هل تقوض حرب النفط التعاون الاستثماري بين السعودية وروسيا؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 3001
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 شنت السعودية وروسيا حرب أسعار نفط محفوفة بالمخاطر بعد انهيار اتفاقية خفض الإنتاج بين الدول الكبيرة المنتجة للنفط (أوبك+)، ومن المرجح أن تؤثر التوترات المتعلقة بالطاقة على التعاون الاستثماري بين صناديق الثروة السيادية في البلدين.
يتناقض الاختلاف الحاد في مجال إنتاج النفط مع تطوير العلاقات بين صناديق الثروة السيادية السعودية والروسية، التي بدا أنها تعززت طوال عام 2019، لكنها تتشابك بشدة مع أسواق الطاقة.

ازدهار العلاقات الاستثمارية
أعلن "صندوق الاستثمار المباشر الروسي"، وهو صندوق الثروة السيادية للبلاد، عن افتتاح أول مكتب خارجي له في السعودية قبل أيام قليلة من زيارة الرئيس "فلاديمير بوتين" إلى السعودية منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2019.
ووفقا للرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي، "كيريل دميترييف"، فإن المكتب الجديد لمؤسسة الاستثمار الروسية في السعودية "سيرفع شراكتنا إلى مستويات جديدة ويعبر عن ثقتنا المتبادلة".
وبالمثل، أدى منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الروسي بالرياض، في 14 أكتوبر/تشرين الأول، إلى سلسلة من الاتفاقات التجارية ومذكرات التفاهم بين "صندوق الاستثمار المباشر" الروسي و"صندوق الاستثمارات العامة" السعودي و"أرامكو" السعودية والشركات الروسية.

تشابك مجال الطاقة
تعتمد صناديق الثروة السيادية في كل من السعودية وروسيا على عائدات الهيدروكربونات في رأس مالها الاستثماري، وفي الوقت نفسه تعمل هذه الأدوات الاستثمارية كأدة لتخفيف الصدمات المالية للحكومات.
أدى تدهور أسعار النفط وتراجع الطلب بسبب التفشي العالمي لفيروس "كورونا" إلى زيادة أهمية الاحتياطيات النقدية التي تحتفظ بها الحكومات.
والواقع أن صناديق الثروة السيادية في البلاد المنتجة للنفط في طريقها لبيع ما يقدر بنحو 225 مليار دولار من الأسهم لتقليل الخسائر الناجمة عن تفشي "كورونا" وحرب أسعار النفط.
وتلعب صناديق الثروة السيادية السعودية والروسية دورا محوريا في رسم السياسات الاقتصادية.
يسعى صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي السعودي ذو الأصول التي تقدر بنحو 320 مليار دولار، إلى أن يكون "قوة استثمارية عالمية" ومحفزا رئيسيا للتحول الاقتصادي المخطط له في البلاد.
فيما يمتلك "صندوق الثروة الوطني الروسي" ما يقرب من 151 مليار دولار من الأصول، التي ينوي المسؤولون الروس استخدامها لتعويض التأثير الاقتصادي لأسعار النفط المنخفضة
ومع ذلك، فإن "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" هو بمثابة الميسر الرئيسي لرأس المال الأجنبي في روسيا. ويعتبر الصندوق -الذي تم إنشاؤه في عام 2011- هو المسؤول عن 90% من الاستثمار المباشر في روسيا، الذي يشمل 60% منه مشاريع تركز على التكنولوجيا.
يشار إلى أن الرئيس التنفيذي للصندوق "دميترييف" عمل كواحد من المفاوضين الروس الرئيسيين إلى جانب وزير الطاقة خلال المناقشات السابقة حول اتفاقية "أوبك+".
ويعكس دور "ديمترييف" المزدوج علاقة الاستثمار بالطاقة، التي تؤثر في جوانب عديدة من العلاقات التجارية بين السعودية وروسيا.

التعاون الاستثماري السعودي الروسي
في عام 2017، أنشأ "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي و"صندوق الاستثمار المباشر" الروسي منصة استثمار روسية سعودية في الطاقة بالشراكة مع "أرامكو" السعودية.
تضمنت أول صفقة رئيسية برزت من هذه المنصة التي تركز على الطاقة اتفاقية شراء أسهم بين صندوقي الاستثمار و"أرامكو" ومؤسسة "روسنانو" للحصول على حصة أسهم "روسنانو" البالغة 30.76% في شركة "نوفوميت"، وهي شركة خدمات روسية.
كما اتفق "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" مع شركة "سابك" السعودية، ومجموعة "ESN"، وهي مجموعة أسهم خاصة روسية، على بناء مصنع للميثانول في منطقة "أموور" في شرق روسيا بموجب ترتيب منفصل.
توجد أشكال أكثر نعومة للتعاون الاستثماري في قضايا الطاقة. فقد حاول "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" تنظيم جمعية من المستثمرين خلال الطرح العام الأولي لشركة "أرامكو" السعودية.
أشار "ديمترييف" أن صناديق التقاعد الروسية والمؤسسات الصينية الكبرى كانت مهتمة بالمشاركة في الاكتتاب العام الأولي، ولكن لم تسفر هذه الجهود عن نتائج ملموسة.
ومع ذلك، سعى هذا الموقف لعكس صورة المسؤولين والكيانات التجارية الروسية كمساعدين على تدفق الاستثمار الأجنبي إلى الخليج.
بدأ "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي و"صندوق الاستثمار المباشر الروسي" شراكتهما رسميا في يوليو/تموز 2015، عندما التزم "صندوق الاستثمارات العامة" باستثمار 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات.
بحلول مايو/أيار 2017، أنشأ صندوقا الثروة السياديان صندوق الاستثمار السعودي الروسي برأس مال يبلغ 6 مليارات دولار. يمنح الصندوق المشترك الأولوية لستة قطاعات: الغذاء والزراعة، والسلع والخدمات الاستهلاكية، والرعاية الصحية، والأدوية، والابتكار والتكنولوجيا، والبنية التحتية.
وتمتد الشراكة بين صندوقي الثروة السياديين إلى استراتيجيات وبرامج اقتصادية أوسع؛ ما يسمح للكيانات التجارية الروسية بلعب دور واضح في التحول الاقتصادي المستمر في السعودية.
ويظهر "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" بشكل بارز في برنامج "صندوق الاستثمارات العامة" للفترة 2018-2020 كواحد من 6 مبادرات لتطوير الشراكات الاستراتيجية الدولية.
من الشركاء الدوليين الآخرين شركات "سوفتبانك" و"أوبر" و"بلاك ستون" وشركات الملكية الخاصة الفرنسية وصندوق الاستثمار الأردني.

شراكات روسيا مع دول الخليج
أقام صندوق الثروة السيادي الروسي روابط مماثلة داخل الإمارات، وبدرجة أقل مع دول الخليج الأخرى؛ حيث أطلق "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" مع صندوق "مبادلة" -أحد صناديق الثروة السيادية في أبوظبي- منصة استثمار مشتركة في عام 2013.
وتشرف المنصة على حوالي 45 استثمارا بقيمة إجمالية تتجاوز ملياري دولار.
وفي عام 2016، أنشأ "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" وشركة "موانئ دبي العالمية" مشروع "موانئ دبي العالمية روسيا"، وهو مشروع مشترك يهدف إلى تطوير طريق البحر الشمالي لروسيا.
وفي السياق، عملت "الهيئة العامة للاستثمار" الكويتية كمستثمر مبكر في "صندوق الاستثمار المباشر الروسي"؛ حيث خصصت 500 مليون دولار للصندوق الروسي في عام 2012.
كما وقع "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" مذكرة تفاهم في عام 2014 مع صندوق "ممتلكات"، وهو صندوق الثروة السيادي البحريني، واستثمر "ممتلكات" 250 مليون دولار في "صندوق الاستثمار المباشر الروسي" عام 2016.
واستثمر "جهاز قطر للاستثمار" و"صندوق الاستثمار المباشر الروسي" بشكل مشترك 500 مليون دولار بحلول أوائل عام 2017، وتعهدت قطر بملياري دولار إضافية.
وتمثل معظم هذه العلاقات شراكات تلقائية؛ حيث تقوم صناديق الثروة السيادية الخليجية بمستوى معين من الاستثمار في كل صفقة لـ" صندوق الاستثمار المباشر الروسي".

تهديد حرب أسعار النفط
لا تزال مبادرات الاستثمار السعودية الروسية المشتركة جزءا صغيرا من محافظ الصناديق السيادية الخليجية.
ومع ذلك، فمن خلال المشاركة المحسوبة مع هذه المحركات المؤسسية للاقتصادات العربية الخليجية، أصبحت روسيا جزءا لا يتجزأ من مبادرات التنمية الاقتصادية الخليجية وخطط الخليج التوسعية العالمية.
وقد تؤدي العواقب المستمرة لحرب أسعار النفط إلى إعادة تشكيل ملامح هذا التعاون الاستثماري.
وفي ظل بيئة استثمارية مضطربة بسبب العواقب الاقتصادية لحرب أسعار النفط، فمن غير المرجح أن تمنح السعودية أو روسيا الأولوية لشراكات الاستثمار الثنائية.

المصدر | روبرت موجيلنيكي/معهد دول الخليج في واشنطن - ترجمة الخليج الجديد