتي.

ومع ذلك، مع تمتع البرهان بمزيد من الشرعية الدولية، اتجهت المملكة نحو دعمه على حساب حميدتي.

في مايو/أيار، استضافت السعودية محادثات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جدة، والتي لم تحل الصراع في السودان، ولكنها على الأقل شكلت المرة الأولى التي يلتقي فيها الجانبان وجهاً لوجه لمعالجة الأزمة المستمرة.

علاوة على ذلك، فإن حقيقة حدوثها في جدة تعكس تصورات بين الأطراف السودانية التي تعتبر المملكة جهة فاعلة محايدة نسبيًا، والتي يمكن أن تثق بها كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقالت أرديماني: "لا أعتقد أن السعوديين سينحازون بوضوح إلى جانب في هذا الصراع العسكري الداخلي؛ لأنهم اختاروا إظهار الوجه الدبلوماسي منذ بداية أزمة 2023".

وبما أن الإماراتيين قريبون من قوات الدعم السريع، فإن الطريقة الوحيدة للسعوديين لإعادة دخول المسرح السوداني من موقع قوة هي لعب دور الموازن وسط الفصائل المتحاربة.

وهذه أيضًا طريقة لتعزيز القيادة السعودية في جامعة الدول العربية، وتحسين العلاقة مع الولايات المتحدة عمليًا من خلال إدارة الأزمات الإقليمية.

وذكر خوري، أن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع يشير إلى كيفية اتباع الإمارات "مسارًا أكثر عدوانية" من السعودية في السودان.

دور مصري

ويرى مراقبون أن استمرار العنف في السودان يعطي سببا وجيها للاعتقاد بأن التوترات بين الرياض وأبوظبي يمكن أن تتصاعد أكثر.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن العامل الرئيس الذي يجب مراقبته هو النهج الذي تتبعه مصر في التعامل مع أزمة جارتها الجنوبية.

ونظرًا لأنها تدعم البرهان والقوات المسلحة السودانية بشدة بينما تعارض بشدة حميدتي، فمن الممكن أن تشن القاهرة حملة عسكرية علنية ومحفوفة بالمخاطر ضد قوات الدعم السريع.

وستكون الأهداف هي القضاء على ما تعتبره حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تهديدًا تشكله قوات الدعم السريع أثناء محاولتها استعادة الاستقرار في السودان.

وإذا نجح مثل هذا التطور، فإن الاحتكاك بين مصر والإمارات سيزداد على خلفية الصراع في إثيوبيا؛ مما يزيد من التوتر في علاقة القاهرة مع أبوظبي.

في نهاية المطاف، من غير المرجح بعد تدخل مصر أن يكون السودان هو المصدر الرئيسي للاحتكاك بين السعودية والإمارات

على الرغم من أن التدخل العسكري المصري الذي يعزز أجندة القاهرة في السودان قد يكون في صالح الرياض، إلا أنه قد يترك القيادة السعودية في مواجهة التحديات؛ حيث تسعى المملكة إلى العمل كقائد في العالم العربي يوحد أعضاء جامعة الدول العربية خلف الجهود التي تقودها المملكة لتحقيق الاستقرار في السودان.

ولكن، اعتمادًا على كيفية تطور الأحداث والاتجاه الذي ستتطور إليه أزمة السودان في الأسابيع والأشهر المقبلة، قد ينظر السعوديون إلى الإماراتيين على أنهم شوكة في خاصرتهم، بينما تحاول الرياض العمل على استعادة السلام.

 

المصدر | العربي الجديد+ ترجمة وتحرير الخليج الجديد