الأموال السعودية فشلت في شراء ود اليمنيين بالمهرة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1800
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 من أجل كسب قلوب السكان المحليين في مدينة الغيضة، عاصمة محافظة المهرة اليمنية، تلك الزاوية الهادئة نسبيا في بلد ممزق، مولت السعودية المدارس، ووسعت المرافق الطبية، ووعدت بقوارب جديدة للصيادين.
كما سيطر جيش المملكة على البحر والمطارات، وجلب المئات من الجنود السعوديين لتنفيذ المشاريع؛ ما أدى إلى إثارة المعارضة بين سكان المهرة.
ومع تزايد الضغوط الدولية على التحالف الذي تقوده السعودية لوقف الحرب المدمرة في اليمن، فإن عدم الثقة العميقة بين سكان المهرة يعقد جهود الرياض لبناء الولاء بين السكان المحليين، لمنع القوى المعادية، وخاصة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، من استغلال فوضى اليمن وتهديد المملكة.
ويتهم بعض الأشخاص في المهرة المملكة باستخدام المشاريع التنموية لترسيخ مصالحها الاستراتيجية العسكرية والأمنية، عبر السيطرة على البنية التحتية الرئيسية في اليمن.
وقال نائب محافظ المهرة السابق، "علي بن سالم الحريزي"، الذي ساعد في تنظيم احتجاجات ضد الوجود السعودي في المحافظة: "نحن تحت احتلال سعودي. نحن لا نحتاج إلى السعوديين".

استراتيجية مزدوجة
وبينما كانت المملكة تقود تحالفا مؤيدا للحكومة يحارب المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، فقد مولت المدارس والبنية التحتية في محافظة المهرة اليمنية.
وقال قائد فرقة العمل السعودية في المهرة، العميد "علي شكري"، إن مبادرات التنمية السعودية تهدف إلى إثبات النوايا الحسنة، وتلبية الاحتياجات المحلية، أمام منافس مثل الجماعة المتمردة المدعومة من إيران، أو المتطرفين الإسلاميين مثل "القاعدة".
وأضاف: "إذا كانت هناك فجوة، فسيملأ أحدهم تلك الفجوة".
وبعد أكثر من 3 أعوام من الحرب، لم يعد اليمن ساحة للهجمات فحسب، بل أصبح بلدا على شفا الانهيار.
وقد جادلت السعودية والإمارات بأن تحالفهما العسكري حاسم لهزيمة الثوار الحوثيين الذين استولوا على العاصمة صنعاء عام 2014. وقتلت الغارات الجوية للتحالف آلاف المدنيين، ودمرت البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات. وأصبح اليمن الآن موطنا لأكبر تفش للكوليرا في التاريخ الحديث. ومات ما يقرب من 85 ألف طفل يمني جوعا منذ بداية الحرب، وفقا لمنظمة "أنقذوا الأطفال"، وهي منظمة دولية غير حكومية.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي قرارا بوقف الدعم الأمريكي للحرب في اليمن.
وفي حين تجنبت محافظة المهرة الكثير من الدمار الذي شهدته أماكن أخرى في اليمن، تعد تلك المحافظة مؤشرا على كيفية ارتياب السكان المحليين من الدور الكبير للقوى الإقليمية.
ومنذ أبريل/نيسان، تظاهر مئات الأشخاص بصورة منتظمة ضد "الغزاة" السعوديين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قتل جنود يمنيون مدعومون من السعودية شخصين على الأقل عندما فتحوا النار على مظاهرة تحتج على الوجود السعودي.
وقال حاكم محافظة لمهرة المدعوم من السعودية، "راجح سعيد بكريت"، إن القتلى كانوا إرهابيين أطلقوا النار على نقطة تفتيش. لكن "الحريزي" قال إن القتلى كانوا متظاهرين عاديين.
وفي الغيضة، استخدم السعوديون المطار، الذي استولوا عليه أواخر 2017، ليطيروا بالجنود إلى داخل وخارج البلاد. كما يديرون برنامجهم التطويري بمساعدة من الجيش، مما يعزز الانطباع لدى السكان المحليين بأن المساعدات السعودية جزء من الجهود الحربية للمملكة.
وتقول الرياض إن جيشها يعمل أيضا في المهرة على منع تهريب المخدرات عبر بحر العرب، الذي يصل إلى السعودية، وكذا تهريب الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون في شمال اليمن لمحاربة الرياض وحلفائها، كما تعمل على تحسين الأمن للشعب اليمني. وعززت المملكة خفر السواحل اليمني، وأقامت نقاط تفتيش لخنق تهريب الأسلحة.

لا رأي للحكومة
وقال مسؤول حكومي يمني رفيع المستوى مقرب من الرئيس اليمني المدعوم من السعودية، "عبدربه منصور هادي"، إن الحكومة اليمنية ليس لديها أي رأي أو سيطرة على توسع السعودية في المهرة. وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه خوفا من الرد السعودي حيث يقيم حاليا، أن الرياض تستغل الوضع الفوضوي في البلاد.
وتابع: "نحن متحالفون مع التحالف الذي تقوده السعودية، لكننا لا نقبل أي انتهاك لسيادتنا. لقد كان هدف التحالف هو إعادة الحكومة الشرعية".
وللتغلب على المتشككين، تجمع السعودية بين جهود التنمية ومكافحة التهريب، مثل توفير الوقود الذي تمس الحاجة إليه، والكتب المدرسية، ومحطة لتنقية المياه، ومرافق طبية جديدة.
وفي مرفأ "نشطون"، الواقع في بحر العرب، جنوب الغيضة، تجد هناك لافتات ضخمة تحمل صورة ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، ووالده الملك "سلمان"، أمام صهريجي وقود، وهو ما لا يدع مجالا للشك فيما يتعلق بمن هو المسؤول عن تلك الهدايا.
ويعد الوقود القادم في ناقلات النفط جزءا من تعهد سعودي بتوزيع 60 مليون دولار من المشتقات النفطية شهريا إلى محطات توليد الطاقة في 10 محافظات عبر اليمن. واستلمت المهرة 4 آلاف و800 طنا منها في نوفمبر/تشرين الثاني، وفقا للمدير العام لشركة النفط الإقليمية، "محسن بلحاف".
ويتم تسليم الوقود تحت مظلة البرنامج السعودي للتنمية والإعمار في اليمن، الذي تم إطلاقه في مايو/أيار 2018، الذي يدير مشاريع البنية التحتية والصحة في 6 محافظات يمنية.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول المنصرم، زار مسؤولون من البرنامج مدرسة في الغيضة لبدء توزيع 192 ألف كتاب مدرسي. واصطفت مئات التلميذات اللواتي يرتدين حجابا أبيضا لاستقبال الزوار. وأشاد المدير العام للتعليم في المهرة، "سمير حاشا"، بالمبادرة السعودية.
لكن كان آخرون أقل حماسا. وفي مستشفى الغيضة؛ حيث وصل مسؤولو التنمية السعودية في قافلة عسكرية يرافقهم حراس مدججون بالسلاح، قال طبيب إن هناك احتياجات أكثر إلحاحا وفورية من مركز غسيل الكلى الذي يجري بناؤه حاليا بأموال سعودية، والذي قال إنه لن يكون جاهزا قبل أعوام.

على حساب عمان
وفي محاولتها لكسب أهل المهرة، والقيام بدور مهيمن في التجارة والأمن، تحاول المملكة الضغط على سلطنة عمان، حسبما يقول النقاد، التي حافظت على علاقات ودية مع أبناء شرق اليمن.
واستولت السعودية على الطريق السريع الرئيسي، والمعابر الحدودية، والموانئ؛ للحد من التجارة مع الدولة الصغيرة الغنية بالنفط. ويتهم المسؤولون السعوديون سلطنة عمان بالتغاضي عن تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيها إلى المتمردين الحوثيين، وهو اتهام يشاركهم فيه المسؤولون الأمريكيون.
وهناك مسار آخر للأسلحة، حيث تقول الأمم المتحدة والجيش السعودي إن إيران ترسل مكونات صواريخ ليتم تجميعها في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون. ورفضت إيران مرارا الاتهامات بأنها تدعم الحوثيين ماديا أو عسكريا، لكنها تعترف بنفوذها مع المتمردين، والتقت مع القوى الأوروبية لمناقشة وقف إطلاق النار في اليمن.
ويزعم بعض المسؤولين السعوديين أن الاحتجاجات الأخيرة تعكس في الواقع رد فعل عنيف بين أولئك الذين لديهم حصص في تجارة التهريب في الإقليم، بما في ذلك الصيادين المحليين.
وقال العميد السعودي "شكري": "عندما أتينا، أوقفنا التهريب، لذلك أوقفنا مصدرا للدخل كانوا يعتمدون عليه. لذلك فإن البعض منهم ليسوا سعداء".

المصدر | وول ستريت جورنال