لماذا يتسابق الأتراك والسعوديّون والإسرائيليّون على نهب الغاز والنّفط السوري؟
بأيّ حق يَسرِقون ثرَوات هذا الشّعب في وضَح النّهار؟ وكيف تسمح مِصر بإرسال خُبرائها للمُشاركة في هذا الانتِهاك لسيادة دولة عربيّة؟
نستغرب في هذه الصحيفة “رأي اليوم” هذه الهجمة المُتعدّدة الأذرع والأطراف على النّفط السوري في شرق الفرات، حتى كأنّه لا يوجد شعب ودولة في هذا البَلد العربيّ المُسلم الذي يُعاني من حربٍ ضروس تَشترِك فيها دول عُظمى وصُغرى، إقليميّة ودوليّة، طِوال السّنوات الثّماني الماضية، وتبدأ معركة إعادة الإعمار التي تحتاج لكُل ملّيم، ويُمكن تلخيص هذه الهجمة المسعورة في النّقاط التّالية:
أوّلًا: الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان الذي يُقاتل من أجل حماية حصّة بلاده من الغاز في البحر المتوسّط، ومستعد لخوض حرب إقليميّة من أجل هذا الغرض، يكشِف في مُقابلة تلفزيونيّة أُذيعَت قبل يومين أنّه عرض على الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما ودونالد ترامب اقتراحًا باستِخدام عائدات النّفط السوري لتمويل إقامة مِنطقة آمِنة وتوطين اللاجئين في شمال سورية، ولكنّهما رفَضا الاقتِراح، دون أن يُوضِّح الأسباب.
ثانيًا: كشَفت شركة إسرائيليّة عن خُططها الانتقال إلى شرق دير الزور لاستِغلال حُقول النّفط والغاز فيها، واستِخدامها لتمويل قِيام كِيان انفِصالي كردي في الشِّمال السوريّ وبدعمٍ أمريكيّ.
ثالثًا: إعلان شركة أرامكو السعوديّة عن إرسال بعثة فنيّة إلى حقل العمر النفطيّ السوريّ، لتوقيع عقد استثمار مع القوّات الأمريكيّة المُحتلّة، لتأهيل آبار النّفط والغاز ومُمارسة أعمال الصّيانة والتّنقيب وبِدء التّصدير.
رابعًا: وصول خبراء نفط وغاز مِصريين إلى شرق دير الزور على ظهر مروحيّات أمريكيّة من أجل المُشاركة في عمليّات تسهيل نهب وسرِقَة النّفط السوري، ونشُك أن يكون هؤلاء قاموا بهذه المَهمّة دون مُوافقة السّلطات الرسميّة.
خامسًا: تأكيد الرئيس دونالد ترامب سيطرة قوّات بلاده على هذه الحُقول وأنّه سيَفعَل بعوائِدها ما يشاء، بِما في ذلك إعطاء حصّة منها للإدارة الذاتيّة الكرديّة وقوّاتها، وكأنّها مُلكٌ لحُكومته المُحتلّة والغاصِبَة.
سُؤالنا أوّلًا إلى الرئيس أردوغان عمّا إذا كان من المُمكن أن يقبل أن تستولي الولايات المتحدة أو روسيا على أيّ كميّات من غاز بلاده المُستقبلي لتمويل الحركات الانفصاليّة الكُرديّة على سبيل المِثال؟ ألا تُشَكِّل هذه الخُطوة انتِهاكًا للسّيادة التركيّة؟
ونسأل السّؤال نفسه إلى المملكة العربيّة السعوديّة التي يحمل عاهِلها لقب خادم الحرمين الشريفين، هل يقبل أن تستولي إيران، أو شركاتها، على آبار نفط سعوديّة من أجل تمويل مُعارضة بلاده في أكثر من دولةٍ عربيّة وأجنبيّة؟
فإذا كانت الإجابة بالرّفض من الطّرفين، وهذا أمرٌ مُؤكّد، فلماذا تتعامل الحُكومات السعوديّة والتركيّة مع هذه الثّروات السوريّة النفطيّة وكأنّها أرضٌ مَشاع ودون صاحب؟ وعلى أيّ أساس قانونيّ وأخلاقيّ يتم إرسال مُمثّلين عن شركة أرامكو السعوديّة، أو النّفط السوريّ المَسروق عبر الأراضي التركيّة إلى زبائنه في الخارج؟
هذا النّفط هو نفط سوري يجب أن تعود عوائده كاملةً إلى الدولة والشّعب السوري، وأن تكون تركيا والسعوديّة ومِصر على رأس الدّول التي تُعارض سرقته وتحتَل آباره، مهما كانت حجم خِلافاتها مع الحُكومة السوريّة، لأنّ هذا يُشكِّل انتِهاكًا صريحًا لكُل القوانين الدوليّة والأخلاقيّة.
نُعارض في هذه الصّحيفة بقُوّةٍ كُل عمليّات النّهب للثّروات السوريّة النفطيّة والغازيّة خاصّةً في وقتٍ لا يجِد الشّعب السوري غاز التّدفئة لأطفاله في هذا الشّتاء القارِص، وتمتد طوابير سيّاراته لبِضعَة كيلومترات أمام محطّات البنزين، لنَقص الوقود وتقنين بَيعِه.
سورية ستخرُج قويّةً صُلبةً مُعافية من قلبِ رُكام هذه المُؤامرة، وستَستعيد دورها ومكانتها، وسيكون لها ولشعبها ومُحبّيها مَوقفٍ آخَر من كُل هؤلاء الذين يستغلّون ضعفها وظُروفها الصّعبة.. والأيّام بيننا.
“رأي اليوم”