جورج فريدمان: الناتو العربي سيغير المنطقة لكنه بعيد المنال

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2305
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 أعلنت الولايات المتحدة، عن خطط لعقد قمة في يناير/كانون الثاني المقبل، لتدشين ما يطلق عليه "ناتو عربي"، أو رسميا "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي".

وعلى هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، عقد وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، محادثات أولية مع الدول الرئيسية ذات الصلة، وهي الأعضاء الستة بمجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مصر والأردن، للتباحث حول القمة.

فكرة "الناتو العربي"، سبق أن تم طرحها من قبل، ولكن تلك هي المرة الأولي، التي يخطط فيها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، لترأس اجتماع يستهدف مناقشة تشكيل التحالف.

ولم تحظ القصة بتغطية إعلامية كبيرة الأسبوع الماضي، مع سيطرة قصص أخري على اهتمامات الصحافة، ولكن في أوقات أخري، كانت تلك القصة ستهيمن على الأخبار.

في الماضي، كانت فكرة "الناتو العربي"، مدفوعة بالرغبة في توحيد الدول العربية ضد الجهاديين.

وأجلت الحقائق السياسية تشكيله، لكن هذه المرة فإن الفكرة مدفوعة بتوسع النفوذ الإيراني، الذي يشكل تهديدا وجوديا للدول العربية.

وبالفعل لدي إيران موقف مسيطر في العراق، وتأثير قوي في سوريا ولبنان، وتدعم الشيعة الذين يقاتلون في اليمن.

ورغم أن اقتصادها يتعرض لضغوط شديدة، لاسيما مع إضافة العقوبات الأمريكية، فإن إيران ستصبح تهديا مباشرا للأنظمة العربية ، إذا استطاعت تعزيز (توطيد) موقفها .

ويأتي اهتمام إيران بالعالم العربي، في محاولة منها لضمان أمنها الخاص، وكأمر مهم، للسيطرة على الخليج والنفط العربي.

إيران تعتبر تهديد بعيد، ولكن يجب التعامل مع التهديدات البعيدة في وقت مبكر، وليس في وقت لاحق، ومن هنا جاء اللقاء بين من سيكونون قادة "الناتو العربي" في المستقبل.

لكن عند تجميع قائمة المدعوين، فإن القمة اصطدمت بالعقبة الأولي، وهي أن كلا من السعودية والإمارات يعاديان بشدة قطر.

فقطر قريبة من إيران سياسيا وجغرافيا، وهي مهب للريح الخليجية؛ بسبب توددها لإيران، وذلك بالنسبة للسعودية والإمارات كانت "خيانة".

وبالإضافة لذلك، كانت هناك قضايا أقل وضوحا، فجرت أزمة دبلوماسية خلال العام الماضي، عندما تشكلت مجموعة تقودها السعودية بفرض حصار ضد قطر، ويبدو أن موقف الولايات المتحدة يجادل أن إدراج قطر، التي تستضيف القواعد الامريكية، من شأنه أن يحمي الدوحة ويبعدها عن إيران.

وهذه واحدة من فضائل "الناتو العربي"، أنه سوف يجمع الدول العربية مع بعضها البعض وجعلها تثبت في مكانها بإحكام، تماما يحدث في حلف الناتو في أوروبا، وستبدو كمنصة دفاعية، تقدم الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي للحد من النفوذ الإيراني.

وفى وقت لاحق، يمكن أن تأخذ على عاتقها دورا هجوميا، وتعكس اتجاه المكاسب الإيرانية في المنطقة.

لكن هناك العديد من الأسئلة التي لا تزال بدون إجابة..

فهل سيتضمن التحالف، بندا خاصا بالدفاع الجماعي، على غرار الفقرة الخامسة لمعاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تنص على أن "على أن الهجوم على إحدى دول الحلف سوف يُعامـَـل على أساس أنه هجوم على بقية الأعضاء جميعاً، وأن الحلفاء ملزمون بالرد عليه، وأن استخدام القوة العسكرية يُـعـَـد أحد الخيارات في هذه الحالة" .

وهل ستقوم الولايات المتحدة بهذا الالتزام؟، وهل سيكون للتحالف هيكل قيادة مع قوات من كل بلد ملتزمة بخطط للحرب، كما يفعل حلف الناتو، كما يطرح بعض الأسئلة الاستراتيجية.

لو نجح التحالف فعليا، فإن العرب سيتحولون من كونهم شعبا منقسما ومعاديا إلى كيان موحد وقوي، وستكون هناك فرصة حقيقية جدا لإمكانية تهديد كلا من تركيا و(إسرائيل)، وبما أن كلا البلدين يملكان جيشان كبيران ، فقد ينتهي الأمر ، في أسوء الحالات، بقوة عربية تحيط بقوة غير عربية (إسرائيل) وتركيا وإيران، وهذا من شأنه أن يتسبب في اندلاع معركة.

من المرجح أنني أطلع إلى مستقبل بعيد لمنظمة لم تخرج للوجود بعد، وما زالت تكافح بشأن ما يجب فعله مع قطر، ومن الصعب تخيل تحالف عربي قادر على التماسك كعملاق عسكري.

لكن في علم الجغرافية السياسية، فإن الخيال هو أداة أكثر قوة من المنطق السليم، وبما أن التاريخ دائما يوقع المنطق السليم في حيرة، فإن احتمال بقاء هذا التحالف وتنامي قوته، ضئيل ولكنه ليس مستحيلا.

وإذا حدث ذلك، يمكن وقتها أن يغير المنطقة، ويهدد القوي الأخرى ويولد الصراع.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز