الرياض تؤكّد مقتل خاشقجي في قنصليتها باسطنبول اثر شجار وترامب يطالبها بإيضاحات في هذه القضية التي اثارت صدمة عالمية وخلفت ازمة للرياض

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1981
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الرياض (أ ف ب) – أكّدت الرياض فجر السبت، للمرة الأولى، أنّ الصحافي السعودي جمال خاشقجي قُتل داخل قنصليتها باسطنبول إثر “شجار”، لكنها لم تقدّم معلومات حول مكان الجثة، في إعلان اعتبره الرئيس الأميركي دونالد ترامب “خطوة أولى مهمّة” لكن غير كافية.
وتزامناً واصل المحقّقون الأتراك تحقيقاتهم وقاموا بتفتيش غابة شاسعة في اسطنبول، في حين أعلنت انقرة أنها ستكشف “كلّ” ما لديها في هذه القضية التي أثارت صدمة عالمية وخلّفت أزمة للرياض.
ودعت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية إلى إجراء تحقيق مستقل لكشف ملابسات وفاة الصحافي السعودي.
وجاء التأكيد السعودي قبيل الفجر عبر وكالة الأنباء السعودية “واس” التي نقلت عن النيابة العامة إعلانها في بيان أنّ التحقيقات الأولية أظهرت حصول “شجار” أدى إلى وفاة الصحافي السعودي.
وبالتزامن مع الإعلان، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بإعفاء نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري ومسؤولين آخرين في جهاز الاستخبارات، بالإضافة إلى المستشار في الديوان الملكي برتبة وزير سعود القحطاني، من مناصبهم، فيما ذكرت الرياض أنّها أوقفت 18 سعودياً على ذمة القضية.
وتابعت الوكالة أنّ التحقيقات كشفت أن المناقشات مع خاشقجي في القنصلية “لم تسر بالشكل المطلوب وتطوّرت بشكل سلبي أدّى إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي بين بعضهم وبين المواطن جمال خاشقجي، وتفاقم الأمر ممّا أدى إلى وفاته”.
وتابع البيان أنّ هؤلاء حاولوا “التكتّم على ما حدث والتغطية على ذلك”.
ولم يتّضح من البيانات السعودية الرسمية التي حمّلت المسؤولية للمشتبه بهم وحدهم، مصير جثة الصحافي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة وكتب مقالات في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية انتقد فيها سياسات ولي العهد.
وأصدر العاهل السعودي أيضاً قراراً بتشكيل لجنة وزارية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات العامة وتحديد صلاحياته.
– روايات متضاربة –
وكانت المملكة أكّدت أن خاشقجي غادر مبنى القنصلية بعيد وقت قصير من دخوله، وقد سمحت لاحقاً لفريق تحقيق تركي بتفتيشه. كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع وكالة بلومبرغ “ما أعرفه هو أنه دخل وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة. أنا لست متأكّداً”.
وقال مسؤولون أمنيّون أتراك إنّ خاشقجي تعرّض للتعذيب وقتل داخل القنصلية على أيدي فريق سعودي جاء خصيصاً إلى تركيا لاغتياله، بينما نفت الرياض أن تكون قد أصدرت أوامر بقتله.
وجاء الإعلان السعودي بعد اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والعاهل السعودي، أكدا خلاله “أهمية مواصلة العمل معا والتنسيق المشترك”، بحسب مصدر في الرئاسة التركية.
وتعرّضت الرياض لضغوط دولية إثر اختفاء الصحافي السعودي في قضيّة دفعت بالعديد من المسؤولين ورجال الأعمال الغربيين إلى إلغاء مشاركتهم في مؤتمر اقتصادي مهمّ في الرياض الأسبوع المقبل.
– ترامب “غير راضٍ” –
وبعدما كان أعلن في بادئ الأمر أن الرواية التي قدّمتها الرياض لملابسات مقتل خاشقجي “جديرة بالثقة” عاد الرئيس الأميركي وقال عصر السبت إنّه غير راضٍ عن المعلومات التي أدلت بها المملكة بشأن هذه القضية، مبدياً استعداده لفرض عقوبات على المملكة، إذا اقتضى الأمر ذلك، بشرط أن لا تطال مبيعات الأسلحة الأميركية إليها.
وقال ترامب للصحافيين في مدينة إلكو بصحراء نيفادا (جنوب غرب) “يمكننا القيام بأمور أخرى، بما في ذلك فرض عقوبات”.
وأضاف إنّ ما أعلنته الرياض فجر السبت هو “خطوة أولى مهمة. إنها خطوة أولى جيّدة ولكن أنا أريد الحصول على الإجابة”.
وردّا على سؤال عمّا إذا كان راضياً عن الإجراءات التي اتّخذتها المملكة بالتوازي مع تأكيدها مقتل خاشقجي قال ترامب “كلاّ، لن أرضى إلا عندما نحصل على الإجابة”.
وأضاف “أمّا وقد قلت هذا، فنحن لدينا (عقود) بقيمة 450 مليار دولار، بينها 110 مليارات دولار لطلبيات عسكرية، من عتاد وأمور أخرى طلبتها السعودية”.
وتابع “أعتقد أنّ هذه (العقود العسكرية) تمثّل أكثر من مليون فرصة عمل وبالتالي فإنّه ليس أمراً بنّاءً بالنسبة إلينا أن نلغي طلبية مماثلة”.
وشدّد الرئيس الأميركي على أنّ تعليق هذه العقود “سيضيرنا أكثر بكثير ممّا سيضيرهم”.
من جهته أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “انزعاجه الشديد” إثر تبلّغه بمقتل الصحافي السعودي، مشددا على “ضرورة إجراء تحقيق سريع ومعمّق وشفّاف في ظروف وفاة خاشقجي وعلى المحاسبة التامّة للمسؤولين عنه”.
وطالبت وزيرة خارجية الاتّحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بتحقيق “معمّق ويتمتّع بالمصداقية وشفّاف يوضح ظروف مقتل (خاشقجي) ويضمن محاسبة جميع المسؤولين عنه”.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أنّ الإيضاحات التي قدّمتها الرياض بشأن مقتل خاشقجي لا تقدّم أجوبة على كل الاسئلة المطروحة، وطالب ب”تحقيق شامل ومتقن لتحديد المسؤوليات كافة والتمكّن من محاسبة المسؤولين عن مقتل جمال خاشقجي”.
– “غير جديرة بالثقة” –
من جهتها اعتبرت منظمة العفو الدولية في بيان أنّ نتائج التحقيقات السعودية “غير جديرة بالثقة”، وأن “إجراء تحقيق مستقل “هو الضمانة الوحيدة بوجه ما يبدو أكثر فأكثر إخفاء سعوديا لظروف قتل خاشقجي”
بدورها دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى مواصلة “الضغوط” على السعودية عبر مقاطعة مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” وتجميد “المشاريع التجارية” مع الرياض.
والسبت طالبت جمعية “بيت الإعلاميين العرب في تركيا” ومقرها اسطنبول في بيان بأن “ينال قتلة جمال خاشقجي عقابهم”.
وأضافت الجمعية “نحن لا نطالب بالعدالة فقط بحق 18 متورطاً، بل يجب معاقبة من أعطى الأوامر لهؤلاء أيضا”.
وتعهّدت تركيا السبت بالكشف عن كامل تفاصيل مقتل خاشقجي، بحسب ما نقلت وكالة أنباء الأناضول عن المتحدث باسم الحزب الحاكم عمر جليك.
من جهتها أشادت الإمارات ومصر والبحرين، وهي دول حليفة للرياض، السبت بقرارات العاهل السعودي بشأن قضية خاشقجي.
أما الخارجية البريطانية فأعلنت من ناحيتها أنّها “تدرس التقرير السعودي وخطواتنا القادمة”، مؤكّدة ضرورة محاسبة المسؤولين.
وكتبت خطيبته خاشقجي التركية خديجة جنكيز، في تغريدة على موقع تويتر باللغة العربية في وقت مبكر من صباح السبت “إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا على فراقك يا حبيبي جمال لمحزونون”.
ونشرت مجلة “نيوزوويك” الأميركية حوارا مع خاشقجي أجري في الاونة الاخيرة وأكد فيه أنه لا يدعو للإطاحة بالنظام السعودي، لأن هذا “امر غير ممكن”، مؤكدا أنه يدعو فقط “لإصلاح النظام”.
وأكد خاشقجي في الحوار أنه “بالتأكيد” سيقبل منصب مستشار لولي العهد السعودي كونه “يرغب في سعودية أفضل” ولكنه ندّد بما وصفه بأسلوبه “الاستبدادي”، معتبراً ولي العهد “زعيماً قبلياً من الطراز القديم”.