تطورات كاشفة.. هكذا نجت شراكة الرياض وواشنطن من عاصفة إنتاج النفط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 841
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قد تبدو العلاقات بين الطرفين تمر بعاصفة صعبة، لكن الكواليس تكشف، ليس فقط عن نجاة العلاقات الثنائية من العاصفة، بل مرورها بهدوء أقوى من أي وقت مضى..

هكذا وصف كبير الباحثين بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن "حسين أبيش" مؤشرات التطور الجاري في العلاقات السعودية الأمريكية،بعد أسابيع من تبادل الاتهامات بين واشنطن والرياض في أعقاب خفض إنتاج تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+"، الذي تقوده السعودية في 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وذكر "أبيش"، في مقال نشره بموقع "بلومبرج" وترجمه "الخليج الجديد"، أن أحدث مؤشر على تحسن العلاقات بين الرياض وواشنطن هو تدخل البيت الأبيض، الذي هدد باستخدام حق النقض الرئاسي، مما أجبر أعضاء مجلس الشيوخ على تأجيل التصويت على مشروع قانون يحظر دعم الولايات المتحدة للأنشطة العسكرية السعودية في اليمن.

وأضاف ان إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ركزت على تعريف مشروع القانون لتبادل المعلومات الاستخباراتية ودعم العمليات على أنها "أعمال عدائية"، قائلة إن هذا قد يلحق أضرارًا بالغة بالدعم الأمريكي لأوكرانيا وشركاء آخرين مثل إسرائيل.

ووصف "أبيش" هذا التبرير بأنه "سفسطة" أو ذريع تتكئ عليها إدارة "بايدن" للحفاظ على العلاقة الدفاعية مع السعودية، موضحا: "هناك فهم متزايد في الإدارة (الأمريكية) وبين البعض في الكونجرس مفاده أن العقبة الرئيسية أمام وقف دائم لإطلاق النار في اليمن تأتي من الحوثيين المدعومين من إيران وليس من السعودية".

وأضاف: "الأهم من ذلك، أن معظم الجادين بشأن الاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة أدركوا أن الميزة التنافسية للولايات المتحدة تعتمد على الحفاظ على الأمن في الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر على وجه الخصوص، إضافة إلى الممرات المائية الضيقة: قناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق هرمز".

أما الغضب بشأن تسعير النفط، فيرى "أبيش" أنه انتهى باجتماع "أوبك+ الأخير"، في 4 ديسمبر/كانون الأول، الذي أقر اتفاقا على مواصلة حصص الإنتاج المخفضة، المحددة في أكتوبر/تشرين الأول، دون رد فعل عنيف من الولايات المتحدة هذه المرة، "لأن السعوديين أثبتوا أنهم محقون في أن تخفيضات الإنتاج لن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار" حسب رأيه.

وأوضح: "السعر الحالي للجالون في المضخات حول الولايات المتحدة مقبول سياسياً واقتصادياً لإدارة بايدن. لم تتحقق المخاوف بشأن تعزيز الاقتصاد الروسي".

وأشار إلى أن الخلاف بين واشنطن والرياض، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتبط أيضا بالانتخابات النصفية للكونجرس، "حيث شك العديد من الديمقراطيين، دون دليل، في أن الرياض كانت تحاول مساعدة الجمهوريين"، معلقا: "بالنظر إلى أن تفوق الديمقراطيين بشكل مذهل (في الانتخابات)، أصبحت تلك الهواجس موضع نقاش. كان يمكن للسعوديين أن يحتلوا مكانة بارزة في أي لعبة إلقاء اللوم بعد هزيمة الديمقراطيين، لكن هذا لم يحدث".

وحتى زيارة زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى الرياض، التي شهدت قائمة طويلة من اتفاقيات التعاون المتبادل بين البلدين، لم تفعل شيئًا يذكر لاستعداء واشنطن، حسبما يرى "أبيش"، موضحا: "طالما أن العلاقات الصينية الخليجية العربية قائمة على التجارة والاستثمار وحتى مشاريع البنية التحتية التي ليس لها استخدامات عسكرية أو استخبارية محتملة ، فإن مثل هذه الاتفاقيات مقبولة لواشنطن".

بل إن "أبيش" يرى في اتفاقات السعودية والصين مصلحة أمريكية، موضحا: "في الواقع، إنهم (السعوديون) يساعدون في تقويض الشراكة بين الصين وإيران التي تشكل مصدر قلق طويل الأمد للولايات المتحدة".

وأشار إلى أن العلاقات الخليجية الصينية يمكن أن تمثل مصلحة أمريكية من زاوية أخرى، مشيرا إلى لعب السعودية والإمارات دور رئيسي في التوسط بتبادل الأسرى الذي أطلق سراح نجمة كرة السلة الأمريكية "بريتني جرينر" من سجن روسي.

كما لفت "أبيش" إلى أن الطائرات الامريكية انطلقت، في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في "تحليق حازم نحو إيران، ردع على ما يبدو هجومًا مخططًا ضد السعودية".

وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت إدارة "بايدن" أن ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان" يتمتع بحصانة من الدعاوى المدنية في المحاكم الأمريكية، ما يعني تحصينه من دعوى قتل الصحفي "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

ويخلص "أبيش" إلى أن الأشهر القليلة الماضية شهدت مرور العلاقات الأمريكية السعودية بسلسلة من الاختبارات المهمة، كان من الممكن أن يؤدي أي منها إلى ضرر كبير على المدى الطويل، لكن وراء الكواليس كشف أن العلاقة لم تمر بعملية إصلاح فقط، بل يتم إعادة تصورها من كلا الجانبين بطريقة تجعلها أقوى.

وأشار إلى أن "هناك فهم متزايد بين المتخصصين في الأمن القومي بكلا البلدين مفاده أن هذه علاقة شريكين يسعيان إلى أهداف مشتركة، مثل الأمن البحري الذي يفيد كلاهما، مع تقاسم الأعباء بينهما"، وهو ما ترسخ بهدوء لاحقا في وقت اعتقد الكثيرون أن الشراكة الأمريكية السعودية في طور موتها.

 

المصدر | بلومبرج - ترجمة وتحرير: الخليج الجديد