السعودية: قمم كثيرة وفائدة قليلة!

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2112
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

رأي القدس
 ازدحمت مكة المكرمة منذ اليوم الخميس بثلاث قمم تجمع الأولى أهل «الديرة» الخليجية، فيما تضمّ الثانية قمة عربية طارئة، والثالثة هي قمة إسلامية، وكلّ هذه القمم ستلتئم تحت رعاية العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز.
من المفترض أن تتدارس هذه الاجتماعات أحداثا خطيرة تستدعي اجتماع دول وأمم الإسلام والعروبة والخليج لحلّها، فالوضع في الخليج العربي بخير، فهناك حرب ضارية ودموية تجري في اليمن الذي يعاني أهله منذ عام 2011 أشكال الدمار والمرض والجوع، وهناك مخاطر كبيرة بوقوع حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية التي حشدت جيوشها وقواعدها، وإيران التي استنفرت قواتها وحلفاءها في المنطقة، فيما تدور حروب طاحنة في سوريا وليبيا تدمر البشر والأرض، وتشهد السودان والجزائر ثورتين شعبيتين، وتتابع قطر فصول حصارها الاقتصادي والسياسي من قبل الدولة المضيفة، ويعاني الفلسطينيون من أشكال الحصار المالي والسياسي فيما مهندس «صفقة القرن»، جاريد كوشنر، مستشار الرئيس ترامب، يتنقل بين الرباط وعمان للتسويق لمؤتمر البحرين في الشهر المقبل، ثم إلى القدس لعرض حصيلة الجولة على الإسرائيليين.
ستتكرم القمم الثلاث طبعاً ببعض الكلام العامّ حول أغلب هذه الأحداث، ولكنّها ستركّز على حدثين يخصّان السعودية هما استهداف الحوثيين اليمنيين لمضختي نفط سعوديتين، وتعرّض أربع ناقلات نفط في إمارة الفجيرة لمحاولات تخريب، كما ستركّز على إصدار بيانات تندد بإيران، وستكون هناك أحاديث في الكواليس لترويج «صفقة القرن» الأمريكية، وسينعم الحضور بموائد إفطار عامرة كي يتذكروا القمم الجليلة قبل أن يغادروا عائدين إلى بلادهم.
طالبت الحكومة الشرعيّة الليبية، قبل أكثر من شهر، بقمّة عربيّة طارئة، وهو أمر تم تجاهله من قبل أولياء أمر القمم العربية والخليجية، في الرياض والقاهرة، وبذلك استمرّ حمام الدم في ليبيا حاصدا قرابة 600 قتيل وآلاف الجرحى وعشرات الآلاف من النازحين، وهذا مثال واحد فقط على أن القمم ليست مخصصة للجميع، وأن هناك خليجيين وعربا ومسلمين من طبقة VIP يحق لهم عقد القمم وتأليف البيانات التي تناسبهم، وفي المقابل هناك حكومات وشعوب تحتاج إلى «كفيل» سعوديّ يسمح لها بعقد قمة.
تستطيع السعودية طبعا عقد القمم وتجميع الزعماء ونصب الموائد وإصدار البيانات الطنّانة لكنّ هذا لا يغيّر في شيء أن تلك القمم فاشلة، والسبب طبعا هو سياسات المملكة نفسها التي تحولت بعد تولّي محمد بن سلمان ولاية العهد وإدارته شؤونها السياسية إلى صورة تسيء للإسلام والعروبة والسعودية نفسها، فخلال سنوات قليلة تمكّن وليّ العهد من تشكيل صورة عالمية لبلاده تجمع بين الحكم المطلق الفاسد الذي يمارس الانتهاكات ويعتقل رجال الأعمال ويقتل المعارضين، ويشن حربا مروّعة في اليمن، ويحاصر جيرانه في قطر، ويناهض أشكال الحراك الديمقراطي العربي، ويسرع عمليات التطبيع مع إسرائيل ويشارك في الضغط والحصار على الفلسطينيين.
لا تفعل القمم هذه غير تأكيد مفارقة فظيعة وهي قدرة السعودية على جمع الزعماء العرب والمسلمين وفشلها في تقديم مثال الدولة العاقلة التي ترعى شؤون أبنائها وتحافظ على جيرانها والرمزيّة الإسلامية المقدّسة التي ورثتها من دون تعب ويقوم ولاة الأمر بإهدارها من دون خجل.