هل نجح الأمير بن سلمان في فك عُزلته بالسّفر بعد جولته الخليجيّة وهل اقترب من العرش بمُباركة “أشقائه”؟.. ما رسالة الحوثيين من استهداف السعوديّة خلال تواجد وليّ عهدها خارجها ومن “يُعيره” الباتريوت؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1291
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

يقول الإعلام المحلّي السعودي، إن جولة الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعوديّة الخليجيّة كانت ناجحة، وأثبتت أن الأمير الشاب، يصلح لأن يكون قائدًا جامعاً للخليجيين، كما أنه حظي باستقبال حار في كل دول الخليج التي زارها، حتى قطر التي قاطعها في العام 2017.

في المُقابل، يقول غير المُتحمّسين لسياسات بن سلمان، إن الأمير من الطبيعي أن يحظى بمثل ذلك الاستقبال خليجيّاً، وتحرّكاته التي أراد أن يقول أنه من خلالها، إنه غير معزول، ويستطيع التنقّل بعد جريمة اغتيال جمال خاشقجي، وحرب اليمن، لم تتعدّ حدود دول الخليج وتعد جولة قصيرة من منظور سيطرة الأمير على الجبهة الداخليّة، فالأمير بعد رفض مُحادثة الرئيس الأمريكي جو بايدن له ولقاءه بالتالي، ألغى حُضوره لقمّتي مجموعة العشرين، والمناخ، رغم وجود اسمه بين الزعماء، ولم يُسافر إلى فرنسا، أو أوروبا التي تُلاحقه محاكمها، وجمعيّاتها الحُقوقيّة، وزاره ماكرون، وعاد مُحمّلاً بصفقات السلاح، والطائرات لباريس، لأغراض انتخابيّة تخدم ماكرون.

الكويت التي ترقّبت زيارة الأمير بن سلمان، وحوّلت سياساتها وفقاً للتضامن مع السعوديّة، وكان آخرها سحب السفير من لبنان على خلفيّة تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول حرب اليمن، قالت مصادر خليجيّة، إن الأمير بن سلمان، طلب منها إلى جانب الإمارات مُساعدات وقروض ماليّة، ومن المُفترض أن تُلبّي الكويت طلب بن سلمان، فسياسات الشيخ صباح الأحمد الصباح المُحايدة، قد ولّت مع رحيله عن الحياة، والمشهد قد يكون مُشابهاً في الإمارات، كون الأخيرة ركّزت على تصدير عنوان السعودي- إماراتي، والإماراتي- سعودي، وأن الشدائد تجمعهم خلال زيارة بن سلمان للإمارات، على عكس ما جرى ترويجه إعلاميّاً حول وجود مشاكل بين أبو ظبي والرياض، فقد جرى منح الأمير بن سلمان وسام الشيخ زايد الأرفع في الإمارات، ووسام آخر هو الأرفع في الكويت.

ومع تواجد الأمير بن سلمان خارج حُدود بلاده، حرصت حركة أنصار الله الحوثيّة على ضرب مُدن سعوديّة منها الرياض وجدة وأبها والطائف وعسير وجيزان ونجران، واستهداف مُنشآت نفطيّة، يتردّد أن الخسائر أكبر من المُعلن، وهي رسالة حوثيّة يُراد منها “تعرية” القُدرة السعوديّة على التصدّي للصواريخ الحوثيّة، ومع سحب منظومة صواريخ “الباتريوت” الأمريكيّة، والتي دفعت الأمير للبحث عن بدائل لها في قطر وفق مصادر خليجيّة، وصُحف غربيّة، لكن الرّد القطري لم يكن فوريّاً وإيجابيّاً، ولا يزال قيد الدراسة، فالمنظومة الأمريكيّة تحتاج إذن أمريكي (إدارة بايدن) لنشرها، وهي التي سحبتها بشَكلٍ مُفاجئ من أراضي المملكة.

وبالرغم من أن الأمير محمد بن سلمان، هو الحاكم الفعلي لبلاده، إلا أن حُضور والده الملك سلمان بن عبد العزيز كان أكثر فعاليّة في السّنوات الماضية، لكن في الأشهر الأخيرة، بات الأمير بن سلمان وكأنّما يتعمّد تغييب والده “المريض” عن المشهد السياسي تماماً، ويستقبل ضُيوفه، كان آخرهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما التساؤلات تكاثرت حول غياب الملك سلمان الذي يُماثل منصبه الرئيس الفرنسي بروتوكوليّاً، وهو ما قد يشي بقُرب صُعود الأمير بن سلمان للعرش، ومُباركة هذا الصّعود من أشقائه الخليجيين خلال جولته الخليجيّة الأخيرة، والتي اختتمها بالكويت، وما قبل قمّة الخليج السنويّة غدًا الثلاثاء في العاصمة الرياض.

خلال جولته على أشقائه الخليجيين، من المُؤكّد أن الأمير بن سلمان، حرص على توجيه الدعوة للزعماء الخليجيين لحُضور القمّة الخليجيّة، ولعلّه سيكون مسرورًا، لو نجح في تسجيل سابقة، وحضر جميع القادة الخليجيين إلى الرياض، ومن بينهم الشيخ محمد بن زايد، والسلطان هيثم بن طارق، حيث لا يحضر كلاهما في العادة القمم الخليجيّة.

لا يبدو الموقف الخليجي مُوحّدًا تجاه إيران تماماً، فقطر وعُمان، وحتى الإمارات أخيرًا (الشيخ طحنون بن زايد زار طهران)، لا يزالون الأقرب لطهران، فيما لا تزال السعوديّة تتلمّس طريقها، ولم تحسم أمرها من التقارب مع الإيرانيين بشَكلٍ نهائي، كون الاتفاق النووي يتأرجح مع الغرب، بين الاتفاق، أو الحرب، وهو قد يكون من ضمن أهداف جولة الأمير بن سلمان الأخيرة للخليج للاستعلام وتوحيد الموقف والتوجيه، كما أن التطبيع السعودي مع إسرائيل، قد يكون خيارًا، أو لا يزال خيارًا سعوديّاً، ومن ضمن أوراق الاستعانة بحُلفاء جُدد، والخيار السعودي مع روسيا في معركة رفع أسعار النفط ضد أمريكا، مثال قد يشرح حالة عدم اليقين السعوديّة من إيران، والحوار معها من عدمه.

ومع انتهاء جولة الأمير بن سلمان الخليجيّة، أقرّت العربيّة السعوديّة ميزانيّتها الأحد، حيث كان لافتاً أنه جرى تخفيض حجم الإنفاق العسكري في ميزانيّة 2022 بنسبة 10 بالمئة، وهو ما يعني أن القيادة السعوديّة بدأت ترغب في تخفيف تكاليف حرب اليمن، وإيقافها تالياً، وشراء السلاح الأمريكي، والذي يجري سحبه، وربطه بمدى التبعيّة السعوديّة لأمريكا، ووضع إنفاق تلك التكاليف، على خدمة المشاريع المحليّة، وحل مُشكلة البطالة للشباب السعودي المُتفاقمة، وتحقيق فائض، مع تزايد الانتقادات الشعبيّة، وحالة التململ من حرب اليمن، التي استنزفت موارد المملكة، وتحوّلت بحسب توصيف جورج قرداحي إلى “حربٍ عبثيّة”، وهي نصائح قد يكون قد استمع لها الأمير محمد بن سلمان خلال جولته الخليجيّة، وربّما من الإمارات تحديدًا المُنسحبة من حرب اليمن، وإدراكها مدى خُطورة استمرارها، واستنزافها للموارد.

الأعين ستتركز غدًا الثلاثاء على قمّة الرياض لمجلس التعاون الخليجي، للتعرّف على صحّة العاهل السعودي ودوره فيها أوّلاً، وحجم التمثيل للدّول السّت فيها، خاصَّةً أن اثنتين منهم يتغيّبون، الأوّل سلطان عُمان الذي سيبدأ في اليوم نفسه زيارة رسميّة للندن، والثاني أمير الكويت الذي يُعاني من متاعب صحيّة، ولعلّ إعلان ملك البحرين عن تمثيل بلاده فيها يعكس انفراجة مع الجار السعودي بعد مُقاطعة غامضة انعكست في غيابه عن مُؤتمر المُصالحة في مدينة العُلا مطلع العام.