ترميم العلاقات وإنعاش التطبيع.. هل نجح بلينكن في زيارة الأيام الثلاثة بالسعودية؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 619
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مثلت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى السعودية، والتي استمرت من 6 إلى 8 يونيو/حزيران الجاري، محاولة من واشنطن لإعادة ترتيب المشهد مع الرياض بعد أن تبعثرت ملامحه بفعل تطورات إقليمية ودولية، وذهب الوزير الأمريكي إلى الرياض ومعه أجندة مكونة من صفحتين فقط، الأولى تتعلق بمحاولة ترميم العلاقات الأمريكية السعودية، أما الثانية فكانت محاولة تحقيق اختراق بملف التطبيع السعودي الإسرائيلي المنتظر.

وبعد لقاءات مع مسؤولين سعوديين، أبرزهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، جاءت لغة بلينكن، خلال المؤتمر الصحفي الختامي الذي عقده، الخميس، مع بن فرحان، لتشير إلى استمرار عقبات في طريق ما كانت واشنطن تريد إنجازه من هذه الزيارة.

مؤتمر بلينكن - بن فرحان

وخلال المؤتمر، أكد بلينكن على التنسيق والشراكة بين البلدين، ووصفهما بالحليفين الاستراتيجيين.

وتطرق الوزيران، خلال المؤتمر، لجملة من القضايا منها عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، والأزمة السودانية، وملف التطبيع مع إسرائيل.

لا نخير السعودية بيننا وبين الصين

كما أعلن بلينكن أن بلاده لا "تخير أحدا بينها وبين الصين"، مركزا على فوائد الشراكة والأجندة المتفق عليها" مع السعودية. 

وكان واضحا أن بلينكن يهدف، من تصريحاته خلال المؤتمر الصحفي، إلى إظهار جبهة موحدة مع السعودية، حليف بلاده الاستراتيجي، رغم الخلافات بينهما.

من جانبه، قلل وزير الخارجية السعودي من أهمية التحليلات التي تفيد بأن بلاده تتقرب من بكين على حساب العلاقة مع واشنطن. وقال: "لا يزال لدينا شراكة أمنية قوية مع الولايات المتحدة يتم تجديدها بشكل يومي تقريبا"، رغم ترجيحه تنامي التعاون مع الصين.

وأضاف الوزير السعودي: "نحن جميعا قادرون على إقامة شراكات والتزامات متعددة".

وفي السنوات الأخيرة، توترت العلاقات الأمريكية السعودية بعد تداعيات اغتيال الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، ولاحقا بعد رفض أكبر مصدر للنفط خفض الإنتاج للمساهمة في تخفيف ارتفاع أسعار الطاقة بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا.

عودة الأسد للجامعة العربية

وحاول بلينكن التخفيف من حدة نقاط خلافية أخرى، خصوصا بشأن النظام السوري، بعد إعادته إلى جامعة الدول العربية مؤخرا وتطبيع الرياض العلاقات معه.

وأكد بلينكن أن بلاده لا تؤيد إعادة تأهيل النظام السوري ضمن الصف العربي، لكنها توافق على الأهداف المتمثلة بالعمل على آلية سلام والتصدي لظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" من جديد، والسماح بالوصول إلى المساعدات الإنسانية ومواجهة تهريب المخدرات.

وقال: "يجب أن أعترف بأننا نشك في استعداد بشار الأسد لاتخاذ الخطوات اللازمة، لكننا نتفق مع شركائنا هنا حول ماهية هذه الخطوات وعلى الأهداف النهائية".

بدوره، دافع بن فرحان عن دعوة الأسد إلى القمة العربية التي انعقدت الشهر الماضي في جدة قائلا إن "الوضع الذي كان قائما لم يكن مجديا، إنما كان يخلق عبئا متزايدا على دول المنطقة وعلى الشعب السوري".

ووضعت الدول العربية مسائل أساسية على طاولة النقاشات مع دمشق، بينها أزمة اللجوء السوري خصوصا في دول الجوار، ومكافحة تهريب المخدرات التي تعد أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية خصوصا السعودية، التي باتت سوقا رئيسية لحبوب الكبتاجون المصنعة بشكل رئيسي في سوريا.

واعتبر بن فرحان أن هذه المسائل تتطلب "حوارا مع دمشق"، مضيفا: "نعتقد أن هذا المسار يمكن أن يحقق نتائج لم تحققها مسارات أخرى".

 

أزمة السودان

وفي ما يخص السودان، أقر بلينكن بأن المساعي السعودية الأمريكية لوضع حد للنزاع لم تحقق "نجاحا كاملا"، لأن الطرفين المتحاربين لم يلتزما، لكنه أكد أن التعاون مع الولايات المتحدة مستمر مع احتمال التوصل إلى "هدنة أخرى".

التطبيع السعودي الإسرائيلي

هنا كانت التصريحات من نصيب وزير الخارجية السعودي الذي كرر موقف بلاده الرافض لهذه الخطوة قبل إيجاد حل للقضية الفلسطينية..

وبعد أن قال بلينكن إن واشنطن تعمل على تكامل إسرائيل في الشرق الأوسط، وتعميق الاتفاقات الموجودة أصلا وتوسيعها، رد بن فرحان بالقول: "نُؤمِن بأنّ التّطبيع مع إسرائيل سيُفيد الجميع، ولكن بُدون سلامٍ للشّعب الفِلسطيني، وحُصوله على دولةٍ مُستقلّة، فإنّ فوائد التّطبيع ستكون محدودة".

النووي السعودي

هنا تحدث الوزير السعودي قائلا إن الرياض تطور بالفعل برنامجها النووي السلمي للاستخدام المحلي، وقال إن واشنطن ودولا أخرى تريد المشاركة في تطوير هذا البرنامج.

ويبدو أن تصريحات بن فرحان كانت تمثل ردا غير مباشر على أخرى صدرت عن وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس، رفض خلالها تقديم تل أبيب خبراتها النووية للسعودية.

إيران

أما فيما يتعلق بإيران وبرنامجها النووي، فقال وزير الخارجية الأمريكي إنهم ينسقون مع دول المنطقة لمواجهة "سلوك إيران المزعزع للاستقرار".

اجتماع مع وزراء خارجية دول الخليج

وشارك بلينكن، في 7 يونيو، في اجتماع مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أكد الوزير الأمريكي أن بلاده لا تزال ملتزمة تجاه شركائها في منطقة الخليج.

وناقش الاجتماع علاقات التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، والأوضاع السياسية في المنطقة، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وقال بلينكن، موجها حديثه للوزراء الخليجيين: "الولايات المتحدة موجودة في هذه المنطقة لتقول إننا لا نزال منخرطين بعمق في الشراكة معكم جميعاً".

وضمّ جدول أعمال الاجتماع الوزاري الذي انعقد في مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض، تطورات الأوضاع في المنطقة، بما في ذلك الصراعات في اليمن والسودان وسوريا والأراضي الفلسطينية، علاوة على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.

وأشار بلينكن إلى أن دول "مجلس التعاون الخليجي هي جوهر رؤيتنا لشرق أوسط أكثر استقراراً وأماناً وازدهاراً".

وأكد أن الولايات المتحدة ودول الخليج "تعمل معا، للتوصل إلى حلّ للنزاع في اليمن".

وفي 8 يونيو، انطلقت في الرياض أعمال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وبحث الاجتماع الجهود الدولية لمكافحة التنظيم في قارة أفريقيا، وآليات تقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية للدول التي تبذل جهودا في محاربته.

وخلال الاجتماع، حثت واشنطن والرياض الدول الغربية على استعادة مواطنيها الذين قاتلوا في صفوف التنظيم وعائلاتهم المحتجزين في سوريا والعراق.

تجاهل الإعلام السعودي

وكان لافتا، بحسب مراقبين، أن وسائل الإعلام السعودية تعاملت ببرود مع زيارة بلينكن إلى المملكة، حيث اكتفت الصحف السعودية بمتابعة أخبار الزيارة وتطوراتها على صفحاتها الداخلية، بينما احتلت أخبار جلب نجم ريال مدريد كريم بنزيما إلى فريق اتحاد جدة الصفحات الأولى.

يذكر أن أنتوني بلينكن كان ثاني مسؤول أمريكي يزور المملكة في غُضون شهر، حيث سبقه الجِنرال جيك سوليفان، مُستشار الأمن القومي الأمريكي الذي وصل إلى جدة في مايو/أيار الماضي، لمناقشة نفس الملفات تقريبا، وهي العلاقات السعودية الأمريكية، والتطبيع بين الرياض وتل أبيب.

 

المصدر | الخليج الجديد