معهد أمريكي: باكستان تأمل في دعم مالي سعودي مقابل تعزيز التعاون الأمني

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 778
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

"تأمل باكستان أن تكسب العلاقات الأمنية المعززة مع السعوديين دعماً مالياً لها"، هكذا خلص تحليل لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، لافتا إلى أنه قد لا يكون لدى إسلام آباد التي تعاني من ضائقة مالية خيار سوى التمسك بإمكانية إقامة شراكة دفاعية استراتيجية مع الرياض.

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، شرع رئيس هيئة أركان الجيش الباكستاني الجنرال "عاصم منير"، في رحلته الخارجية الأولى إلى السعودية، رغم عدم ظهور أي علامة على الاستقرار السياسي في باكستان، وفي ظل اقتصاد على حافة التخلف عن السداد، حيث تبذل النخب المدنية والعسكرية الباكستانية جهدًا جديدًا لجذب الدعم المالي السعودي.

تاريخيًا، بُنيت العلاقة السعودية الباكستانية على نظرة استراتيجية وأمنية مشتركة، حيث كانت العلاقات الثنائية في أوجها خلال الثمانينيات، حيث اتخذ البلدان مواقف مماثلة بشأن أفغانستان.

ومع نهاية الحرب الباردة، بدأت أهمية باكستان الاستراتيجية للمملكة في التدهور، ومع ذلك، فإن تقاربهم الاستراتيجي بشأن أفغانستان والنفور المتبادل من دور إيران هناك ساعد في استقرار العلاقة.

علاوة على ذلك، ظلت العلاقات بين النخبة المدنية العسكرية في باكستان والعائلة المالكة السعودية مصدرًا حيويًا لقوة العلاقة.

وبعد استقالة الجنرال برويز مشرف الذي كان حليفًا رئيسيًا للسعودية" في عام 2008، بدأت الديناميكية الشخصية في العلاقات السعودية الباكستانية تتبخر، وتم تمكين الأحزاب السياسية الموالية لإيران نسبيًا، مثل حزب الشعب الباكستاني، وبرز لاعبون سياسيون ليس لديهم أعباء شخصية تجاه المملكة، بما في ذلك عمران خان، الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 2018 إلى 2022.

علاوة على ذلك، فإن الأساليب التقليدية في السياسة، وزراعة النفوذ، وبناء الروايات أصبحت قديمة بسبب الصعود السريع لوسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية.

ونتيجة لذلك، حتى الشخصيات السياسية والدينية التي كانت تربطها علاقات عميقة بالمملكة، وجدت صعوبة في التحالف علنًا مع السعودية، وقد كشف ذلك تصويت البرلمان الباكستاني ضد الانضمام إلى التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن عام 2015.

وكشفت واقعة اليمن، والخلاف الخليجي مع قطر عام 2017، ورد الفعل السعودي على التوترات المتزايدة بين الهند وباكستان، عن تنافر متزايد بين السعودية وباكستان بشأن قضايا السياسة الخارجية الحرجة.

علاوة على ذلك، ومع توسع علاقة المملكة مع الهند، لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، سعت باكستان إلى تطوير علاقات بناءة أكثر مع إيران، وقد ساهم ذلك في التدهور التدريجي للمكون الاستراتيجي للعلاقات السعودية الباكستانية، مما أدى إلى تآكل "العلاقة الخاصة".

ولم تؤشر التغييرات داخل حظيرة السياسية السعودية، ولا سيما صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى تحول جيلي في السياسة السعودية فحسب، بل أحدثت أيضًا ثورة في فن الحكم السعودي.

وتعطي نظرة السياسة الخارجية لبن سلمان الأولوية للأهداف الاستراتيجية والجغرافيا السياسية، مما يجعل العلاقات الشخصية أقل أهمية.

وفي خضم هذه التطورات، لعبت الدبلوماسية الدفاعية لزعيمين متتاليين للجيش الباكستاني دورًا أساسيًا في الحفاظ على العلاقة، أولاً في أعقاب الجدل المثير للجدل حول اليمن في البرلمان الباكستاني، ولاحقًا عندما انتقد وزير الخارجية الباكستاني المملكة في عام 2020 لافتقارها إلى الدعم بعد أزمتها مع الهند في قضية كشمير.

ولكن كان التواصل بين النخب الأمنية الباكستانية وأفراد العائلة المالكة السعوديين، أمرًا بالغ الأهمية في تأمين حزمة مساعدات مالية سعودية بقيمة 3 مليارات دولار لباكستان في عام 2021.

وبعد إقالة خان من منصبه العام الماضي، قادت باكستان حكومة رئيس الوزراء شهباز شريف وهو موالية نسبيًا للسعودية.

وعلى الرغم من زيارات شهباز المتعددة إلى السعودية، والدعم الحاسم للقائد العسكري الباكستاني السابق المؤثر الجنرال قمر جاويد باجوا، وكذلك الإشارات السعودية الإيجابية، لم تتمكن حكومة شريف من الحصول على حزمة مساعدات أخرى من المملكة.

والعزاء الوحيد لباكستان كان الاتفاق على تسهيل نفطي بمليار دولار لتأجيل المدفوعات لمدة 10 أشهر بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، واتفاقية سعودية لنقل وديعة المملكة الحالية البالغة 3 مليارات دولار إلى البنك المركزي الباكستاني.

ويمكن تفسير تحفظ السعودية جزئيًا من خلال القرار الأخير بالتوقف عن منح أو ودائع مباشرة غير مشروطة للدول الحليفة والعمل بدلاً من ذلك جنبًا إلى جنب مع المؤسسات متعددة الأطراف لمساعدة هذه البلدان في تنفيذ الإصلاحات المالية.

ويشير هذا إلى أن أيام باكستان التي كانت تتلقى فيها عمليات الإنقاذ المالية بدون قيود قد ولت، وأن العلاقات الشخصية بين الكوادر الحاكمة على كلا الجانبين لن تكون عاملاً في صنع القرار، فيما يتعلق بالمساعدة بعد الآن.

وللحصول على حزمة مساعدات سعودية جديدة، تريد السعودية من باكستان أن تجدد التزامها بتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي وتحسين الحوكمة.

وما تبقى إذن هو العنصر الأمني للعلاقة السعودية الباكستانية، التي كانت مصدر قوة للعلاقات الثنائية لعقود.

يشير التحليل إلى أن قائد الجيش الباكستاني الجديد، الفريق عاصم منير، سبق له أن عمل في السعودية كضابط شاب، ورافق القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية في رحلات إلى المملكة بصفته المدير العام لوكالة المخابرات الداخلية القوية، مما منحه إفادة شاملة حول العلاقات الثنائية.

وبالنظر إلى خلفية منير، ليس من المستغرب أن يقوم بزيارة المملكة في أول رحلة له إلى الخارج.

يبدو أن قائد الجيش الجديد يواصل الدبلوماسية الدفاعية لأسلافه مع دول الخليج في محاولة لتأمين المساعدة المالية، لا سيما من السعودية والإمارات.

قد تنجح جهود عاصم إذا تم قبول باكستان من جديد في برنامج صندوق النقد الدولي، وقد تقنع المملكة في نهاية المطاف بتجاوز نهجها الجديد الخاص بالمساعدات الخارجية، ليبقى السؤال: "ما الذي يمكن أن تقدمه باكستان للسعودية مقابل سخائها؟".

وحسب التحليل، "لا تزال خيارات باكستان محدودة، فقد عززت إسلام أباد بالفعل وجودها العسكري في السعودية، ونشرت قوات في المملكة في (مهمة تدريب وتقديم المشورة) في عام 2018".

ويتابع: "من غير المرجح أن يتغير دور هذه الوحدة، على الرغم من إمكانية زيادة حجمها".

ويزيد: "كما تجري باكستان بشكل روتيني مناورات مشتركة مع السعودية"، لافتة إلى زيادة كبيرة في التعاون الأمني الثنائي العام الماضي، حيث استضافت باكستان تدريبًا عسكريًا لمدة شهرين مع السعودية.

ويشير التحليل إلى لقاء المستشار العسكري السعودي اللواء طلال بن عبد الله العتيبي، مع وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، الشهر الماضي، والذي اتفقا فيه أن باكستان والسعودية "تتقدمان نحو علاقة دفاعية شاملة"، قبل أن يقترحا "اتفاقية تعاون استراتيجي شاملة" بين البلدين.

ويضيف: "كان تصريح آصف مهمًا لأنه، بخلاف اتفاقية عام 1982 للإشراف على نشر ما يقرب من 15000 جندي باكستاني في المملكة، لم توقع الرياض وإسلام أباد اتفاقًا دفاعيًا".

ولم يصدر أي تعليق من السعودية خارج طلب دعم الإنتاج الدفاعي من باكستان، لكن ربما تفكر الدولتان في إضفاء الطابع الرسمي على علاقتهما الدفاعية.

ويتابع التحليل: "يمكن أن يكون لمثل هذا التطور تداعيات على الأمن الإقليمي، مما يسهل على أصحاب المصلحة المدنيين والعسكريين في باكستان زيادة مشاركتهم الأمنية مع السعودية دون إثارة الكثير من المتاعب في الداخل".

ومع استمرار توقف المفاوضات لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة الاتفاق النووي مع إيران، أصبحت الديناميكيات الأمنية في الخليج أكثر تعقيدًا، إذا تم التوقيع على اتفاق رسمي، يمكن تمديد الشراكة الدفاعية الثنائية بحيث تشترك باكستان والسعودية في مظلة دفاعية مشتركة للردع الاستراتيجي.

كما قد ترغب باكستان التي تعاني من ضائقة مالية في البقاء بعيدًا عن هذا اللغز الأمني الإقليمي السعودي الإيراني.

ويختتم التحليل: "لكن مع وجود مساحة صغيرة للمناورة وتعميق المأزق الاقتصادي، قد لا يكون لدى باكستان خيار سوى نقل شراكتها الدفاعية مع السعودية إلى المستوى الاستراتيجي".

 

المصدر | معهد دول الخليج العربي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد