جغرافيا سياسية جديدة في غرب آسيا.. فهل حان الوقت لنظام أمني إقليمي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 646
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قال السفير الأردني المتقاعد عادل العضايلة، وهو خبير في "مؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا" (CICA)، إن منطقة غرب آسيا باتت تتسم بجغرافيا سياسية جديدة، في ظل تغيرات دراماتيكية، ويبدو أنه حان الوقت لإنشاء نظام أمني إقليمي شمال ومستدام.

العضايلة أردف، في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي (Geopolitical Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، أنه "بغض النظر عن تداخل المصطلحات، سواء كانت المنطقة المعنية تُسمى غرب آسيا أو الشرق الأوسط، يمكننا القول إن دولها لديها علاقات وثيقة بسبب التاريخ والثقافة والجغرافيا، وتتكون من دول جامعة الدول العربية وإيران".

وتابع: "أما إسرائيل، وإن كانت تنتمي جغرافيا إلى غرب آسيا وجزء من الشرق الأوسط، فهي أقرب إلى أوروبا سياسيا وثقافيا ولها صلات بالدول الأوروبية وتشارك في الأحداث الأوروبية".

و"تتمتع منطقة غرب آسيا بموقع جيوستراتيجي مهم يربط بين الشرق والغرب برا وبحرا، وتضم أهم الممرات المائية الدولية، ولها ثقل اقتصادي وسياسي في العالم، وظلت في قلب المخاوف الأمنية العالمية طوال العقود الماضية، ومنذ عام 2010، استخدمت 7 دول على الأقل في المنطقة القوة العسكرية في قتال على أراضيها، واستخدمتها 11 دولة على أراضي دول أخرى"، بحسب العضايلة.

وزاد بأن "غرب آسيا هي المنطقة الوحيدة في العالم التي ليس لديها نظام أمن إقليمي شامل، ولطالما تعثرت محاولات إنشاء مثل هذا النظام بسبب التوترات والتعقيدات في المنطقة".

وأضاف أنه "لذلك، تشكل قضية الأمن والاستقرار في المنطقة سؤالا ملحا وخطيرا في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا، حيث تعزز الفوضى المعضلة الأمنية، بسبب العلاقات المعقدة بين القوى الإقليمي، والتدخل الخارجي، وانعدام الثقة بين اللاعبين السياسيين".

 

أحداث دراماتيكية

والسؤال المطروح، كما تابع العضايلة، هو ما إذا كانت الأحداث الدراماتيكية في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية جعلت اللحظة الحالية ناضجة لبدء عملية إنشاء نظام أمني شامل.

وأوضح أنه "تغير الكثير منذ اندلاع الربيع العربي (2011)، وظهور الإرهاب وأشكال جديدة أخرى من الجماعات الدينية المتطرفة، والتصور بأن الولايات المتحدة لم تعد ملتزمة تماما بالاستقرار الإقليمي، إلى جانب صعود الصين وروسيا كقوتين متنافستين في المنطقة".

واعتبر أن "إنشاء نظام أمني شامل ومستدام لتحقيق أعلى مستوى من الاستقرار والتعاون ممكن إذا كانت توفرت إرادة سياسية، وأعتقد أن الإرادة السياسية والرغبة الشعبية تلوح في الأفق".

و"بالإضافة إلى ذلك، لعبت بعض السوابق التاريخية، مثل الآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي، أدورا مهمة في المساعدة على إدارة الصراعات وإنهائها وتعزيز الاستقرار الإقليمي"، بحسب العضايلة.

ورأى أنه "لتحقيق هذا الهدف، من الضروري الاعتراف بأن بعض القضايا لا يمكن حلها على الفور، وأن التعاون ممكن في مجالات وتتطلب مجالات أخرى حوارا مستمرا".

ولفت إلى أن "التحولات الدولية، وظهور قوى جديدة في آسيا وأوراسيا، والصراع على الطاقة والنفوذ والسلطة، والاستقطاب الجيوسياسي، ومكافحة الإرهاب، دفعت حكومات المنطقة إلى إعادة النظر في سياساتها التقليدية على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية".

 

واشنطن وتل أبيب

العضايلة قال إن "الولايات المتحدة لم تكن غافلة عن هذه التطورات، ولذلك بذلت جهودا كبيرة لاحتوائها، وعملت على إقامة نظام أمني وسياسي يتناسب مع مصالحها في المنطقة بمشاركة (حليفتها) إسرائيل، لكن التقارب السعودي الإيراني عدَّل الأشرعة في اتجاه آخر".

وتعتبر كل من إيران وإسرائيل الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل تل أبيب أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان منذ حرب 1967، ومن أصل 22 دولة عربية تقيم 6 دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان والمغرب علاقات معلنة مع إسرائيل.

وبوساطة الصين، وقَّعت السعودية وإيران في 10 مارس/ آذار الماضي اتفاقا استأنفتا بموجبه علاقتهما الدبلوماسية، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين دولتين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.

وأضاف العضايلة: "توجد قناعة رسمية وشعبية في المنطقة بعدم رغبة أحد في حرب أو عداء يحرم المنطقة من التنمية المستدامة لعقود ويسهم في تدمير بعض دولها، وقد ساعد في ذلك التدخل الصيني والمصالحات بين دول الشرق الأوسط واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية (منذ 24 فبراير/ شباط 2022) وأزمة الغذاء العالمية".

حوار أمني

و"ساعد الاتفاق السعودي الإيراني ساعد في تقليل التوترات في منطقة الخليج الأوسع، ويمكن أن يساعد أيضا في فتح الباب أمام حوار أمني بين دول الخليج العربية وإيران والعراق"، بحسب العضايلة.

ولفت إلى أن "السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي، وبدعم من قوى عربية وإقليمية أخرى، رفضت المشاركة في تحالف عسكري ضد إيران، رغم الضغوط الأمريكية والإسرائيلية".

وزاد بقوله: "كما استعادت سوريا عضويتها في جامعة الدول العربية وأعادت العلاقات الدبلوماسية مع الحكومات العربية، على الرغم من غضب الولايات المتحدة، وسبق ذلك مصالحة بين تركيا والسعودية ومصر والإمارات، ومحادثات إيران ومصر الجارية لإعادة العلاقات الدبلوماسية".

وتابع أن "حكومات المنطقة رفضت أيضا الانضمام إلى التحالف العسكري الغربي ضد روسيا رغم الضغوط الغربية والأمريكية، إذ أعلن البعض الحياد فيما أبدى البعض الآخر استعداده للتوسط بين الطرفين".

و"لتعزيز هذا النهج، تم تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الجهات الفاعلة الأخرى، مثل روسيا والصين والهند وباكستان، في مجالات السياسة والأمن والدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا والفضاء والطاقة النووية، كما توجد تطلعات للتعاون مع مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي"، كما اضاف العضايلة.

وأردف: كما يجري اليوم حوار لـ"إقامة نظام أمني بحري خاص"، بالتوازي مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة تحت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي، وتستند الرؤية إلى المصالح الاقتصادية والأمنية في الممرات البحرية في الخليج العربي وخليج عدن والبحر الأحمر والمحيط الهندي، حيث يمر جزء كبير من التجارة الإقليمية والدولية عبر هذه الممرات المائية.

وشدد العضايلة على أن "تعزيز علاقات دول غرب آسيا مع القوى العالمية المؤثرة، مثل روسيا والصين والهند وباكستان وجنوب إفريقيا والبرازيل، لن يكون بديلا عن العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة وأوروبا، على الأقل في العقدين المقبلين، لكنها ستكون موازية لها".

 

المصدر | عادل العضايلة/ جيوبوليتيكال مونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديد