"هآرتس": التراجع عن اكتتاب أرامكو .. بداية النهاية لولي العهد السعودي

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1995
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 كان بيع حصة من الأسهم في "أرامكو" السعودية جزءا مهما من خطط الإصلاح الاقتصادي الطموحة بالمملكة، لذا فإن الجدال الذي تلا الإعلان عنه استحوذ على كل العناوين.
وتعد أرامكو أكبر منتج للنفط في العالم، وكان ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الرجل الذي يقود حملة الإصلاح، واثقا من أنها تستحق قيمة 2 تريليون دولار، وهي ضعف قيمة "أبل". وكان من المقرر أن يصبح اكتتاب أرامكو الطرح العام الأولي الأكبر في التاريخ، وقد تنافست بورصات الأسهم العالمية الرائدة على امتياز الإدراج.
وحتى الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" كان راغبا في استخدام نفوذه لدعوة "أرامكو" إلى اختيار بورصة "نيويورك" للإدراج. وتم توظيف جيوش من المصرفيين والاستثماريين الأجانب والمحامين للعمل على العرض.
والآن تم تجميد الاكتتاب العام بشكل مفاجيء.
حسنا، لم يتم التخلي عنه تماما، ولكن قد يتأخر، وفقا لبيان حكومي رسمي. ولكن اقرأ ما بين السطور: "تظل الحكومة ملتزمة بالاكتتاب العام لأرامكو السعودية في وقت تختاره هي عندما تكون الظروف أكثر مواتاة".

الأسرار والحسابات الباردة
تم تأجيل طرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام مرارا وتكرارا منذ الإعلان عنه لأول مرة عام 2016، لنفس الأسباب التي جعلت خطط "بن سلمان" الكبيرة للمملكة محكوم عليها بالفشل.
لم يكن الحرس القديم في شركة "أرامكو" أوالحكومة يرغبون في الكشف عن أكبر قدر من المعلومات عن الشركة، حيث كانت بورصتا نيويورك ولندن تصران على ذلك. وبحسب ما ورد، حاول "بن سلمان" فرض تقييم الشركة بقيمة 2 تريليون دولار كأمر واقع بدلا من التفكير في "الحسابات الباردة" للسوق.
وما أصبح واضحا هو أن "رؤية 2030" ليست هي العملية الجريئة والتحويلية التي وعدت بها "بن سلمان"، وأن الواقع لا يشبه كثيرا الحملة التسويقية اللامعة المحيطة بها.
ولا يزال "ترامب" مقتنعا بأن القرن العشرين لم ينته، وأن الفحم والنفط سيغذيان البشرية إلى الأبد، لكن "بن سلمان" تفهم أن العالم يتحرك، فهو يستثمر في الطاقة الشمسية في الداخل، وفي شركات مثل "تسلا" في الخارج.
وفي الداخل، كان هدف خطة الإصلاح هو خلق قطاع خاص مزدهر مستقل عن النفط يمكنه توفير الوظائف وخلق الثروة.
لكن "بن سلمان" واجه مشكلتين. فقد كان بحاول على المدى القصير تمويل هذا التحول، في وقت تنخفض فيه أسعار النفط، مما جعل البلاد تعاني من عجز ضخم في الميزانية (7٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام). وكان من المفترض أن يساعد الاكتتاب العام في شركة أرامكو في دفع بعض فواتير "رؤية 2030". وكان من الممكن اعتبار العجز الحالي في الموازنة بمثابة استثمار في المستقبل إذا كانت "رؤية 2030" ستنجح، ولكن الاحتمالات تراكمت ضد ذلك.
وتواجه رؤية "بن سلمان" لاقتصاد سعودي مبتكر، تناقضات كبيرة مع إرث حكم أسرة آل سعود. ولم يظهر "بن سلمان" أدنى نية للتنازل عن أي صلاحيات ملكية وأظهر تشبثه بالحكم المطلق. وبالفعل، تضاءل التسامح مع المعارضة، كما يتضح من اعتقال الناشطات، والتهديد بفرض عقوبة الإعدام على أي معارض.
نعم سمح "بن سلمان" للمرأة بقيادة السيارات لأول مرة، وقد قام ببعض الإصلاحات الاجتماعية الجيدة، لكن هذه الإصلاحات جاءت على الحاكم الذي يمنح الهدايا لرعاياه، الذين يتوجب عليهم أن يكونوا ممتنين، وليس في صورة عملية يقرر فيها المجتمع السعودي ما يجب من خلال نقاش مفتوح.
وتعد مشكلة "بن سلمان" الأخرى هي أن المملكة ليس لديها رأس المال البشري الكافي لإحداث ثورة اقتصادية.
وكانت ردود فعل المملكة الغاضبة والمبالغ فيها على انتقاد كندا المعتدل لسجل حقوق الإنسان في المملكة، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني لمدة أسبوعين، والحملة ضد قطر، والحرب السيئة في اليمن، واعتقال رجال الأعمال العام الماضي بسبب اتهامات بالفساد، إشارة للمستثمرين الأجانب والسعوديين بأنه لا يمكنهم أن يفترضوا وجود أي إطار قانوني ملزم، وأن رأس مالهم لن يكون آمنا في المملكة.
ويصنف تقرير رأس المال البشري للمنتدى الاقتصادي العالمي المملكة العربية السعودية في المرتبة 87 على مستوى العالم، وهي درجة أقل من مصر. وليس الأمر أن المملكة تفتقر للمال لتعليم سكانها، لكن السعوديين اعتادوا على فكرة أن العمل الحقيقي يقوم به المغتربون. ومن الصعب تخيل فكرة أنهم سيقودون ويؤسسون أعمالا مبتكرة وتحويلية.
وعلى الرغم من بعض التحركات المبدئية لتشجيع المشاريع الحرة، مثل تطبيق أول قانون إفلاس في المملكة، لا تزال المملكة مكانا رديئا للقيام بأعمال تجارية وليدة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا العالية والابتكار.
ولقد تم إنفاق كل النقود وكل التسويق على فرقة ترويجية عالمية من المصرفيين والاستشاريين والاقتصاديين والمحللين، وحتى الصحفيين، الذين يبيعون قصة الإصلاح التي يقودها نظام "بن سلمان". لكن البلاد تعاني من هروب رؤوس الأموال، ويغادر المغتربون، ما يجعل المملكة تفقد قوة العمل الوافدة العملاقة التي كان يقوم عليها القطاع الخاص في المملكة.
المصدر | ديفيد روزنبرج - هآرتس