ستراتفور: وقف إطلاق النار في اليمن هش.. وهذه اتجاهات التصعيد المحتمل
يواجه وقف إطلاق النار الحالي في اليمن عقبات كبيرة أمام التحول إلى سلام دائم مما يشير إلى مزيد من القتال في المستقبل بما في ذلك توسيع الهجمات ضد السعودية والإمارات.
وفي 2 أبريل/نيسان، أعلنت الأمم المتحدة أن الأطراف المتحاربة في اليمن اتفقت على وقف إطلاق النار لمدة شهرين مع تفاهمات على تبادل الأسرى وإعادة فتح مطار صنعاء والسماح للسفن بتزويد الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون بالوقود. لكن بالرغم من الهدنة، تم الإبلاغ عن انتهاكات خاصة حول مدينة مأرب.
وما لم يتراجع الحوثيون عن هجومهم أو يخسر التحالف الذي تقوده السعودية، لن تتحول هذه الهدنة المؤقتة إلى اتفاق دائم. ومن المرجح أن يستغل كل طرف وقف إطلاق النار للاستعداد لجولة أخرى من القتال، وسيحاول الحوثيون تنفيذ المزيد من الهجمات التي تستهدف الاقتصاد السعودي والإماراتي، فيما ستحاول الرياض وأبوظبي إقناع الولايات المتحدة بتزويدهما بمزيد من الدعم اللوجستي والعسكري لتغيير ميزان المعركة لصالحهما.
ومن بين دوافع وقف إطلاق النار دخول شهر رمضان، الذي أعطى الأطراف المتحاربة ذريعة دينية للحد من القتال، والارتفاع المحتمل في أسعار المواد الغذائية والوقود بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وعدم وجود مساعدات دولية لليمن. ويبدو أن هذه الدوافع شجعت الحوثيين على دعم وقف إطلاق النار من أجل جلب المساعدات الإنسانية إلى الأراضي التي يسيطرون عليها.
وقبل وقف إطلاق النار، ركز الحوثيون على الإضرار بالاقتصاد السعودي والإماراتي. وتعمد الحوثيون إرسال رسائل مفادها أن الإمارات ليست آمنة للاستثمار من خلال هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على أبوظبي في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى فبراير/شباط.
وفي 25 مارس/آذار، قصف الحوثيون منشأة "أرامكو" السعودية في جدة بينما كان سباق "الفورمولا 1" قيد الانطلاق. وفي كل من الإمارات والسعودية، لم تكن ضربات الحوثيين تهدف إلى التسبب في خسائر مدنية واسعة النطاق، الأمر الذي من شأنه أن يحول الرأي العام الدولي لصالح السعوديين ويحفز الولايات المتحدة على دعم رد انتقامي من التحالف.
وبدون تخلي أي من طرفي الصراع عن مأرب، من المرجح أن يكون هناك مزيد من القتال، خاصة بعد انتهاء شهر رمضان. وطالما أن قوات التحالف والحوثيين قريبون من بعضهم البعض في مأرب، فمن المرجح أن تكون هناك انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار.وبمجرد انتهاء عيد الفطر، يمكن أن تتجدد هجمات الحوثيين على السعودية والإمارات دون الانتظار إلى انتهاء فترة وقف إطلاق النار.
من غير المرجح أن يقوم الحوثيون بتصعيد ضرباتهم لإلحاق خسائر كبيرة في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بمنشآت الطاقة خوفًا من إعادة الولايات المتحدة إلى دور نشط في دعم التحالف الذي تقوده السعودية.
ولم يُظهر الحوثيون بعد استعدادهم للتخلي عن هجومهم على مأرب، والذي إذا تم الاستيلاء عليها سيساعد الحوثيين على السيطرة على معظم الأراضي التي كانت تمثل اليمن الشمالي. ولا تزال تعز، وهي أيضًا مدينة رئيسية سابقة في اليمن الشمالي، تحت سيطرة التحالف مما يعني أن سقوط مأرب قد لا ينهي الحرب.
ويمكن أن يخطط الحوثيون لتنفيذ هجمات خلال بعض الأحداث البارزة مثل الأعياد الوطنية للسعوديين والإماراتيين (في سبتمبر وديسمبر على التوالي) وكذلك خلال كأس العالم في الخريف (عندما تستضيف الإمارات آلاف السياح الذين سيسافرون إلى قطر) وغيرها من الأحداث الرياضية والثقافية البارزة.
وقد يقرر الحوثيون أيضًا ضرب البنية التحتية للطاقة الإماراتية على نطاق أوسع، مثل منشآت معالجة الغاز في جزيرة داس أو عمليات التكرير في الرويس، وكلاهما يقع في نطاق الهجوم.
وإذا عاد الحوثيون إلى حملة متصاعدة ضد البلدين، فمن المرجح أن تستوعب السعودية والإمارات الهجمات بدلاً من التصعيد على أمل الضغط على الولايات المتحدة لتزويدهم بمزيد من المساعدات العسكرية الكبيرة. ومن المرجح أن يشمل هذا الدعم الأمريكي دعما لوجستيا وعسكريا واستخباراتيا لكسر حصار مأرب، مما يسمح للتحالف بالتقدم ضد الحوثيين نحو ميناء الحديدة على البحر الأحمر و/أو إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (وهو قرار من شأنه أن يعيق جهود الحوثيين في جلب البضائع للمدنيين مما يهدد سلطة الحركة في الشمال).
وتفتقر الرياض وأبوظبي إلى القوة العسكرية اللازمة لإخراج الحوثيين بالكامل من الشمال، مما يحد من قدرتهم على اتخاذ إجراءات أحادية الجانب. وقد يساعد الدعم الخارجي من الولايات المتحدة في تعويض النقص في المعدات العسكرية والقوات. لكن الولايات المتحدة لن تعود إلى دعم حملة التحالف ضد الحوثيين إلا إذا تسبب الحوثيون في خسائر كبيرة لدول الخليج العربي أو إذا فشلت المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران وكان هناك تصعيد إقليمي مع إيران.
ويمكن أن تتسبب ضربات الحوثيين على السعودية والإمارات بطريق الخطأ في أضرار أكثر مما هو مقصود، لا سيما إذا ضربت منطقة مدنية وتسببت في وقوع إصابات أو دمرت البنية التحتية للطاقة مما يؤدى إلى انقطاع كبير في الإمدادات. وفي حين أنه من غير المحتمل أن يستهدف الحوثيون عن قصد حدثًا دوليًا أو موقعًا يتردد عليه الغربيون، فإن صاروخًا طائشًا أو طائرة بدون طيار قد يؤدي أيضًا إلى وقوع إصابات غير مقصودة.
أخيرًا، سينضم الحوثيون إلى إيران في تصعيد إقليمي محتمل ضد أهداف في دول الخليج العربي إذا انهارت المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران. ويمكن تصميم هذا التصعيد للضغط على الولايات المتحدة من خلال تهديد أسواق الطاقة على نطاق أوسع وهو الأمر الذي يعد حساسا للغاية بالنسبة لواشنطن في هذه المرحلة حيث أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع الأسعار بينما رفضت "أوبك +"اتخاذ إجراءات استثنائية بشأن زيادة الإنتاج.
ومن غير المرجح أن تنطوي زيادة الدعم الأمريكي على مشاركة أمريكية مباشرة، لكن يمكن للولايات المتحدة إعادة تزويد طائرات التحالف بالوقود، وزيادة مبيعات الأسلحة، وتوفير المعلومات الاستخبارية، و/أو إعطاء الضوء الأخضر لحملة قصف متصاعدة ضد أهداف حوثية.
المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد