ماذا يعني صعود بن سلمان إلى عرش المملكة بالنسبة لإيران؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1335
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، كانت العلاقة بين إيران والسعودية متوترة ومثيرة للجدل، على أقل تقدير. وساهم التنافس الطائفي وتضارب المصالح الجيوسياسية وانعدام الثقة في التوترات بين القوتين الإقليميتين. وتزايد التوتر بشكل كبير خلال أزمة يناير/كانون الثاني 2016 مع قيام السعودية بإعدام رجل الدين الشيعي "نمر النمر" وما تبعه من أعمال عنف استهدفت البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.

ونتيجة لذلك، قطعت الرياض العلاقات الدبلوماسية مع طهران. وعلى مدى السنوات الست الماضية، ساهمت مجموعة من القضايا في تغذية العلاقات العدائية بين الجانبين بما في ذلك دعم طهران لشبكة من المليشيات في الدول العربية وبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني والدعم السعودي لحملة "أقصى ضغط" التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" ضد إيران.

ويستعد العالم حاليًا لتسلم ولي العهد "محمد بن سلمان" مقاليد الحكم عبر تنصيبه ملكا للسعودية خلفا لوالده. ومن غير الواضح إذا ما كان هذا الأمر سيغير ديناميكية العلاقة بين طهران والرياض.

 

تطبيع العلاقات

يبدو أن السعودية وإيران تمهدان الطريق لاستعادة العلاقات بعد حوار ثنائي استمر 9 أشهر استضافه العراق والأردن وباكستان. وقد تعززت الآمال في استئناف العلاقات الرسمية مع وصول 3 دبلوماسيين إيرانيين إلى المملكة في 17 يناير/كانون الثاني الجاري. وهؤلاء الدبلوماسيون، الذين سيمثلون إيران في منظمة التعاون الإسلامي ومقرها جدة، هم أول مسؤولين من طهران تستقبلهم السلطات السعودية منذ أزمة 2016.

ولدى إيران مصلحة واضحة من تطبيع العلاقات مع السعودية، فقد تضررت بشدة من العقوبات الأمريكية، وقد يساعد تجديد العلاقات مع المملكة ودول عربية أخرى على الالتفاف على الحرب المالية وأشكال الضغط الأخرى. وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران "حسن أحمديان": "يمكن أن تستفيد طهران أيضًا من خفض التوتر في العديد من الأماكن بما في ذلك اليمن وسوريا ولبنان والعراق".

وأضاف أن "العلاقات الدبلوماسية، مهما كانت محدودة وغير فعالة، ستعمل كقناة إنذار متقدمة يمكن أن توقف أي اندفاع عرضي إلى المواجهة في المنطقة".

وبالرغم من ذلك، من غير المرجح أن تؤدي إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى إحداث تغيير كبير في النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط، فما هو مطروح على الطاولة هو "تطبيع" للعلاقات الإيرانية السعودية وليس التقارب الشامل.

وقال الباحث في الشؤون الدولية والأمنية "حميد رضا عزيزي": "في حال نجاح المحادثات الإيرانية السعودية واستعادة العلاقات الدبلوماسية، فإن أفضل سيناريو هو أن يستبدل الطرفان العداء بالتنافس". وأضاف: "لن يحدث أي تقارب بين الطرفين في نهاية هذه العملية، وذلك لأن الجذور الجيوسياسية والطائفية والتاريخية العميقة للتنافس لن تختفي".

 

"بن سلمان" ملكا

تستعد إيران  لصعود "بن سلمان" الحتمي على ما يبدو إلى العرش، وهو احتمال أثار جدلًا كبيرًا بين الخبراء الإيرانيين. وأظهر "بن سلمان" سابقا درجة خطيرة من التهور من خلال عدد من القرارات المثيرة للجدل بما في ذلك شن الحرب في اليمن وحصار قطر وخطف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "سعد الحريري" وقتل الصحفي "جمال خاشقجي".

بالإضافة إلى ذلك، فإن وصف ولي العهد لإيران بأنها دولة "شريرة" وكذلك تشبيهه للمرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" بـ"هتلر" ساهم في تأجيج المشاعر ضد "بن سلمان" في إيران. 

وقد أرجع "بن سلمان" القيود الاجتماعية في السعودية إلى صعود "الخميني" بحجة أن الملوك السابقين لم يعرفوا كيف يتعاملون مع" الجمهورية الإسلامية". وقال "بن سلمان" في مقابلة مع شبكة "سي بي إس نيوز" قبل 4 سنوات تقريبًا: "قبل الثورة الإيرانية عام 1979، كنا نعيش حياة طبيعية جدًا مثل بقية دول الخليج.. وكانت النساء تقود السيارات.. وكانت هناك دور سينما.. وعملت النساء في كل مكان. ولكن جيلي أصبح ضحية لما حدث في عام 1979".

ويرى البعض في طهران أن صعود "بن سلمان" إلى عرش المملكة قد يوفر فرصة لـ"بداية جديدة" باعتبار أنه تعلم بعض الدروس وقضى عامي 2020 و2021 في مراجعة سياساته العدوانية في جميع أنحاء المنطقة. إن رفع الحصار عن قطر، وجهود الرياض لإصلاح العلاقات مع تركيا، والأهم من ذلك الانخراط في الحوار السعودي الإيراني الذي بدأ في بغداد في أبريل/نيسان 2021، كلها عوامل تدعم هذا الرأي.

وفي المقابل، يرى البعض أن إيران تتعامل بالفعل مع السعوديين باعتبار أن "بن سلمان" هو الحاكم الفعلي للمملكة. ويقول "عزيزي": "لا أتوقع أن يؤدي وصول بن سلمان لمنصب ملك السعودية إلى تغيير جذري في اتجاه العلاقات الإيرانية السعودية".

وأضاف: "لا أعتقد أنه حتى بوادر التحسن الحالية في العلاقات الإيرانية السعودية كانت ستظهر لو كان بن سلمان ضد مثل هذه البوادر. وأعتقد أن المسؤولين الإيرانيين يدركون ذلك أيضًا، وقد قاموا بصياغة سياستهم الإقليمية بالفعل على افتراض أن بن سلمان هو الزعيم الفعلي للمملكة.. وحتى عندما يتعلق الأمر بحرب اليمن، يرى معظم الناس في إيران أنها مغامرة بن سلمان وبالتالي فإن إنهاء الحرب أو الاتفاق مع إيران أو الحوثيين في يد بن سلمان".

بطبيعة الحال، لا يستبعد المسؤولون في إيران احتمال نشوب صراع على السلطة بين ولي العهد وعناصر من "آل سعود" تعارض توليه العرش. وعلى عكس ما يقوله الكثيرون، فإن استقرار السعودية له أهمية كبيرة بالنسبة لإيران نظرا لسهولة انتقال الاضطرابات من المملكة إلى جيرانها. وقال "أحمديان": "من مصلحة إيران الانتقال السلس للسلطة في الرياض لأن أي اضطرابات قد تمتد للخليج ويعد هذا السيناريو كابوسا بالنسبة لطهران".

في النهاية، ما تريده إيران هو توقف السعودية عن دعم مخططات واشنطن التي تستهدف الجمهورية الإسلامية. وبغض النظر عن مصير الاتفاق النووي، يريد كل من السعوديين والإيرانيين الحد من التصعيد المستقبلي للتوترات وتجنب أي صدام عسكري مع الآخر.

ومع تركيز "بن سلمان" على تنفيذ رؤية 2030 وتقليل التوترات مع دول الجوار، يمكن لإيران أن تجد طرقًا للاستفادة من صعود ولي العهد. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا الاتجاه التصالحي سيستمر على المدى الطويل مع تولي "بن سلمان" زمام الأمور.

 

المصدر | جورجيو كافييرو و محمد سلامي | منتدى الخليج الدولي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد