هيومن رايتس: رجال القحطاني عذبوا الناشطات المعتقلات بوحشية
مروان رجب
جددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية مطالبتها، الخميس، بالسماح للمراقبين الدوليين المستقلين بزيارة الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة، المعتقلات بسجون المملكة العربية السعودية منذ مايو/أيار الماضي، للتأكد من سلامتهن، في ظل تقارير تؤكد تعرضهن لتعذيب وحشي.
وأكد تقرير للمنظمة، نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أنه بينما نفت وزارة الإعلام السعودية، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تعرض 3 ناشطات للتعذيب والتحرش الجنسي، تلقت "هيومن رايتس ووتش" تقريرا من مصدر مطلع بتعرض ناشطة رابعة لممارسة مماثلة.
وشدد التقرير على ضرورة أن تحقق السعودية، فوراً وبطريقة موثوقة، في ادعاءات سوء المعاملة أثناء احتجاز وأن تُحاسب المتورطين في التعذيب وإساءة معاملة المعتقلات، وأن تنصف من أسيأت معاملتهن أثناء هذا الاحتجاز المطول قبل محاكمتهن.
وقال نائب مدير المنظمة التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مايكل بيج" إن أكاذيب السعودية المستمرة حول دور كبار المسؤولين في جريمة اغتيال "جمال خاشقجي" تعني أن نفي الحكومة لتعذيب الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة ليس كافياً.
وأضاف: "ما لم يتمكن المراقبون المستقلون من تأكيد سلامة الناشطات فلدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن السلطات السعودية عاملتهن بقسوة لا توصف".
وأكد أن مصادر التقرير الخاص بتعذيب الناشطات كانت قلقة من تعرضها للانتقام في حال الكشف عن هوية المعتقلات.
وشدد "بيج" على ضرورة سماح السلطات السعودية للمعتقلات بالاتصال دون قيود مع المحامين وأفراد أسرهن وإطلاق سراح جميع المسجونين فقط من أجل الدعوة السلمية للإصلاح.
صعق كهربائي
وأشار إلى أن السلطات السعودية عذبت الناشطة الرابعة بالصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي، وقيدت المعتقلات في سرير صلب وجلدتهن بـ"عقال" (رباط أسود يستخدمه رجال المملكة بزيهم التقليدي للحفاظ على غطاء رأسه في مكانه).
ولفت نائب المدير التنفيذي للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن جميع الناشطات معتقلات في سجن ذهبان، شمال جدة، لكن المصادر قالت إن أغلب ممارسات التعذيب كانت تجري في مركز احتجاز غير رسمي، أطلقوا عليه اسم "فندق"، قبل نقل المعتقلات إلى ذهبان في أغسطس/آب الماضي.
وأضاف المصدر إلى أن المعتقلات تم اقتيادهن إلى غرفة تسمى "دار الضباط" لتعذيبهن، لكن أشار إلى أن موقع هذه الغرفة ليس واضحا له.
رجال "القحطاني"
وعن الجهة المسؤولة عن الاعتقال، قال المصدر إن من أساؤوا معاملة المعتقلات تابعون لـ"الأمن السيبراني"، في إشارة إلى احتمال كونهم ضباطا يعملون تحت سلطة مستشار الديوان الملكي السابق "سعود القحطاني"، الذي تم فصله، بموجب مرسوم ملكي، لدوره في التخطيط لاغتيال "خاشقجي".
وشغل "القحطاني"، المقرب من ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، رئاسة مركز الدراسات والإعلام في الديوان الملكي، بالإضافة إلى رئاسة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة.
ونقلت "هيومن رايتس ووتش" عن تقارير إعلامية أن "القحطاني" وجه حملات إلكترونية ضد النقاد السعوديين، ووضع "قائمة سوداء" لاستهدافهم، مشيرة إلى أنه معروف في الدوائر الدبلوماسية باسم "أمير الظلام".
وبحسب مصادر مطلعة متعددة، فإن تعذيب المحققين السعوديين للمعتقلات، أثناء المراحل الأولى من الاستجواب، في الفترة ما بين مايو/أيار وأغسطس/آب الماضيين، شمل تعرض 3 منهن على الأقل للتحرش والاعتداء الجنسيين، بما في ذلك العناق القسري والتقبيل والتعرض للإيماءات الموحية جنسيًا.
وذكر أحد المصادر أن ناشطة معتقلة أخبرته بأن "أحد كبار المسؤولين حضر عدة جلسات تعذيبها وهو يرتدي قناعا"، وهددها بـأن "الصعق الكهربائي التالي سيكون على رأسها" وهددها باغتصابها، لكنه لم ينفذ ذلك.
كما سأل المسؤول المقنع الناشطة المعتقلة عن ما إذا كانت تفضل عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب "خيانتها"، بحسب المصدر.
وذكر أحد المصادر أن المحققين حاولوا ترويع وترهيب إحدى المعتقلات بإخبارها أنهم قتلوا إحدى زميلاتها، وأن واحدة منهن على الأقل حاولت الانتحار عدة مرات.
وفي أعقاب التحقيقات، ظهرت على المعتقلات علامات جسدية جراء التعذيب، بما في ذلك صعوبة في المشي، وارتعاش غير متحكم في اليدين، وكدمات على الفخذين، وعلامات حمراء وخدوش على وجوههن وأعناقهن.
اتهامات بالخيانة
وبحسب المصادر، فقد زار أعضاء لجنة حقوق الإنسان الحكومية في السعودية المعتقلات في ذهبان، لتؤكد لهم إحداهن تعرضهن للتعذيب في موقع آخر، وقدمت لهم جميع تفاصيل معاملتهن، لكن أعضاء الجنة أشاروا إلى أنهم لا يعرفون شيئا عن هذا الموقع.
وعندما سألت ناشطة أخرى ممثل اللجنة عن ما إذا كان بإمكانها حمايتهن، قال إنه لا يستطيع ذلك، بحسب المصادر.
ولفت تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن حملة القمع بحق الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة بدأت قبل أسابيع من رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات بالسعودية، وهو الحق الذي نظمت الناشطات العديد من الحملات للمطالبة به.
وبينما تم الإفراج عن بعضهن بسرعة، ظلت أخريات رهن الاعتقال دون تهمة، ومن بينهن: "لجين الهذلول" و"عزيزة اليوسف"، و"إيمان النفجان"، و"نوف عبدالعزيز"، و"مايا الزهراني"، و"سمر بدوي"، و"نسيمة السعادة"، و"هتون الفاسي"، بالإضافة إلى مؤيدي نشاطهن من الرجال، ومنهم المحامي " إبراهيم المديميغ"، والناشط الاجتماعي "محمد ربيع".
واتهمت السلطات السعودية العديد من المعتقلين بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك "الاتصال المريب مع أطراف أجنبية"، وشنت وسائل إعلامها حملة تشهير ضدهم، واصفة إياهم بـ"الخونة".
وذكرت جريدة "عكاظ" السعودية أن 9 من هؤلاء المعتقلين سيحالون للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أنشئت أصلا للجرائم الإرهابية، ما يعني احتمال تعرضهم للسجن 20 سنة في حال إدانتهم.
وجاءت تلك الحملة مخالفة لسياسة راسخة في السعودية تتمثل في عدم نشر أسماء المشتبه بهم خلال فترة الاحتجاز السابق على المحاكمة، وفي الوقت نفسه، وهو ما تم الالتزام من جانب وسائل الإعلام الموالية للحكومة بحق الأشخاص الذين اعتقلوا على خلفية اتهامهم بالتورط في جريمة اغتيال "خاشقجي".
نداء عالمي
وبينما أشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن السلطات السعودية أدلت مراراً ببيانات كاذبة حول قضية خاشقجي، شددت على أن الأدلة الجديدة على تعذيب المعتقلات تجعل تحرك قادة العالم على وجه السرعة ضروريا لمطالبة ولي عهد المملكة "محمد بن سلمان" وحكومته بالإفراج عن جميع الناشطين السلميين على الفور.
وأكدت المنظمة أن قادة العالم "يجب أن يوضحوا أنه ما لم يتم إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان، فإن الحكومة السعودية ستواجه المزيد من العزلة".
المصدر | الخليج الجديد