ماذا تَعنِي حَملَة المُقاطَعة لوُزَراء التِّجارة والاقتصاد في الدُّوَل الغَربيّة الكُبرَى لمُؤتَمر الأمير محمد بن سلمان الاستثماريّ الدوليّ على أرضِيّةِ اتِّهاماتِ المملكة باغتيالِ خاشقجي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1621
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

وهَل تُؤكِّد هَذهِ المُقاطَعة صِحَّتَها حتّى قَبلَ ظُهور نتائِج التَّحقيقات؟ وكيْفَ ستَنعَكِس على “رؤية 2030″؟
 تُواجِه طُموحات الأمير محمد بن سلمان، وَليّ العَهد السعوديّ، ضَربةً قويّةً، ورُبّما قاتِلةً، بعد إلغاءِ عَددٍ كَبيرٍ مِن وزراء التِّجارةِ والاقتصاد الغَربيّين ورُؤساء البُنوك والشَّرِكات الكُبرَى لمُشارَكتِهم في مُؤتَمر مُبادَرة مُستَقبل الاستثمار في “دافوس الصَّحراء” على أرضيّةِ اتِّهامِ المملكة العربيّة السعوديّة بالوُقوفِ خلفَ اغتيال الصَّحافي جمال خاشقجي في مَقرِّ القُنصليّة السعوديّة في إسطنبول.
هَذهِ المُقاطَعة والانسحابات مِن مُعظَم المُؤسَّسات والبُنوك الكُبرَى ما كان لها أن تتم لولا اقتِناع حُكوماتٍ مِثل فرنسا وبريطانيا وهولندا وألمانيا بأنّ هَذهِ الاتِّهامات تَنطَوي على الكَثيرِ مِن الصِّحَّة، وتُشَكِّل أرضيّةً قويّةً لإدانَة المملكة، والأمير محمد بن سلمان شَخْصِيًّا، الذي يَتردَّد أنّه، أو الدَّائِرة المُحيطةِ بِه، كانا خَلف التَّخطيط والتَّنفيذ لخُطَّةِ الاغتيال هَذهِ.
المملكة العربيّة السعوديّة كانَت تُعَوِّل آمالًا عَريضَةً على هذا المُؤتَمر لجذب الاستثمارات العالميّة في مَشاريعِها التي تُخَطِّط لإقامَتِها في مِنطَقة “نيوم” الساحليّة على البحر الأحمر، وكذلِك مشاريع في مَناطِقٍ أُخرَى في إطار رؤية “2030” التي وَضَعها الأمير بن سلمان، وجَوهَرِها تنويع مَصادِر الدَّخل بِما يُؤدِّي إلى إنهاءِ الاعتماد على النِّفط، وتَحويلِ السعوديّة إلى قاعِدةٍ استثماريّةٍ دوليّةٍ عُظمَى.
صُورة المملكة كجَاذبةٍ للاستثمارات الخارجيّة تَعرّضت لهَزَّةٍ عنيفةٍ بعد إقدام بن سلمان على اعتقال 350 من أبرز رجال الأعمال السُّعوديّين وبعض الأُمَراء الكِبار مِثل الوليد بن طلال تحت عُنوان مُكافَحة الفساد، وجاءَت عمليّة اغتيال الصِّحافي جمال خاشقجي في القُنصليّة السعوديّة في تركيا أشبَهَ بالضَّربةِ القاضِية، خاصَّةً أنّ مُعظَم الوزراء الذين ألغوا مُشارَكَتَهم يُمَثِّلون دُوَلًا أُوروبيّةً وحَليفةً للمملكة، في رِسالةٍ تقول أبرز مُفرَداتِها أنّ قِيَم العَدالة وحُقوق الإنسان تتقدَّم على الصَّفَقات التِّجاريّة.
نَعتَقِد أنّ مُقاطَعة هذا المُؤتمر الاقتصاديّ الاستثماريّ المُهِم هِي مُقَدِّمة لخَطواتٍ أُخرَى رُبّما تَكون أكثَر إيلامًا للمملكة العربيّة السعوديّة واقتصادِها في ظِل التَّهديدات بفَرضِ عُقوبات اقتصاديّة، وإعادَة تفعيل قانون “جاستا” للحُصول على تعويضات لضَحايا جريمَة هَجَمات الحادي عشر مِن أيلول سبتمبر عام 2001 التي نَفَّذَتها مَجموعة مِن 19 شَخْصًا يَنْتَمون إلى تَنظيمِ “القاعِدة”.
المملكة العربيّة ستُواجِه مَأزقًا وأزَماتً اقتصاديّةً ضَخْمَةً في المُستَقبل المَنظور، ورُبّما تحتاج إلى اتِّخاذِ قرارات حاسِمَة للخُروج مِن هَذهِ الأزَمَات، أو تَقليصِ أخطارِها وخسائِرها، وأبرزها إجراء تَغييرات في هيكليّة القِيادة، والإتيان بقِيادَةٍ جَديدةٍ تَمْلُك المِصداقيّة، والسُّمعَة الحَسَنة إلى جانِب القُدرة على إعادَة ثِقَة المُجتمع الدوليّ مِثلَما كانَ عليهِ الحال قبلَ الانخراطِ في حَربِ اليمن، وارتكابِ مَجازر حَرب فيها، وتَجاوُز كُل الخُطوط الحَمراء باغتيالِ الخاشقجي بطَريقَةٍ دمويّةٍ بَشِعَةٍ تَقشَعِرُّ لها الأبدان، إذا صَحَّت الرِّوايات حَول تقطيع جُثمانِه إلى أوصالٍ بالمِنشار الكَهربائيّ بَعدَ مَقْتَلِه.
أحَد أبرَز مَصادِر القُوّة السعوديّة تَكمُن في قُوّة اقتصادِها، وتَحالُفِها مع الغَرب، ويبدو أنّ هَذهِ القُوّة بَدَأت تتآكَل وتَقترِب مِن القاع بعد وُقوفِ مُعظَم دُوَل العالم خَلفَ الاتِّهامات باغتيالِها الخاشقجي.
“رأي اليوم”