ألكسندر نازاروف: أنباء من الجبهة السعودية.. ربما تنتهي “حرب النفط” قريبا فمن المنتصر؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2130
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

المحلل السياسي ألكسندر نازاروف
 تواصل وسائل الإعلام الغربية والعربية الحديث عما تسميه “حرب النفط السعودية الروسية”، على الرغم من إنكار كلا الطرفين لذلك. في نفس الغضون، يبدو أن الهدف الحقيقي للسعوديين، متمثلا في صناعة النفط الصخري الأمريكي، قد شعر بقوة الضربة. وكانت الصحف الغربية، منذ شهر واحد، قد نوهت بأن تسريبات عما أسمته موافقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على “المحاولات السعودية لتدمير روسيا، ولكن مع الإبقاء على أسعار النفط في نطاق مقبول بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية”. مع ذلك، وعلى خلفية الهدوء الروسي، كانت الولايات المتحدة هي من أثارت الضجة أولا لوقف هذه الحرب.
لم تكن الكارثة التي حلّت بصناعة النفط الصخري الأمريكية ملحوظة في خضم الارتفاع الحاد في معدلات البطالة وتراجع الاقتصاد الأمريكي بسبب جائحة فيروس كورونا. لكن الشركات الأمريكية العاملة في قطاع النفط الصخري أصبحت على وشك الإفلاس. بل إن شركة “وايتينغ بتروليوم” Whiting Petroleum، رائدة استخراج النفط الصخري سابقا، أعلنت إفلاسها يوم أمس، 1 أبريل. وذلك إلى جانب إعلان عدد من شركات النفط الصخري الأمريكية في تكساس عن استعدادها للمشاركة في خفض الإنتاج الإضافي، وهو ما كانت روسيا تسعى إليه برفضها خفض الإنتاج. من ناحية أخرى دعت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى التدخل واتخاذ إجراءات صارمة ضد المملكة العربية السعودية لإنقاذ صناعة النفط الصخري الأمريكية.
لقد أدت إجراءات الحجر الصحي، والذعر المنتشر في جميع أنحاء العالم بسبب جائحة فيروس كورونا إلى تراجع في قطاعات الصناعة والنقل، وهو ما أدى بالتالي إلى انخفاض في استهلاك النفط. فقد تراجع استهلاك النفط في الصين بنسبة 20% أثناء الحجر الصحي، والآن ومع احتمال اندلاع موجة ثانية من عودة تفشي المرض في الصين، تنضم المزيد من الدول الكبرى في العالم إلى الحجر الصحي، وهو ما يهدد بانخفاض إضافي في استهلاك النفط قد يصل في أسوأ السيناريوهات إلى بضع عشرات في المئة، وهو ما يزيد بعدة مرات عن إجمالي إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط.
إن هذا العامل تحديدا، وليس زيادة الإنتاج من قبل السعوديين، هو ما أصبح فعليا العامل الرئيسي في انخفاض أسعار النفط. ومع انهيار الاقتصاد العالمي، لم يعد السعوديون يسيطرون على مجريات الأمور، ولن يتمكنوا من كسب الحرب، حتى ولو لجأوا إلى إفلاس الجميع. فالضربة للاقتصاد العالمي قوية لدرجة أن الصناعة قد لا تتعافى، وقد لا ترتفع أسعار النفط إلى المستوى الذي يريده السعوديون.
لم يكن قرار السعودية زيادة إنتاج النفط بداية محسوبة بعناية، بل خطوة عاطفية وشكل من أشكال لعبة الروليت الروسية، ومع الوضع في الاعتبار سقوط الاقتصاد العالمي، أصبحت هذه الخطوة انتحارا مؤكدا للمملكة، بغض النظر عن مصير الآخرين من منتجي النفط.
من جانبها كانت المملكة العربية السعودية، وقبيل الخروج من اتفاق “أوبك+”، قد أمرت مختلف الجهات الحكومية في البلاد بإعداد مقترحات لخفض الموازنة العامة بنسبة 20-30%، في إطار محاولات الحكومة اليائسة للحصول على المال. وحتى على خلفية انهيار البورصات العالمية، وانخفاض سعر أسهم أرامكو السعودية إلى ما دون سعر الاكتتاب العام في ديسمبر، وأكبر انخفاض في أسعار النفط، أي في أكثر الأوقات غير المواتية لذلك، تواصل أرامكو السعودية الحديث عن حملة اكتتاب جديدة، وأعلنت مؤخرا نيتها بيع حصة في قطاع خطوط الأنابيب، في الوقت الذي انخفضت الاستثمارات في رأس مال الشركة بمقدار الربع.
لقد أظهر السعوديون أنهم وصلوا إلى الحد الأقصى، على الرغم من التصريحات العلنية القاسية، ولم يعد بإمكانهم تحمل عبء حرب الإغراق، ويبدو ذلك جليا في رفضهم تعويض الشركاء في أوروبا عن ارتفاع أسعار الشحن للناقلات، وهو واقعيا ما يرفع سعر النفط السعودي.
على خلفية ما سبق، فإن جهود الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء حرب النفط يمكن أن تكلل بالنجاح. ويشير غياب أي تصريحات علنية بعد المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل أسبوع، إلى أن المفاوضات تسير بصعوبة. ولكن مكالمة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لم تكن لتحمل أي منطق إذا لم يكن هناك تغيير ما في الموقف السعودي، خاصة وأن ترامب قد أعلن عن مكالمة هاتفية له مع محمد بن سلمان.
أعتقد أن الوضع الاقتصادي في العالم، وخسارة شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية، قد أصبحا أخطر من أن يسمح دونالد ترامب للسعودية بالاستمرار في هذه المناورات. بل إن جميع المتورطين في “حرب الجميع ضد الجميع” هذه قد سئموا من تحمل الإصابات الموجعة. وعلى الرغم من ذلك، فالاتفاق على صيغة تسمح لأي من الأطراف بالحديث عن انتصاره في الحرب، سوف يستغرق بعض الوقت بكل تأكيد.
(روسيا اليوم)