بن سلمان بعيون إسرائيلية: إصلاحاته تأخذ السعودية نحو المجهول

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1971
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في دراسة لـ «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب
وديع عواودة:
 الناصرة – «القدس العربي» :تشكك دراسة إسرائيلية في جدوى إصلاحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتقول إنها تراوح بين استقرار مترنح وبين مستقبل مجهول.
وتستعرض الدراسة الصادرة عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، وأعدها الباحث يوئيل غوجانسكي، برؤية نقدية ما يعلن عنها كـ«عمليّة الإصلاح الثّوريّ» في السّعودية. وتشير الدراسة إلى الثورات العربيّة التي شهدها مطلع العقد الحالي، مُعتبرة أنها «بدأت من القاع، أي من الجماهير، بيد أن «الثورة» في السعودية تبدأ من الأعلى، تحت إشراف الحاكم بالإنابة، بن سلمان، ومن قصره في الرياض، مبيّنة أن المنظور الغربي يرى أن لـ»عملية الإصلاح الثوري في السعودية، ولسلمان نفسه وجهين، وبالتالي يجب معالجتهما». وترى انه «من المأمول أن تكون خطط بن سلمان لتغيير وجه المجتمع والاقتصاد أكثر نجاحا من خططه في بعض تحركاته الإقليمية، إذ من المشكوك فيه أن تمتلك السعودية نفسها رأس المال الحر والمعرفة المطلوبة لدفع الإصلاحات، وسوف تحتاج إلى مساعدة سياسية واقتصادية من الغرب».

فقدان الشفافية
وتوضح الدراسة أن السعودية موجودة في خضم التغييرات الثورية التي تسعى إلى تغيير جذري في السلوك الاقتصادي والاجتماعي لهذه الدولة المحافظة، وفقا لمبادريها، على عكس الثورات العربية في العقد الحالي، مُشيرة إلى أن «الأمير البالغ من العمر 32 عاما فرض تغييرا على عائلة آل سعود نفسها من حكم يرتكز على قاعدة جماعية لمختلف فروع العائلة، إلى قاعدة واحدة يكون بن سلمان مركزها. وفي سبيل ذلك اعتقل بن سلمان أو فصل كل معارضٍ لسلطته أو ممارساته، وبينهم صحافيّون، ورجال دين، ورجال أعمال، وحتى أمراء، ثم اعتقلهم باسم مكافحة الفساد، في عملية تفتقر إلى الشفافية حتى الآن». وتطرّقت الدراسة إلى زيارات بن سلمان إلى أوروبا والولايات المتحدة، مبيّنة أنه من خلال تلك الزيارات «أراد أن يُعطي السعودية صورة لدولة ديناميكية وشابّة ومبتَكِرة، وأنه متسامح ويسعى للمساواة». كما تنبهت الدراسة إلى أن السعودية تُنفِق ايضا مبالغ كبيرة من المال على جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة، وتُساعد وتدعم مؤسسات الأبحاث والرأي في الولايات المتحدة كي تُحسِّن صورتها. وتتابع «لا يوجد جدل حول حاجة السعودية إلى إصلاح شامل، وهو ما يطلبه صندوق النقد الدولي منذ نهاية القرن الماضي، لذا تم عرض رؤية الثورة السعودية، التي صاغتها شركات استشارية دولية، في ابريل/ نيسان 2016 تحت اسم « رؤية 2030 »، وركّزت أولا وقبل كل شيء على السعي إلى تنويع مصادر الدخل.

باسم الحرب على الفساد
وكجزء من الإصلاحات، تم فرض ضرائب جديدة، بما في ذلك ضريبة القيمة المُضافة، وتم خفض إعانات الكهرباء والماء والوقود، التي تضاعفت أوائل العام الحالي. وتشير الدراسة إلى أن السعودية تمكّنت في الوقت الحالي، من تمويل عجز الموازنة(52 مليار دولار) من خلال تآكل احتياطيات العملة وبيع السندات التي جمعت السعودية من خلالها 40 مليار دولار في عاميّ 2016-2017 ، وتستذكر أنها تريد جمع 30 مليار دولار آخر في 2018، وأن محاولة جمع 100 مليار دولار من خلال اعتقالات الأمراء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، باسم الحرب على الفساد، لم تتحقّق لأن التقديرات تُشير إلى أن المبلغ الذي تمّ تحصيله عقب الاعتقالات، أقل بكثير.
كما تتنبه الدراسة أن نسب البطالة لا تزال مرتفعة، وأن النمو لا يكاد يُذكر، وأن حوالى 70% من مواطني السعودية، دون سن الثلاثين، وفي هذه الفئة العمرية التي يُرجَّح أنها تدعم بن سلمان، تُقدَّر نسبة البطالة فيها بـ 30% .وتشير الى محاولات شراء الذمم، وتستذكر أن «العائلة المالكة أطلقت برنامج «حساب المواطن « للمواطنين من ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة، لمساعدة الأسر في التغلب على ارتفاع تكاليف المعيشة ومنع الاضطرابات المحتملة، ومساعدة العمال الأجانب، الذين يُشكِّلون حوالى ثلث السكان.

إصلاحات شكلية
كما تشير إلى أن بن سلمان جرّد الشرطة الدينية من بعض سلطاتها وأُعيد فتح دور السينما وسُمِح للنساء بالحصول على رخصة قيادة. وبنظر هذه الدراسة فإن «الخطوات الجزئية» لا تزال بالنسبة للمجتمع السعودي، خطوات دراماتيكية، تجلب مزيدا من التعاطف والميول مع بن سلمان، إلا أنه ورغم ذلك، لا تزال المساواة بين الجنسين بعيدة، ويحظر التنظيم السياسي بجميع أشكاله، ولا تزال المملكة تخضع عمومًا للقانون الإسلامي المتشدد».
ورأت الدراسة أن السلع والخدمات الاستهلاكية الممنوحة على مر السنين بشكل مجانيّ، تُعتبرُ حقًا يُمنح بموجب الولاء لآل سعود، ولذلك تقول إن انتهاكًا كبيرًا ومتواصلا لهذا الحق قد يضر بهذا الارتباط، وهو أمر مهم لاستقرار النظام، وحفظ التوازن بين المواطنين والملكية، الأمر الذي يدفع بن سلمان إلى الخوف من الاحتجاج الذي يبرز من وقت لآخر. وتضيف «لذا يتم توجيه الاحتجاجات بشكل رئيسي إلى الشبكات الاجتماعية، كي تبقى في الحيّز الافتراضيّ(رغم أنها تخضع للمراقبة والإشراف، وليس من الواضح إلى أي مدى تمثل المزاج العام)، وهذا ما فعله بن سلمان في بداية العام الحالي، فبعد أسبوع من فرض ضريبة القيمة المضافة وتضاعف سعر البنزين، سارع النظام إلى توفير العلاوات والمكافآت للقطاع العام لضمان استقراره».

الموت فقط يوقفني
وتطرّقت الدراسة إلى ما قاله بن سلمان للصحف الغربية خلال زياراته الأخيرة إلى أوروبا والولايات المتّحدة، حيث أكد ان الشيء الوحيد الذي قد يوقفه هو الموت، وهو ما اعتبرته الدراسة «وسيلة للتعبير عن تصميم بن سلمان على تعزيز أعماله. كما ترى أن أقواله قد ترمز وتشير إلى من منعهم بن سلمان من الوصول إلى السلطة، مع العلم أنها يمكن أن تكون بيده في يوم من الأيام، بصفته وليا للعهد. وتتابع «قد يكون هذا هو السبب وراء التقارير التي تشير إلى أن ولي العهد محاط بحراس ومرتزقة ليسوا سعوديين. بالإضافة إلى ذلك، من المشكوك فيه أن يؤدي السلوك السلطوي إلى استقرار طويل الأجل في السعودية، وهذا الوضع ينقل رسالة سلبية ويزيد من عدم التيقن بين المستثمرين الغربيين، الذين تحتاج السعودية إلى خبراتهم ورأس مالهم لتعزيز الإصلاحات».
ومع ذلك تقول الدراسة إن «عملية الإصلاح التي يقوم بِن سلمان بها ستنصّبه ملكا في المستقبل القريب، ما لم يحدث تغيير غير متوقع، وبالتالي يمكنُ تأمُّل أن تلقى خططه لتغيير المجتمع والاقتصاد، نجاحا من شأنه ضمان نوع من الاستقرار، لكن هناك قضايا كبيرة يجب على بن سلمان التصرف فيها بحكمة، مثل العلاقات مع قطر، والحرب في اليمن.
وخلُصتْ الدراسة الى القول إنه من «المشكوك فيه ما إذا كانت السعودية تملك رأس المال اللازم، والمعرفة المطلوبة لدفع الإصلاحات، لذا سوف تحتاج إلى مساعدة سياسية واقتصادية من الغرب، لأن فشلها ستكون له بالتأكيد مضاعفات إقليمية ودولية».