كيف تؤثر حرب اليمن في بوصلة العلاقات بين الصين ودول الخليج؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1054
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مع اندلاع حرب اليمن في 2015، اتخذت الصين موقفا من الصراع يميل إلى دعم أي جهود تحقق الاستقرار بما يخدم مبادرة الحزام والطريق في المنطقة.

وزار الرئيس الصيني "شي جين بينغ" السعودية في يناير/كانون الثاني 2016، مؤكدا اعتراف الصين بالحكومة اليمنية المدعومة من مجلس التعاون الخليجي التي أجبرها الحوثيون على العمل من المنفي في أواخر عام 2014.

وأظهر ذلك ثقة الصين في دول مجلس التعاون الخليجي والتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات لتحقيق الاستقرار في اليمن. وقد خسرت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية معظم الأصول الاقتصادية والعسكرية لصالح الحوثيين المتحالفين مع إيران، وكان اعتمادها على الرياض يعني أن عودتها إلى السلطة ستكون بإشراف دول مجلس التعاون الخليجي إلى حد كبير. 

من الناحية الجغرافية، فإن ثقة الصين في دول مجلس التعاون الخليجي منطقية حيث يعتبر الخليج بوابة إلى الشرق الأوسط فيما يخص مبادرة الحزام والطريق الصينية التي يمر أكبر مكوناتها (الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني) عبر بحر العرب مباشرة.

كما أن الهياكل السياسية الصارمة في دول مجلس التعاون الخليجي والحوكمة المركزية الاستبدادية تجعل من دول الخليج أطرافا موثوقة يمكن الاعتماد عليها في مبادرات طويلة الأجل دون مخاوف من التغيير السياسي.

وكما أشار "جوناثان فولتون"، مؤلف كتاب "علاقات الصين مع دول الخليج"، فقد قامت دول الخليج بمزامنة خطط التنمية الخاصة بها مع مبادرة الحزام والطريق الصينية، بالرغم من غياب تأكيد رسمي لوجود ممر خليجي لمبادرة الحزام والطريق.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تكون اعتبارات مبادرة الحزام والطريق وحدها هي التي دفعت بالصين إلى إعلان موقفها السياسي من اليمن والذي يخالف تجنبها المعتاد الانحياز لطرف في الصراعات الخارجية. 

 

التعددية الأمنية بين الصين ودول مجلس التعاون

في حين أن الصين تجمعها علاقات ثنائية جيدة مع كل دولة من دول الخليج العربية، فإن مبادراتها الحالية، مثل الحوار الاستراتيجي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، تشير إلى أنها تسعى حاليا إلى ترتيب متعدد الأطراف.

ونظرًا لعدم وجود هيئات رسمية متعددة الأطراف شبيهة بمجلس التعاون الخليجي في الشرق الأوسط، فقد تزايدت أهمية المجلس بالنسبة للصين باعتباره ركيزة يمكن البناء عليها لتحقيق الاستقرار النسبي في المنطقة.

وفي مقابلة مع قناة "العربية" السعودية في مارس/آذار 2021، كشف وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" عن مبادرة الصين ذات النقاط الخمس لأمن واستقرار الشرق الأوسط. وتتضمن المبادرة: الدعوة إلى الاحترام المتبادل، الالتزام بالإنصاف والعدالة، تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، العمل سويا على تحقيق الأمن الجماعي، تسريع وتيرة التنمية والتعاون.

وقد وضعت النقطة الرابعة عبئًا خاصًا على دول الخليج (مجلس التعاون الخليجي بالإضافة إلى إيران والعراق) لتشجيع الحوار والتشاور وتحسين العلاقات، وعرضت الصين استضافة حوار خليجي متعدد الأطراف في بكين.

وتعد حرب اليمن عقبة لأي مشروع أمني صيني في الشرق الأوسط. وإذا لم تنجح الجهود الصينية الخليجية في خفض أو إنهاء الأعمال العدائية في اليمن وتأسيس شروط جديدة للشراكة غير العسكرية في منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج، فلن تتمكن بكين من تقديم حلول لنزاعات الشرق الأوسط الأخرى.

وفي نهاية المطاف، تسعى الصين إلى دمج مبادرتها ذات النقاط الخمس لعام 2021 مع سياستها الخاصة باليمن لعام 2016.

 

عامل البحر الأحمر

يعد البحر الأحمر والعلاقات مع إسرائيل من ضمن أسباب اهتمام الصين ببناء بنية أمنية مستقرة في الشرق الأوسط.

ففي عام 2015، ضمنت الصين حقوق تشغيل ميناء حيفا ​​الإسرائيلي على ساحل البحر المتوسط، وقد وصفت صحيفة الأعمال الإسرائيلية "غلوبس" الميناء بأنه "جسر" ونتيجة طبيعية لـ"طريق الحرير البحري" وجزء من "سلسلة اللؤلؤ" وهي سلسلة من الموانئ الخارجية التي تديرها الصين على الطريق البحري بين برها الرئيسي وأوروبا.

وتعتبر إسرائيل الحوثيين تهديدًا نشطًا بالنظر إلى تحالفهم مع عدوها اللدود إيران، ويسيطر الحوثيون على معظم الساحل اليمني من البحر الأحمر، لذلك لا تستطيع الصين تجاهل تأثير الصراع الإيراني الإسرائيلي على أمن البحر الأحمر وحركة الشحن.

ويمكن القول إن البحر الأحمر هو الجزء الأكثر أهمية في طريق الحرير البحري حيث إنه أقصر طريق تجاري بين الصين وأوروبا التي تعد سوقا رئيسيا تم تصميم جزء كبير من مبادرة الحزام والطريق في الشرق الأوسط لتسهيل الوصول إليه.

في الواقع، قد يفوق البحر الأحمر أهمية منطقة الخليج عندما يتعلق الأمر بهيكل أمني للشرق الأوسط يتضمن حلًا لحرب اليمن. ويجادل "ديفيد شين"، الأستاذ المساعد للشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، بأن محفظة الصين الحالية من الأسهم وحقوق التشغيل في العديد من الموانئ المطلة على البحر الأحمر تمنحها النفوذ اللازم لصياغة استراتيجية أمنية للبحر الأحمر.

 

اليمن والتناقضات الأمنية الإقليمية

يمكن أن تساعد حرب اليمن أو تعرقل علاقة الصين بالشرق الأوسط. فمن ناحية، يمكن أن تكون بمثابة دافع لتطوير العلاقات الأمنية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، يمكن أن تقضي على أي آمال في تكوين علاقات مستقرة وطويلة الأمد مع دول الخليج.

ويتم استخدام اليمن كأحد أدوات إيران لتعزيز مبادرتها الخاصة بأمن الخليج. تدعو مبادرة "هرمز الإيرانية للسلام" لعام 2019 دول الخليج إلى تجنب العمل مع الضامنين الأمنيين خارج المنطقة.

وكشف الرئيس الإيراني "حسن روحاني" عن المبادرة في الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد أقل من أسبوعين من الهجمات الصاروخية التي أعلنها الحوثيون على منشآت أرامكو السعودية.

وفي وقت لاحق، توصلت التحقيقات إلى أن إيران -وليس الحوثيين- هي التي نفذت تلك الهجمات. وقد استخدمت إيران إنكارها للعملية وزعم مسؤولية الحوثيين باعتباره "عصا" للضغط على دول مجلس التعاون الخليجي لقبول "الجزرة" في شكل مبادرة سلام.

والآن، لدى إيران المزيد من الأسباب للترويج لمبادرتها بدلاً من مبادرة النقاط الخمس الصينية. فلم تتطلب المفاوضات النووية الجارية من إيران التخلي عن علاقاتها مع الميليشيات الإقليمية مثل الحوثيين وهو مطلب دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسي منذ المعاهدة الأولى في عام 2015.

ومع عدم قدرة دول مجلس التعاون الخليجي على منع إيران من استخدام اليمن للضغط عليها بشأن أمن الخليج، قد تستمر طهران في تفضيل خطة "هوب" الخاصة بها على حوار أكثر تكافؤًا في إطار مبادرة النقاط الخمس الصينية.

 

على المدى الطويل

تعد الصين من الدول الرئيسية الموقعة على الاتفاق النووي، وتعمل بنشاط من أجل إحياء المعاهدة، وتدرك بكين جيدا أن التعددية الأمنية قد تفشل في إنشاء إطار أمني مناسب للشرق الأوسط يخدم مبادرة الحزام والطريق.

ومع ذلك، يبدو أن الاستمرار في دعم التعددية هو أفضل خيار للصين في الشرق الأوسط في الوقت الحالي وعلى المدى الطويل.

وبالنسبة لدول المنطقة، لا تكمن جاذبية الصين في نموها الاقتصادي المتعطش للنفط فقط، بل تكمن أيضًا في عدم اهتمامها بالانحياز الصارم تجاه طرف بعين في صراع الاستقطاب الحالي في المنطقة. وترى الصين أنه من مصلحتها تعزيز نظام أمني إقليمي شامل وليس انتصار كتلة معينة على حساب كتلة أخرى.

 

المصدر | آغا حسين - إنسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد