كيف توجه الأولويات السعودية إلى التعاون العلمي والتكنولوجي مع الصين؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 628
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"تنامي التعاون العلمي والتكنولوجي بين السعودية والصين مدفوع بالأولويات السعودية"، رغم تفضيل قوي بين النخب السعودية للعمل مع الغرب في العلوم والتكنولوجيا.

هكذا كشف تقرير صادر عن مؤسسة "كارنيغي" للسلام الدولي، وترجمه "الخليج الجديد"، لافتا إلى أن تعاون السعودية مع الصين في مجال الابتكار التكنولوجي والعلمي آخذ في الازدياد، وأن "الأولويات السعودية هي التي توجه هذا التنامي في العلاقة".

وقال التقرير إن الصين السعودية، أغنى دول الخليج والشريك الاستراتيجي طويل الأمد للولايات المتحدة، تعملان معًا بشكل متزايد في مجال التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، حيث توجه بكين طموحاتها العالمية إلى الشرق الأوسط في تنافس مع واشنطن.

وشهدت تلك الطموحات توسط بكين في صفقة في مارس/آذار بين السعودية وإيران، لإعادة العلاقات بعد 7 سنوات من قطعها.

وتم الإعلان عن الاتفاق بعد فترة وجيزة من قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ، بـ"زيارة دولة" إلى السعودية، حيث وقّع شي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة يلتزم فيها رئيسا البلدين بعقد اجتماعات نصف سنوية.

كما وقعا مذكرات تفاهم لـ"مواءمة" مبادرة الحزام والطريق الصينية مع "رؤية المملكة 2030"، ووقعت الشركات الصينية والسعودية على 34 اتفاقية بقيمة 30 مليار دولار، تغطي الطاقة الخضراء وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية.

وتوفر العلاقة مع الصين فرصا اقتصادية متنوعة تخدم توجهات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى لتنويع اقتصاد المملكة وجذب استثمارات خارجية كبيرة في مجالات البنية التحتية والتصنيع والتكنولوجيا.

لكن وفقًا لتقرير "كارنيغي"، فإن التعاون التكنولوجي المتزايد بين البلدين نشأ من دفع السعودية لتعزيز قطاع التكنولوجيا، في وقت تقول الصين إنها تعمل كجهة فاعلة للسعودية، لتحقيق أولوياتها الوطنية.

وأضاف أن المملكة الخليجية سعت منذ فترة طويلة إلى وضع نفسها كرائدة علمية عالمية، حيث راكمت ثروة ضخمة من خلال نفطها، مشيرًا إلى مشروع "رؤية 2030" الذي تم إطلاقه في عام 2016 جاء لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.

وكان الناتج المحلي الإجمالي للدولة المخصص للبحث والتطوير في عام 2020، أكثر من 8 أضعاف الحجم الذي كان عليه قبل عقدين من الزمن، وفقًا لبيانات "يونسكو".

ومنذ "زيارة الدولة" الأولى التي قام بها شي إلى السعودية في عام 2016، وتلتها زيارة إلى الصين من قبل بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، تم تشكيل لجنة تنسيق لتسريع وتوسيع التبادلات التكنولوجية.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن السعودية قد وقعت اتفاقية مع أكبر مخطط اقتصادي صيني لتعزيز المشاركة في التكنولوجيا.

كما مهد إطار الشراكة الرسمي الطريق أمام الشركات الصينية الخاصة لدخول السوق السعودية، الأمر الذي جعل شركة "هواوي"،  التي تخضع لعقوبات شديدة من قبل الحكومة الأمريكية، لتصبح لاعبًا رئيسيًا في شبكات (5G) في الدولة الخليجية.

كما أن مؤتمر "ليب 2023"، أعطى مؤخرًا لمحة عن الاهتمام الصيني والنجاحات في ساحة التكنولوجيا السعودية.

بينما عرضت هواوي أحدث حلولها الابتكارية تحت شعار "إطلاق العنان الرقمي"، وأعلنت هواوي كلاود عن خططها لاستثمار أكثر من 400 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة لتأسيس بنيتها التحتية في البلاد.

والشهر الماضي، صرح وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية عبدالله بن عامر السواحه، خلال زيارته لهونغ كونغ الصينية، بأن السعودية تأمل أن تكون هونغ كونغ بمثابة جسر لتعزيز التعاون مع البر الرئيسي للصين في المجال الرقمي لتسهيل خطة التحول الاقتصادي في المملكة.

ووقعت السعودية والصين اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة، حيث توفر هذه الشراكة إطارا للتعاون بين البلدين الصديقين وتغطي مجالات الاقتصاد الرقمي وتقنية المعلومات والاتصالات، وتعزز البحث والابتكار في مجالات التقنيات الناشئة.

بالإضافة إلى تحسين جوانب مختلفة من البنية التحتية للاتصالات وتعزيز تطور ريادة الأعمال الرقمية من خلال نماذج أعمال جديدة مثل التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية، تواصل شركات التقنية الصينية المساهمة في التحول الرقمي للمملكة العربية السعودية.

ووفق التقرير، فإن التعاون يتمحور كذلك حول التوطين، حيث يتضمن ذلك عمليات نقل التكنولوجيا التي تفيد السكان المحليين، وإلزام الشركات الصينية بتوظيف نسبة معينة من المواطنين السعوديين.

وقال إن هناك مؤشرات على نمو حجم رأس المال المستثمر في العلوم والتكنولوجيا بين البلدين، لكنه مدفوع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى أنه على الرغم من العلاقات المتنامية مع الصين، لا يزال هناك تفضيل قوي بين النخبة السعودية للعمل مع الغرب في العلوم والتكنولوجيا،

وقال إن أكثر من 60% من التعاون الدولي في المؤسسات الأكاديمية السعودية كان مع مؤسسات غربية.

ولفت إلى أن برنامج مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا لقادة التكنولوجيا، والذي يهدف إلى تعزيز الشراكات مع المعاهد الكبرى الأخرى في جميع أنحاء العالم، لا يشمل أي جامعات صينية.

وذكر التقرير أيضًا أنه بينما ذهب بضعة آلاف من الطلاب السعوديين إلى الصين لدراسة العلوم في العقد الماضي من خلال البرامج التي تقودها الحكومة، فقد تم تدريب معظم العلماء السعوديين في الغرب.

في المقابل، تتخوف واشنطن بالقطع من أن تندفع الرياض إلى تعاون نووي متطور مع الصين بهدف الحفاظ على توازن القوى بينها وبين طهران، لاسيما مع غموض مستقبل المفاوضات النووية مع إيران، الأمر الذي لن يؤدي إلى تزايد النفوذ الصيني في منطقة الخليج فحسب، بل يمكن أيضا أن يتسبب تزايد النشاط النووي في تهديد المصالح الأمريكية الرئيسية بالمنطقة.

 

المصدر | كارنيغي - ترجمة وتحرير الحليج الجديد