السعودية تنحاز إلى بوتين ضد بايدن بمعركة النفط وسط حرب أوكرانيا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1070
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

قررت السعودية رفض طلبات متكررة من الولايات المتحدة للمساعدة في مواجهة الارتفاع السريع لأسعار النفط إلى مستويات قياسية نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية، بالرغم من أنها الدولة الوحيدة التي لديها إنتاج نفطي احتياطي كاف لوقف الارتفاع إلى أعلى مستوى في 8 أعوام.

وتعد السعودية وروسيا والولايات المتحدة أكبر 3 دول مصدرة للنفط في العالم، حيث توفر مجتمعة 30% من الطلب العالمي.

لكن السعودية هي الوحيدة التي لديها القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة، بما يصل إلى 2 مليون برميل إضافي يوميا وأكثر على الفور.

وتعرضت الحكومة السعودية لضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لاستخدام نفوذها لخفض الأسعار.

لكن الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد "محمد بن سلمان"، لم يرغب في الإضرار بالعلاقات التي اجتهد في بنائها مع روسيا.

ووصلت الأسعار إلى أكثر من 110 دولار للبرميل، بارتفاع كبير عن الانخفاضات التي وصلت إليها الأسعار منذ بداية جائحة فيروس كورونا قبل عامين، عندما انهارت الأسعار في وقت ما في أبريل/نيسان 2020 وانخفضت إلى ما دون الصفر.

ومن الواضح أن "بن سلمان" يشعر أنه لا يدين بأي شيء شخصيا لـ "بايدن"، الذي رفض التحدث معه بسبب خلافهما حول تورط الأول في اغتيال الصحفي السعودي البارز "جمال خاشقجي".

وبالإضافة إلى ذلك، أبدت السعودية اهتماما أقل فأقل بالتعاون مع الولايات المتحدة في المسائل النفطية حيث أصبحت مُصدرا منافسا للنفط.

وتصدر الشركات الأمريكية حاليا حوالي 3 ملايين برميل يوميا، مقارنة بـ 6.8 مليون برميل تصدرهم المملكة. لكنها تنتج حاليا ما يقرب من مليون برميل إضافي مقارنة بالسعوديين الذين يحدون عمدا من إنتاجهم لمواصلة تعزيز رفع الأسعار.

من ناحية أخرى، جعل النفط "محمد بن سلمان" والرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أقرب من أي وقت مضى، على الأقل فيما يتعلق بالمسائل النفطية.

وتقود كل من السعودية وروسيا مجموعة من منتجي النفط الذين توصلوا إلى كيفية العمل معا للحفاظ على ارتفاع الأسعار.

وترأس الأولى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، المكونة من 13 عضوا، وتترأس الأخيرة مجموعة من 10 منتجين من خارج "أوبك"، ويعمل الجميع معا تحت اسم "أوبك +".

وفي البداية انعكس انحياز الأمير السعودي لـ "بوتين" على حساب "بايدن" في صمت السعودية بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويمكن تفسير ذلك جزئيا في رغبة المملكة في أن تتغاضى روسيا أيضا عن غزوها لليمن المجاور، حيث تتشابه دوافع الزعيمان الذين قالا إن تحركهما كان مدفوعا بالعلاقات التاريخية ومخاوف الأمن القومي.

وفي اجتماع طارئ، الأربعاء الماضي، صوت الـ 23 منتجا للنفط على التمسك بخطتهم لزيادة إنتاجهم الجماعي بمقدار 400 ألف برميل فقط يوميا كل شهر.

وبهذا لم يبدوا أي اهتمام بخفض الأسعار أو بإنقاذ دول أوروبا الغربية التي تواجه انخفاضا في وارداتها النفطية الروسية، التي تمثل نحو 30% من إجمالي استهلاكها.

وفي ما يتعلق بالنفط، فقد تحولت العلاقات الأمريكية السعودية من كونها تعاونية إلى حد ما إلى عدائية صريحة، حيث طورت الشركات الأمريكية طرقا جديدة لاستخراج النفط والغاز من رواسب الصخر الزيتي "النفط الصخري".

وقد أدى ذلك إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام من 5.2 مليون برميل يوميا في 2005 إلى أكثر من 12 مليون برميل، قبل أن يتسبب الوباء في انهيار الاقتصاد العالمي في أوائل عام 2020.

وحدث هذا تماما في الوقت الذي كانت فيه السعودية وروسيا في مواجهة بشأن زيادة الإنتاج.

وفي لعبة لاستعراض القوة، قرر السعوديون في مارس/آذار من ذلك العام إغراق السوق بمزيد من النفط لفرض إرادتهم على روسيا، وزادوا إنتاجهم من 9.7 مليون برميل يوميا إلى 12.3 مليون برميل يوميا.

وفي الوقت نفسه، قرروا محاولة إخراج الشركات الأمريكية من العمل.

لذلك في مارس/آذار 2020، استأجروا 20 ناقلة عملاقة حملت 40 مليون برميل من النفط إلى الولايات المتحدة، حيث تم ضخها لإغراق سوق مشبعة بالفعل.

وكان تأثير تلك الخطوة دراماتيكيا.

ففي 20 أبريل/نيسان، انخفض سعر برميل النفط في بورصة نيويورك التجارية فعليا إلى 37.63 دولارا تحت الصفر، وهو مستوى لم يسمع به من قبل.

وحقق إغراق السوق بالنفط، بالإضافة إلى الركود الناجم عن الوباء، الهدف السعودي؛ فقد خرجت العشرات من شركات التكسير الهيدروليكي الصغيرة من العمل وانخفض إنتاج الولايات المتحدة بأكثر من 2 مليون برميل يوميا.

ومنذ ذلك الحين، اختار ولي العهد السعودي ووزير نفطه، الأمير "عبدالعزيز بن سلمان"، أخيه غير الشقيق، العمل مع روسيا و"أوبك +" للرد على أي طلبات للمساعدة من البيت الأبيض.

وحتى قبل الأزمة الأوكرانية، كان "بايدن" يضغط على السعودية لفتح صنبور نفطها للمساعدة في تخفيف ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، وهي أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم الذي ساعد على تقويض مكانته في استطلاعات الرأي.

حتى أن "بايدن" أجرى مكالمة هاتفية نادرة مع الملك "سلمان" في أوائل فبراير/شباط الماضي لإقناعه بإرسال المزيد من النفط السعودي.

ووفقا لرواية البيت الأبيض، "التزم الزعيمان في محادثتهما بضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية".

لكن بعد أسبوع، أوضح وزير النفط السعودي أن بلاده ملتزمة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه لأول مرة في يوليو/تموز 2021 بين 23 دولة عضو في "أوبك +" لاستعادة إنتاجها الجماعي الشهري ببطء فقط بمعدل 400 ألف برميل إضافي يوميا.

وتم تجديد هذه الاتفاقية مرارا وتكرارا منذ ذلك الحين.

وأصدرت "أوبك +" في اجتماعها، الأربعاء، الذي استمر 15 دقيقة فقط، بيانا تبرئ فيها نفسها من أي مسؤولية عن تصاعد أسعار النفط، وأعلنت أن سوق النفط "متوازن بشكل جيد"، وألقت باللائمة في تقلب الأسعار على "التطورات الجيوسياسية الحالية".

لكن لم يكن هناك ذكر لأوكرانيا.

المصدر | ديفيد أوتاواي/مركز ويلسون - ترجمة وتحرير الخليج الجديد