سحب الباتريوت.. هل قرر ترامب معاقبة بن سلمان على حرب النفط؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2273
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

يثير الكشف عن خطط أمريكية لسحب وحدات من نظام باتريوت المضادة للصواريخ من الأراضي السعودية، تساؤلات عدة حول توقيت الخطوة، وأسبابها، وتأثيرها على أمن المملكة.
ويتعلق الجدل المثار حول الخطوة، بالتهديد الذي سبق أن وجهه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للرياض، بسحب قواته بلاده المتمركزة في المملكة؛ لإجبار المملكة على وقف حرب أسعار النفط مع روسيا.
وتتضمن خطط الانسحاب الأمريكي التي أعلن عنها مؤخرا، إزالة 4 بطاريات باتريوت، إلى جانب سحب عشرات الأفراد العسكريين، وطائرتين مقاتلتين، وكذلك خفض الوجود البحري في الخليج العربي بمحاذاة إيران.

تواجد مؤثر
وتحتضن الأراضي السعودية تواجدا مؤثرا للقوات الأمريكية، حيث يتواجد في المملكة بصفة دائمة 555 شخصية من وزارة الدفاع الأمريكية، منهم 314 عسكريا و241 مدنيا، وفق بيانات مكتب المعلومات التابع لـ"البنتاجون".
وتنتشر القوات الأمريكية على نطاق موسع داخل أرجاء المملكة، في عدد من القواعد، منها قاعدة "حفر الباطن" الجوية وقاعدة "النعيرية" للإمداد والتموين، وقاعدة الأمير "سلطان الجوية" في الخرج.
وهناك أيضا قاعدة "الملك عبدالعزيز" الجوية بالظهران، وقاعدة "الأمير عبدالله بن عبدالعزيز" الجوية بجدة، وقاعدة "الملك فهد" الجوية بمنطقة الحوية بالطائف، وقاعدة "الملك فيصل" الجوية في تبوك، وقاعدة "الملك خالد" الجوية في خميس مشيط، وقاعدة "الرياض" الجوية، وقاعدة "الملك عبدالعزيز" البحرية بالدمام، وقاعدة "الملك فهد" البحرية بالجبيل، وقاعدة "جدة" البحرية.
ويقسم البرنامج العسكري الأمريكي، أراضي المملكة إلى 8 مناطق عسكرية، هي: المنطقة الشمالية الغربية (تبوك)، والمنطقة الجنوبية (خميس مشيط)، والمنطقة الغربية (جدة)، والمنطقة الشرقية (الظهران)، والمنطقة الوسطى (الرياض)، ومنطقة الطائف (مركز الطائف)، ومنطقة المدينة (المدينة المنورة)، والمنطقة الشمالية (حفر الباطن).


حجم القوات
تذهب تقديرات إلى أن حجم القوات الأمريكية في السعودية كان يقدر بنحو 5000 عسكري، وذلك منذ نهاية عملية عاصفة الصحراء في 1991، حتى أحداث 11 سبتمبر/أيلول.
لكن بعد هجمات 11 سبتمبر/آيلول 2001، وانتهاء حرب العراق 2003، انتقل حوالي 4500 جندي أمريكي إلى القاعدة العديد الجديدة في قطر، وبقي في السعودية حوالي 500 جندي أمريكي فقط، وذلك بعدما أنهت الولايات المتحدة وجودها العسكري في قاعدة الأمير سلطان الجوية بالرياض التي كانت تستضيف مقر القيادة الأمريكية في المنطقة، وبالتزامن مع ذلك، قامت واشنطن أيضا بسحب 200 طائرة مقاتلة من قواعدها في السعودية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، عاد الجيش الأمريكي لإرسال 3500 جندي أمريكي إلى السعودية، إضافة إلى طائرات إنذار مبكر، وطائرات استطلاع بحري، وبطاريات صواريخ "باتريوت"، إضافة إلى قاذفات استراتيجية وطائرات دون طيار.
وجاءت الخطوة الأمريكية ردا على الهجمات التي تعرضت لها شركة النفط السعودية "أرامكو" في سبتمبر/أيلول الماضي، واتهمت إيران بتنفيذها.

فاتورة باهظة
ومن آن لآخر، وبصراحة اعتبرها البعض مهينة، كان الرئيس الأمريكي "ترامب" يطالب المملكة بدفع نفقات القوات الأمريكية، وتسديد ثمن حماية النظام السعودي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرى الإعلان عن قيام المملكة بدفع 500 مليون دولار، للبدء في تغطية تكاليف القوات الأمريكية العاملة في البلاد.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكد الرئيس الأمريكي في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، أن الرياض "قد أودعت بالفعل مليار دولار لهذا الغرض".
ويأتي الدفع السعودي ضمن اشتراطات وضعتها الإدارة الأمريكية تدفع بموجبها الدول المستضيفة لقوات أمريكية أموالا مقابل بقاء هذه القوات على أراضيها في أوقات السلم.
وتخطط واشنطن لفرض معادلة "التكلفة +50%" بمعنى أن تدفع الدول المستضيفة للقوات الأمريكية كامل تكلفة وجودها، إضافة إلى 50% من قيمة هذه التكلفة بصورة إضافية؛ نظرا لتمتعها بقيمة وجود عسكري أمريكي داخل حدودها.

خطورة الانسحاب
جدير بالذكر أن خطوة سحب صواريخ الباتريوت الأمريكية، التي جرى الكشف عنها مؤخرا، ليست الأولى من نوعها، فقد سحب "البنتاجون" 4 أنظمة صواريخ من طراز "باتريوت" من الأردن والكويت والبحرين، أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ووضعت وزارة الدفاع الأمريكية، الخطوة حينها، في سياق إعادة تنظيم القوات والقدرات العسكرية الأمريكية، وإعادة تقييم التهديدات المستقبلية للتركيز على مواجهة الصين وروسيا.
وتشعر واشنطن بقلق بالغ إزاء تنامي نفوذ روسيا والصين في الشرق الأوسط، ولجوء دول عدة إلى حيازة منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400"، ما يدفع بالأمريكيين جديا لإعادة التموضع عسكريا وتإعادة رتيب دفاعاتهم الجوية في المنطقة، ومواجهة التوسع الصيني في آسيا.
كذلك تتبنى دوائر أمريكبة نافذة موقفا لا يرى في التهديد الذي تشكله طهران، خطرا مباشرا على المصالح الأمريكية، لاسيما بعد الضربة المؤثرة التي تلقتها باستهداف قائد الحرس الثوري "قاسم سليماني"، يناير/كانون الثاني الماضي.

إعادة تموضع أم عقاب؟
لكن قصر خطوة سحب "الباتريوت" الأخيرة على المملكة فقط، دون دول خليجية أخرى، يثير الشكوك، ويطرح سيناريوهات أخرى أحدها هو سيناريو الابتزاز التقليدي، الذي يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في دفع المملكة لإنفاق المزيد من الأموال مقابل الحماية الأمريكية.
في هذا الصدد، تجري واشنطن مناقشات مع الرياض بهدف إضفاء الطابع الرسمي على آلية دائمة للمدفوعات المستقبلية لتعويض تكاليف عمليات نشر القوات الأمريكية، وتغطية مشتريات السلاح.
في سياق آخر، يميل محللون لتفسير الخطوة الأمريكية الأخيرة على أنها نوع من العقاب الذي تفرضه واشنطن على الرياض، ردا على ما اعتبرته الولايات المتحدة تلاعبا من قبل ولي العهد "محمد بن سلمان" بسوق النفط، بشكل أدى إلى انهيار أسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي إلى سالب 37 دولارا، للمرة الأولى في التاريخ، الشهر الماضي.
ويحمل نواب أمريكيون، السعودية، المسؤولية عن الأزمة التي يواجهها قطاع النفط الصخري الأمريكي المهدد بالإفلاس، بينما توفر "الباتريوت" الحماية لنفطهم، مهددين بتمرير مشروع قانون لسحب القوات الأمريكية من المملكة.
وفي ضوء ذلك، تلقى "بن سلمان" تهديدا من صريحا من "ترامب" بسحب كافة القوات الأمريكية من المملكة إذا لم تخفض الرياض إنتاجها من النفط، خلال مكالمة في 2 أبريل/نيسان الماضي، وفق "رويترز".
وعقب التهديد الأمريكي، خرج للنور الاتفاق السعودي الروسي بإنهاء حرب الأسعار والبدء بأكبر خفض للإنتاج ضمن اتفاق "أوبك+" الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع الشهر الحالي، ولكن يبدو أن تأثيره لا يزال محدودا للغاية.
في الوقت نفسه، يمكن النظر للخطوة الأمريكية كجزء من استجابة واشنطن لتداعيات أزمة "كورونا" وتأثيره على الجيش الأمريكي، خاصة بعدما أصاب الوباء حاملة الطائرات "روزفلت"، وتسبب في تراجع طاقة العمل بحاملة الطائرات "فورد"، ما يفرض على البنتاجون إعادة توزيع قواته بشكل فوري.
تبقى كل الاحتمالات واردة، لكن رائحة العقاب تفوح بقوة من القرار الأمريكي؛ حيث يبدو أن واشنطن قررت استخدام سياسة العصا ضد أحد حلفائها للحيلولة دون تجرؤ أحد على المساس بصناعتها النفطية مرة أخرى مستقبلا.

المصدر | الخليج الجديد