موازنة أوبك+.. قرار زيادة إنتاج النفط يعكس تعقيد الحسابات السياسية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1238
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في 31 مايو/أيار، وصل وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" إلى السعودية لحضور اجتماع مع وزراء الخارجية في مجلس التعاون الخليجي. وخلال هذه الأثناء كانت دول الخليج في حيرة بين شراكتها التاريخية مع واشنطن والعلاقات الاقتصادية والسياسية التي بنتها مع موسكو خلال السنوات الأخيرة.

وفي أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا، اختارت دول الخليج عدم دعم العقوبات الغربية ضد روسيا، في حين امتنع اللاعبون الرئيسيون مثل السعودية والإمارات عن إدانة غزو أوكرانيا تمامًا.

وكانت زيارة "لافروف" تهدف إلى توسيع قنوات الحوار والتنسيق مع مجلس التعاون الخليجي خاصة فيما يخص إنتاج النفط. وبعد الزيارة بيوم، أعلنت "أوبك" عن دفعة في إنتاج النفط لكنها لم تكن على مستوى ارتفاع الطلب العالمي الناجم عن العقوبات.

ويمكن اعتبار هذا القرار نتيجة موازنة بين 3 أمور في الوقت ذاته: الرغبة في زيادة إيرادات النفط، واستيعاب مطالب الولايات المتحدة جزئيا، وتجنب أي تحركات يمكن أن تقوض روسيا بشكل خطير في هذه اللحظة.

وكان هناك موضوع نقاش آخر في الاجتماع بين "لافروف" ووزراء الخارجية في مجلس التعاون الخليجي، وهو الملف الإيراني في ضوء توقف المفاوضات حول إحياء الاتفاق النووي.

 

تأمين نتيجة "غير سلبية" لروسيا

قالت "كيارا لوفوتي" الزميلة الباحثة ومنسقة دراسات الشرق الأوسط في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية: "لقاء لافروف مع وزراء مجلس التعاون الخليجي لا يمثل مفاجأة. التوقيت مهم هنا. حيث جاءت الزيارة قبل يوم من اجتماع أوبك+ والذي كان من المقرر أن يناقش ضخ المزيد من النفط لمعالجة نقص الطاقة العالمي الناجم عن العقوبات الغربية ضد روسيا".

وأضافت: "بالرغم أن الزيادة في الإنتاج محدودة للغاية - ومقررة فقط لشهري يوليو/تموز وأغسطس/آب - فإن هذا القرار يمثل تراجعًا عن السياسات الأخيرة للتكتل. لذلك يبدو أن لافروف حاول تأمين نتيجة غير سلبية للغاية بالنسبة لروسيا".

يشار إلى أن تعزيز التجارة غير النفطية (وسط العقوبات) كانت على أجندة كما لقاء "لافرورف" مع المسؤولين في الخليج.

وقال السفير "باتريك ثيروس" المستشار السياسي والباحث في منتدى الخليج الدولي إن "اجتماعات لافروف مع رئيس الإمارات محمد بن زايد والأمير السعودي محمد بن سلمان تسلط الضوء على التحديات التي يواجهها الزعيمان".

وأردف قائلًا: "أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعقيد التحدي الذي يواجه كلا الزعيمين: كيفية التوفيق بين ترتيبات أوبك+ المربحة بشكل كبير مع المطالب الغربية بتعزيز الإنتاج لتقليل التضخم ونفوذ روسيا".

وأضاف أن "عدم اليقين حول إحياء الاتفاق النووي والخوف من تراجع التزامات الولايات المتحدة في المنطقة يقلق الزعيمين ويتطلب منهما الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا، وهي الدولة القوية الوحيدة التي لها تأثير على طهران. ويبدو أن قرار أوبك+ الأخير مصمم للحفاظ على ارتفاع الأسعار مع تسجيل نقاط علاقات عامة كافية لإغراء بايدن بزيارة بن سلمان في الرياض".

 

قرار بلا تأثير كبير على أسواق النفط

في هذا السياق، قالت "مريم سلمان" المستشارة في شركة "قمر" للطاقة في دبي: "قرار أوبك بتصعيد الزيادات في الإنتاج خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب يبدو أنه جرى موازنته باستيعاب طلبات روسيا قبل اجتماع أوبك+ باستثنائها من الالتزامات فيما يتعلق بإنتاج النفط (كالأعضاء المعفين بالفعل مثل فنزويلا وإيران وليبيا) مع إدراك دول أوبك عجز موسكو عن الوفاء بالمستويات المسموح بها (أنتجت روسيا بالفعل 9.14 مليون برميل في أبريل/نيسان أي أقل بكثير من الـ 10.43 مليون برميلًا يوميًا المتاحة لها). ويرجح أن تأتي معظم الزيادات المقررة من السعودية والإمارات".

ثم استدركت الخبيرة قائلة: "ومع ذلك، قد لا يكون لذلك تأثير كبير على الأسواق بسبب استمرار الأداء الضعيف لأعضاء أوبك+ والطلب المتزايد المدفوع بمجموعة من الأسباب، ليس أقلها حظر الاتحاد الأوروبي لـ 90% من الإمدادات الروسية حتى نهاية عام 2022".

وأضافت: "سترغب موسكو في أن تتماسك الاتفاقية لإبقاء الأسعار مرتفعة بما يكفي لجعل واشنطن وبروكسل تعيدان النظر في العقوبات على نفطها. ويرجع اهتمام روسيا بالصفقة أيضًا إلى حاجتها إلى توليد أكبر قدر من الإيرادات من التدفقات المحدودة إلى الأسواق التعويضية مثل تركيا والهند والصين".

وقال "إيفان بوكاروف" الباحث في مجلس الشؤون الدولية الروسية: "إن انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط عزز رغبة دول مجلس التعاون الخليجي في إنشاء تحالفات أمنية داخل المنطقة والبحث عن ضامن أمني آخر، وربما تتناسب روسيا مع هذا الدور بالرغم أن الصراع في أوكرانيا يضع هذا الأمر موضع تساؤل".

وأردف: "تتوقع دول مجلس التعاون الخليجي أن تؤثر موسكو على إيران، مما يحد من المخاطر التي تشكلها. ولكن تظل قدرة موسكو على التأثير على طهران محدودة بالرغم أن روسيا تحاول أن تظهر لدول مجلس التعاون الخليجي قدرتها على التأثير على مصير الاتفاق النووي الإيراني". 

 

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد