“كيف نَجَوت من الصَّحوة؟”: هُجومٌ سُعوديٌّ مُضاد يَطال “الوهّابيين” ويَصِف أفكارهم “بالغَفوة”..
تحميل مسؤوليّة “الوهابيّة” “رَسميّاً” للحليف الأمريكي الذي طلب مُواجهة المَد السوفييتيّ وآراء تَستبعِد حُدوث “نِقاشٍ صِحّي” مع النُّخب الدينيّة”.. والإسلاميّون في الاستراحة الخاسِرة بين الجَولَتين
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يُواصِل المَد الإلكترونيّ “الانفتاحيّ”، جولته الثانية في العربيّة السعوديّة، فالإسلاميّون أو تيّار الصحوة قد سدّدوا أهدافهم على مدار 30 عاماً في مرمى أهداف السعوديين، فتشدَّدوا، وتطرَّفوا، وحتى صَدَّروا مِنه جميع نَكهات الإرهاب، فكان ما كان من تنظيمات مُتطرّفة، كتنظيم القاعدة، والدولة الإسلاميّة “داعش”، هذا ليس حال البِلاد قبل العام 1979، بل يُؤكِّد وليّ العهد السعوديّ هذا بقوله رسميّاً للمُراسلين والمُحرِّرين في صحيفة “الواشنطن بوست”: “حُلفاؤنا طلبوا مِنّا استخدام الفِكر الوهابي، ضِمن الحرب الباردة للوقوف ضِد الاتّحاد السوفييتي”.
يُعلِّق الناشط السياسي، والمُعتقل سابقاً في سُجون السعوديّة بدر طعيميس الشهراني، قائِلاً لـ”رأي اليوم”، ما يُمارسه بن سلمان هو صحوة مُضادّة، ضد تيّار ما عُرف بالصحوة، وأفكاره المُتشدّدة، التي فَرضت منع قيادة المرأة، كراهيّة الكُفّار، عدم الاختلاط بين الجنسين، وإلى ما هُنالك، بل ويُحمّل أي بن سلمان مسؤوليّة سطوة هذا التيّار، إلى حُلفائه، أو حليفه بالأحرى الأمريكي، لكن ودون دراية، أو عن دارية يقول الشهراني، يُطبّق أيضاً ما طلبه الحليف منه، وهو القضاء على الصحوة، والانتهاء من الإسلام السياسي المُتشدِّد.
سيتلقّى الإسلاميّون يقول الصحافي السعودي أحمد التميمي، أقوى هزيمةٍ نكراء في تاريخهم، فتاريخ صلاحياتهم انتهى، وفُرص استغلال الاستراحة بين جولتيّ الصحوة والصحوة المُضادّة، قبل الصُّعود على الحلبة، باتت شِبه معدومة، ويستبعد التميمي أن يكون هناك حالة نِقاشٍ صِحّيٍّ قد دارت مع النُّخب الدينيّة، وكسب ما تبّقّى منهم كما قال الأمير بن سلمان، لم يتم إلا بالاعتقال، أو الترهيب بالاعتقال، الشعب افتراضيّاً لعلّه يثور على نوايا التخلّص من العباءة، القضاء على المُؤسّسة الدينيّة، لكن هل تعود الروح في جسد ميّت أُعلنت وفاته، وهذا حال المُؤسّسة الدينيّة، يُؤكّد الصحافي التميمي.
هدفٌ واحد لعلّه استطاع الشعب تسجيله في مرمى القيادة السعوديّة، حين اعترض بالصوت الواحِد على نوايا الانفتاح المُتتاليّة “تويتريّاً”، السيطرة هُنا للفريق الأقوى يقول مراقبون، والفريق المُضاد مُسلّحٌ بأقوى إمبراطوريّات توجيه الرأي العام، وتعديله، وتحديثه، فيما يتوافق، الخبير التقني أحمد صالح، يُؤكِّد لمُعد هذا التقرير، أن 150 ريال، ما يُعادل 40 دولار فقط تستطيع أن تتصدّر بها قائمة الترند في “تويتر”، فكيف هو الأمر إذاً مع السيطرة الحُكوميّة على وسائل الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي بجميع منصّاتها، والسعوديّة دولةٌ مُتصدِّرة في هذا المجال؟
هُجوم عنيف، أو هجمة مُرتدّة، تَبِعت الهُجوم الشعبي على القيادة السعوديّة الشابّة في وسم “العباية شريعة يا علماني”، وهو توصيف قُصد (علماني) قُصد به الأمير محمد بن سلمان، على أثر تصريحات له حول حُريّة اختيار الملابس للمرأة، وعدم وجود قوانين تسنها بلاده، تفرض عليها ارتداء العباءة السوداء، هُجومٌ مُضاد عُنوانه على “تويتر”، “كيف نجوت من الصحوة”، يتفاعل الآلاف، ويتصدّر الهاشتاق قائمة الترند خلال إعداد هذه السُّطور، ويَصِف أفكار التيّار المَذكور “بالغَفوة”.
إبراهيم المنيف قال: #كيف_نجوت_من_الصحوه لما ادركت ان (الفكر الصحوي) عبارة عن مزج بين #الفتاوى_المتشددة، والتقاليد المتخلفة مثلاً: “قيادة المرأة” لا يوجد حكم شرعي يحرمها، لكن حرموها من باب سد الذرائع (ليطبقوا تشددهم)، وأقنعوا الشعب انه عيب في العادات ان اختك تسوق، (هل ترضى اختك تسوق “بين الرجال”)؟
إي دبليو فعلّق: ظهرت الصحوة بعد حادثة جهيمان الملعون الى يوم الدين، تبنّت أفكاره مؤسسات دينية الى ان تغلغلت في تعليمنا ومجتمعنا.. أصبحت المنابر تنادي للجهاد في أفغانستان الى ان ظهرت لنا القاعدة ثم فجروا في الرياض والخبر وظهرت لنا داعش في حين آخر، وحيد الغامدي يقول: لا بد من إدراك هذه الحقيقة: وهي أن الصحوة لا تعني الدين أو التدين، وإلا لما كان هناك دين وتدين طوال قرون مضت حتى جاءت الصحوة، إذن .. ما هي الصحوة ؟ هي مجرد ظرف ثقافي مرحلي جاء في سياق الربيع الديني الذي ضرب كل الشرق الأوسط عام ١٩٧٩ بما في ذلك إيران!
حاول بعض المُغرّدين والنشطاء الإسلاميين، أمام آلاف من التغريدات الدِّفاع عن “الصحوة”، فقالت إمرأة سعودية:”اقسم بآيات الله العظيمه ان كل هذا الاقاويل عن الصحوه إنما هي لتحريف دين الله الصحيح والعب على الجاهلين ومن لديهم ضعف بالايمان والعلم للانجراف خلف اسلام وسطي كاذب بعيد عن دين الله الصحيح واكبر دلاله كذبهم كلامهم عن الحجاب وهو فريضه وواجب من الله”.
المسألة ليست كما يرى مُختصون في الشأن المحلّي، مسألة صحوة دينيّةٍ أم علمانيّة، الأمر لا يعدو كونه مسألة خلط الملفّات دُفعةً واحِدة، فيصحو الرأي العام على أخبار الاعتقالات الشهيرة التي طالت نجوم الصف الأول من المسؤولين ورجال الأعمال، فينشغل بحقيقة مُكافحة الفساد، ثم ينام على أنباء الصفقات الخفيّة معهم، تفرح السيدات بالسماح لهن بالقيادة، وينشغل الرجال بتخيّل الشارع العام بوجودهن، لا عباءة، ولا صحوة، فيُقسِم الشعب أن لا تراجع عن الدين وحِشمته، صحوةٌ مُتطرّفة، نحمدالله إذاً أننا نجونا منها كجيل شبابي، والفضل لعصر الترفيه والانفتاح، يقول مختصون.
“الصدمة” ثم التشتيت، هو تماماً ما يفعله الأمير محمد بن سلمان، فالمُتتبّع كما ترصد “رأي اليوم” لمنصّة الرأي العام “التويتريّة”، لا يستطيع أن يجد توجّه ثابِث أو رأي مُؤيّد، أو مُعارض ككل، فقط جدلٌ ونقاش، وهذا يُعارض ما تبنّاه بالأمس، وذاك يُوافق على ما اعتبره خوضاً بالممنوع قبل أيّام، الخلاصة يقول مراقبون، لا صوت يعلو فوق صدمات وقرارات العهد الشاب الجديد، فكيف سينتهي أكثر فُصول مسرحيّة العربيّة السعوديّة، إثارةً وغرابة، موضِع تساؤل يطرحه الكثيرون.