إعادة تقييم.. هكذا تهدد حرب أوكرانيا أمن الخليج وسط بيئة جيوسياسية متقلبة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 928
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

تتجاوز التداعيات الأمنية لحرب أوكرانيا حدود القارة الأوروبية، فقد قلبت هذه الحرب النظام الدولي رأسًا على عقب، وأدىت إلى تفاقم التوترات بين الناتو والغرب من جانب، وروسيا ومعها إيران والصين من ناحية أخرى.

ويمكن أن يكون لهذه الديناميات المتغيرة تداعيات أمنية جوهرية على دول مجلس التعاون الخليجي لذلك يجب تحليلها بدقة.

تعلمنا من التاريخ أنه إذا تجاهل العالم غزو قوة عظمى لأحد جيرانها الصغار، فستستمر الدولة الغازية في العدوان ضد الدول الأصغر الأخرى وقد تدفع القوى العظمى الأخرى أو القوى المتوسطة لفعل الشيء نفسه.

كان ضم روسيا للقرم في عام 2014 وتوسيع الصين لنفوذها في هونغ كونغ علامات تحذيرية، مفادها أن هذا العدوان قد يؤدي إلى حرب أكبر، ويفاقم الاستقطاب على مستوى العالم ويشعل الصراعات في ساحات أخرى.

 

سابقة قد تقلدها دول أخرى

انتهكت روسيا القوانين الدولية التي تم إرساؤها بعد الحرب العالمية الثانية لمنع احتلال دولة أخرى ذات سيادة، وستؤثر الأضرار التي لحقت بالنظام الدولي والناجمة عن هذا العدوان على دول مجلس التعاون الخليجي.

أثرت العقوبات الغرببية على الاقتصاد الروسي بشكل كبير، لكن هذا الأمر أضر أيضا بالاقتصادات الغربية، حيث تزايدت أسعار الغذاء والطاقة في جميع أنحاء العالم، فيما استفادت روسيا من القفزة في أسعار النفط والغاز.

وبينما أوقفت روسيا ضخ الغاز إلى أوروبا عبر خط "نورد ستريم 1" تعمل الدول الأوروبية بجد على إيجاد مصادر بديلة للطاقة وتقليل الاستهلاك المحلي.

وجعل هذا الصدام بشأن الطاقة دول مجلس التعاون الخليجي نقطة ارتكاز مهمة في الصراع، فقد ضغط كل من المسؤولين الروسيين والأوروبيين على قادة مجلس التعاون الخليجي لتبني "سياسات بشأن الطاقة" تخدم مواقفهم.

لا يخفى على أحد أن دول مجلس التعاون الخليجي موقفها صعب بين روسيا والغرب، حيث إن أخذ جانب أو حتى البقاء على الحياد قد يكون له عواقب أمنية خطيرة.

ويمكن أن يحفز الغزو الروسي لأوكرانيا أيضًا توجهًا دوليًا للقوى العظمى أو المتوسطة لاستخدام المخاوف الأمنية كذريعة لغزو أو زعزعة استقرار الدول الأصغر المجاورة.

وتعد دول الخليج محاطة بالعديد من القوى التي بررت تدخلاتها في البلدان المجاورة بذرائع التهديدات الدينية أو التاريخية أو الإثنية، وأوضح الأمثلة على ذلك إيران وتركيا حيث تتدخل كلتاهما في في الدول المجاورة لهما، بشكل مباشر أو غير مباشر.

وليس من المستبعد أن تستخدم طهران وكلاءها لإثارة النزاعات داخل مجلس التعاون الخليجي أو التسبب في اضطراب أو تعطيل إمدادات الطاقة عن طريق إغلاق المجاري المائية.

 

تهديد تراجع النفط

هناك متغيران رئيسيان بالنظر إلى مستقبل أمن دول مجلس التعاون الخليجي.

ويتمثل المتغير الأول في أسعار النفط والطاقة. ويتوقع الخبراء أن تظل أسعار النفط مرتفعة بدرجة تكفي للحفاظ على اقتصادات دول الخليج على مدار العقود المقبلة. ومع ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا حفزت الدول الغربية لزيادة البحث وتطوير مصادر الطاقة البديلة.

وتشمل بعض هذه البدائل إحياء الاعتماد على الطاقة النووية وإيجاد طرق جديدة لاستخدام الطاقة المتجددة. في النهاية، ستنخفض قيمة النفط حتماً، لكن أسعار السلع والخدمات ستبقى مرتفعة.

وبالتالي، سيؤدي تراجع الإيرادات إلى جانب تفاقم التضخم إلى ضغوط شديدة على الاقتصادات الخليجية، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الوضع إلى أزمات سياسية واجتماعية. حتى الآن، فشلت الجهود المبذولة في إصلاح الاقتصادات الخليجية للتعامل مع هذا التهديد.

أما المتغير الثاني فيتلخص في أن غزو روسيا لأوكرانيا ومضايقات الصين لتايوان منحت قوى أخرى أصغر شهية لتوسيع نفوذها إما من خلال الغزو أو توسيع النفوذ استنادًا على الذرائع الدينية أو التاريخية.

وتتجلى التجربة الأحدث في الخليج في محاولة إيران بسط نفوذها في المنطقة. وتستغل السياسة الإيرانية بنجاح التوترات الطائفية في المنطقة لخدمة أهداف السياسة الخارجية للبلاد.

وبالمثل، استغلت تركيا العديد من الفرص لزيادة نفوذها في شمال العراق وسوريا كما وسعت نفوذها في دول لا تشترك معها في الحدود مثل ليبيا وأذربيجان.

يشار إلى أن التطورات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي خلقت طرقًا جديدة للتدريب عن بُعد للمجموعات المسلحة مما يجعل التغلغل السري أسهل بكثير.

 

الافتقار للإرادة السياسية

يفتقر الخليج حاليًا إلى الإرادة السياسية والقدرة على حماية المنطقة من التهديدات الأمنية الناشئة في هذه البيئة الجديدة والمتقلبة، لهذا يجب على دول مجلس التعاون الخليجي تطوير منظومة لدعم بعضها البعض وردع التهديدات الأمنية الجديدة.

وتعد بعض دول المنطقة أكثر عرضة للخطر من غيرها، حيث تفتقر إلى القوات والحجم اللازمين لردع أي غزو. وسيؤثر زعزعة استقرار بلد واحد على دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لهذا يجب أن تأخذ دول الخليج على عاتقها حماية نفسها في نظام دولي سريع التغير.

 

المصدر | محمد الرميحي/ منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد