«ن.إنترست»: موقف «ترامب» من إيران يصنع «شاه» سعوديا جديدا

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2231
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
 عندما ترشح لمنصب الرئيس، لم يكن «دونالد ترامب» أقل انتقادا للسعودية من الحلفاء الآسيويين والأوروبيين المعتمدين على أمريكا، وبدا الأمر وكأن العلاقات الثنائية تغيرت.
لكن يبدو الآن أن الرئيس «ترامب» يعمل بشكل أوثق مع النظام الملكي السعودي.
وقال مؤخرا إنه يتوقع من الإيرانيين أن يدعوه للتوصل إلى اتفاق جديد، لكن ينبغي لنا أن نتمنى ذلك، خشية أن تكفل الإدارة الأمريكية بتلك الخطوة الهيمنة السعودية في الشرق الأوسط، ولن يكون هذا في مصلحة أحد باستثناء الرياض.
واستحقت المملكة انتقادات المرشح «ترامب»؛ فهي دولة استبدادية فاسدة، مرتبطة منذ فترة طويلة بالعنف، وهي تتعامل مع الجنود الأمريكيين بصفتهم الحراس الشخصيين للعائلة المالكة.
ويتذكر وزير الدفاع الأمريكي السابق «روبرت غيتس» اجتماعه مع الملك السعودي الراحل «عبدالله بن عبدالعزيز»، قائلا: «لقد أراد هجوما واسعا على الأهداف العسكرية الإيرانية، وليس فقط على المواقع النووية».
وأضاف «غيتس» أن هذا الصديق المفترض لأمريكا كان «يطلب من الولايات المتحدة إرسال أبنائها إلى حرب مع إيران من أجل حماية الموقف السعودي في الخليج والمنطقة، كما لو كنا مرتزقة».
ومن وجهة نظر الرياض، بالطبع، هكذا هم الأمريكيون بالضبط.
ومع ذلك، استمر تعاطف صانعي القرار في واشنطن عبر إعلان صداقتهم مع العائلة المالكة، ويعكس هذا السخرية الفظة بدلا من المودة الحقيقية.
فبعد كل شيء، فإن النفط والغاز الطبيعي هي ما يجمع البلدان معا، وليس المصالح أو القيم المشتركة.
ويتصرف الأمريكيون كما لو أن السعوديين قد يقطعون صادرات النفط، على الرغم من أن نظام «آل سعود» لا يستطيع البقاء بدون عائدات الخام.
وكان تفضيل واشنطن ألا تقع المملكة تحت سيطرة نظام عدائي هو ما أنشأ ما يسمى بـ«مبدأ كارتر»، الذي تصور تحركا سوفيتيا محتملا نحو الخليج العربي. ومع ذلك، اختفى هذا التهديد منذ فترة طويلة. واليوم لم يعد يعني الخليج العربي الكثير للولايات المتحدة.

في شباك الرياض
وعندما تم انتخاب «ترامب»، بدا الأمر وكأن جولة السعوديين المجانية انتهت.
وإذا كان الأمر كذلك، كان على الرياض أن تعزز قوات الأمن التي تم إنشاؤها لضمان الامتيازات الأميرية.
والأخطر من ذلك، أن النظام الملكي الطاعن في السن كان مجبرا على إصلاح نفسه لإقناع الشعب السعودي بالقتال نيابة عنه.
فلماذا يجب أن يموت أي شخص من أجل العائلة المالكة؟
ومع ذلك، كانت رحلة الرئيس الأولى إلى الرياض؛ حيث أظهر دعمه للنظام الملكي أثناء قيامه برقصة السيف مع الملك «سلمان بن عبدالعزيز».
وفي ضوء رد فعل الرئيس، تكهن بعض المراقبين بأن السعوديين استحوذوا على قلب «ترامب» ولبه.
وفيما بعد، بدا أن الرئيس سقط بالكامل في شباك الرياض.
لكن السعودية دولة استبدادية، ولا توجد حرية سياسية أو دينية في المملكة، بل هي في ذلك أقل بكثير من إيران.
وفي الآونة الأخيرة فقط، خفف ولي العهد «محمد بن سلمان» بعض الضوابط الاجتماعية، في الوقت الذي قام فيه بقمع منتقدي النظام الملكي، بما في ذلك النساء اللواتي دافعن عن بعض السياسات التي بدأها.
وعلى الصعيد السياسي، أصبحت المملكة أقل حرية الآن في ظل الإصلاح المفترض من قبل «بن سلمان».
وبينما كان يدعي مكافحة الفساد، فقد أنفق الأمير الشاب ببذخ على يخت وقصر فرنسي.
كما قبض على المئات من النخبة في المملكة، بما في ذلك الوريث السابق للعرش، وفعل كل شيء ليحل محله.
وبينما كان يستهدف المنتقدين والمعارضين المحتملين، بدأ في القيام بجهد غير عادي، مطالبا بأن يوقع الموقوفون على التنازل عن أصول كبيرة مقابل حرياتهم.
وكانت الجريمة الحقيقية هي استيلاء النظام الملكي على الأصول النفطية للبلاد، ولقد أعاد ببساطة توزيع الأصول المسروقة بين أفراد العصابة، مستحوذا على حصة أكبر لنفسه.
غير أن ما تفعله الرياض في الخارج يجب أن يكون مصدر قلق أكبر لواشنطن.
وقبل أعوام، وافق النظام الملكي على تشجيع الوهابية الأصولية غير المتسامحة، في مقابل الدعم الديني للنظام؛ حيث يدعم الوهابيون بحماس العائلة المالكة.
وعلى مر السنين، أنفقت المملكة نحو 100 مليار دولار لتشجيع هذا النوع المتشدد من الإسلام في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة.
وفي بلدان مثل البوسنة وكوسوفو، ساعد السعوديون في تطرف السكان الذين كانوا أكثر علمانية في السابق.
وعلى الرغم من أن الوهابية لا تؤيد الإرهاب رسميا، إلا أنها مقدمة للعنف، وتعامل «الآخر» بازدراء.
وتم إغراق الحركات المسلحة بالمال والجنود، وعلى الأخص تنظيم القاعدة.
وقاومت العائلة المالكة الضغوط الأمريكية لخفض التمويل الجهادي، ولم يكن لدى المملكة سوى القليل من القلق عندما بدا الغربيون وحدهم في خطر.
لكن عندما استهدفت القاعدة المملكة، بدأت الرياض تأخذ التهديد على محمل الجد.
والآن، تدعي السعودية أنها حصن ضد الإرهاب، منتقدة قطر لأن الأخيرة تكفل منتقدي النظام الملكي السعودي، الذين تعتبرهم العائلة المالكة هناك «إرهابيين».

مغامرات طائشة
علاوة على ذلك، ثبت أن «بن سلمان» مغامر طائش، ومستعد على الدوام لزعزعة استقرار البلدان، وإطلاق الحروب، وتعذيب المدنيين، وكفالة الاستبداد، وارتكاب أي جريمة لتعزيز نفوذ دولته.
وقد يكون الهجوم على اليمن، لإعادة النظام الدمية إلى السلطة، أكثر أعمال الرياض غير المسؤولة في الآونة الأخيرة.
وقتلت المملكة وحلفاؤها آلاف المدنيين، وحولت الصراع اليمني الداخلي إلى حرب طائفية.
وتدخلت الرياض عسكريا لدعم النظام الملكي البحريني السلطوي المنبثق من الأقلية السنية ضد الأغلبية الشيعية.
ويكرس السعوديون بسخاء ديكتاتورية «السيسي» في مصر، التي هي أكثر قسوة ووحشية من حكم «حسني مبارك».
وفي الخريف الماضي، دعا «بن سلمان» رئيس وزراء لبنان، حليفه السني، إلى المملكة فقط لاعتقاله وإجباره على إعلان استقالته، التي ألغاها فورا بمجرد أن دفع الضغط الدولي إلى إطلاق سراحه.
وأنفقت المملكة عشرات المليارات من الدولارات في شراء الأسلحة من أمريكا لترتفع المملكة إلى المرتبة الثالثة عالميا في النفقات العسكرية، لكن القوات المسلحة السعودية ليست معروفة بقدراتها العسكرية الكبيرة.
وفي الواقع، من يريد القتال والموت من أجل نظام ملكي فاسد عفا عليه الزمن؟ على الأقل يزعم النظام الإيراني أنه يمثل شيئا أكبر، لكن الأسرة الحاكمة السعودية تعمل فقط لإثراء ذاتها.

الرهان الخاطيء
ومع ذلك، يبدو أن إدارة «ترامب» رأت أن النظام الملكي عامل مهم لها، ويذكرنا ذلك بالأيام القديمة السيئة مع شاه إيران.
إذ سعادته الولايات المتحدة في الاستيلاء على السلطة، ولا يزال الإيرانيون يتذكرون انقلاب عام 1953 ضد الديمقراطية لدعم الشاه الذي بدأ برنامج إيران النووي، وحث على توسيع نفوذ بلاده، وتعزيز مصلحته، وليس مصلحة أمريكا.
لكن حكمه المتعجرف والقاسي أدى إلى سقوطه، وإنشاء الجمهورية الإسلامية على إثر ذلك.
وليست هناك حاجة لواشنطن للوقوف إلى جانب واحد بين إيران والسعودية.
وفي الواقع، وكما ذكر «هنري كيسنجر» بشأن إيران والعراق عندما خاضا معركة شرسة قبل أكثر من 3 عقود، فإنه من المؤسف ألا يخسر كلاهما.
وإن لم يكن ذلك، فمن الأفضل أن يتم موازنة القوة بين الطرفين.
ومع ذلك، يطالب خطاب وزير الخارجية «مايك بومبيو» إيران بشكل أساسي بالاستسلام وقبول الهيمنة السعودية، ونزع سلاحها في مواجهة القوة العسكرية السعودية المتفوقة، والتخلي عن حلفائها الإقليميين القلائل، والتوسل تحت رحمة واشنطن والرياض.
وعرض «بومبيو» صفقة لا يمكن لطهران قبولها، خاصة أنها مصممة خصيصا لصالح السعودية، وليس الولايات المتحدة.
فلماذا هذه المحسوبية تجاه الديكتاتورية السعودية؟
تدعي الولايات المتحدة أنها تخشى الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط، لكن ذلك لا يهدد أمريكا على الأرجح.
وتعاني الجمهورية الإسلامية من صعوبات اقتصادية وسياسية محلية، ولا وجود لـ«الإمبراطورية» الإيرانية المزعومة، فدورها كان ثانويا في اليمن التي دمرتها الحرب.
وهي أكثر نفوذا في سوريا المحطمة، ولها بعض النفوذ في لبنان المنقسمة بشدة والمثقلة بالديون، وحصتها متنازع عليها في العراق الشيعية المجاورة.
وفي كل حالة، تقدمت فقط بسبب خصومها؛ فقد دمرت الولايات المتحدة حاكم العراق السني «صدام حسين»، وحاولت الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى الإطاحة بـ«بشار الأسد»، الذي تطلع إلى طهران طلبا للمساعدة.
وبدعم من واشنطن غزت الرياض اليمن، مما أجبر المتمردين الحوثيين على طلب المساعدة من إيران.
وتدخلت كل من (إسرائيل) وأمريكا في لبنان؛ ما دفع طهران لرعاية مجموعة «حزب الله» الشيعية.
علاوة على ذلك، فإن الدول التي لها مصالح ضد طهران هي السعودية والإمارات والدول التابعة لهما؛ البحرين ومصر والسودان.
ولا يريد العراقيون، رغم الأغلبية الشيعية، أن تدار الدولة من قبل إيران، وتبدو روسيا غير راغبة في دور إيراني كبير في سوريا، وأوروبا عصبية وعدائية لكل ما ليس أوروبيا، وكلهم يشكلون ما يكفي من القوة لتقييد إيران.
ويبدو أن المرشح «ترامب» كان يفهم السعودية جيدا، لكن الرئيس «ترامب» يتصرف مثل أي خادم مطيع آخر للنظام الملكي السعودي، لكنه خادم يعمل من واشنطن بدلا من الرياض.
وبدلا من القيام بحملات لتقديم الشرق الأوسط على طبق من ذهب إلى نظام «بن سلمان» والأسرة المالكة، يجب على إدارة «ترامب» دعم مصالح «أمريكا أولا».
** المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

المصدر | ذا ناشيونال إنترست