قراءة في بعض مضامين مقابلة الأمير “بن سلمان”

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1976
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

جامحٌ غنيٌ نزِق مثقّفٌ وذكيّ.. صورٌ أراد رسمها الأمير.. “مكافح فساد” لكن دون سؤال عن الآلية.. لهذا تحدث ولي العهد بالعربية.. وكيف كرّس صورة السعودية “المنفتحة”.. “شيطنة إيران” نهج حياة في عصر ترامب.. وسرّ اختيار “هتلر” كلقب لخامنئي
برلين – “رأي اليوم” – فرح مرقه:
 مثيرةٌ هي المقابلة الأمريكية التلفزيونية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتي اختار الأمير الشاب فيها أن ينطق بالعربية وأمام سيّدةٍ “كاشفة الرأس″، يتجوّل معها من شرق قصره إلى غربه، قبيل زيارته إلى الولايات المتحدة ذاتها والتي تبدأ فعالياتها (اليوم) الثلاثاء.
وجود المذيعة السيدة أسهم طبعاً بتكريس صورة السعودية المنفتحة التي يريد الامير الجدلي، بالاضافة لتصريحاته التي تحمّل اعداءه الحاليين سواء الاخوان المسلمين او ايران او حتى الحوثيين ذنب انغلاق السعودية وتشددها خلال الاعوام الماضية، كما ذنب كل “شر” في المنطقة.
رجل السعودية الثاني ووزير دفاعها، تحدث في مقابلته عن شخصيات تاريخية ومؤثرة ووضعها في أماكنها المخصصة كرسالة جديدة توحي بالثقافة والعلم، وتسهم في غربلة جانب من الصورة النمطية عنه شخصياً كمشترٍ للمنصب والشرعية.
حديث الأمير الشاب باللغة العربية، بدا “لقطة ذكيّة” منه، حيث استفاد من طلاقته في لغته الأم من جهة، كما من الفارق البسيط في الوقت للترجمة حتى يستطيع صياغة جمله دون اندفاع او خلط من جهة ثانية، الامر الذي خدمه جداً بطبيعة الحال خصوصا مع ظهوره قريباً لبيئته السعودية بالعربية.
الأمير “غنيٌّ ونزق”..
ورغم أن الامير الشاب اختار اللغة العربية والتي قد تعتبر وسيلة لتقريبه من محيطه، إلا انه اصرّ ان يختار لنفسه صورة “الغنيّ النزق” وهو يقولها بكل بساطة: “أنا ابن عائلة ثرية، ولست مانديلا ولا غاندي”، في اجابته عن سؤال واضح حول نفقاته العالية، وشرائه يختاً وقصراً في باريس.
اختيار الأمير للتعبيرات بدا رسالة واضحةً للغرب أنه شخصياً لا يزال “قادراً على دفع المزيد”، الامر الذي يمهد بطبيعة الحال لزيارته لواشنطن من جهة، ويزيد الانطباع بأنه مناسب لمرحلة يقودها زعماء يمتازون بذات الطريقة في التفكير مثل الرئيس الامريكي دونالد ترامب.
وردّ الأمير على سؤال المذيعة نورا أودونيل في لقاء بثته قناة “سي بي إس” الأمريكية ضمن برنامج “60 دقيقة”، الاثنين، “هذه حياتي الخاصة أحاول أن احتفط بها لنفسي”، مضيفا: “أما عن إنفاقي فأنا شخص غني ولست فقيراً كما أنني لست غاندي أو مانديلا، أنا عضو في العائلة المالكة الموجودة منذ مئات السنيين قبل إنشاء المملكة العربية السعودية ونملك الكثير من الأراضي”.
ويأتي هذا التصريح تعليقا على تقارير إعلامية لبعض الصحف الغربية أثارت ضجة كبيرة وتطرقت إلى ممتلكات ولي العهد السعودي.
ففي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز″، أن محمد بن سلمان اشترى قصر لويس التاسع عشر بأكثر من 300 مليون دولار عام 2015، إذ كان حينها أغلى منزل في العالم، وكان قبلها قد اشترى يختاً بقيمة نصف مليار دولار، ولوحة للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي بقيمة 450 مليون دولار، وكلاهما أيضاً الأغلى في العالم، وفقاً للصحيفة الأمريكية.
محتجزو الريتز.. ليسوا أغنياء!
ورغم أن الامير (32 عاما) أكد أن حياته لم تختلف منذ عشرين عاماً، أي أن منصبه كوليّ عهد لم يزد على نفقاته شيئاً، إلا انه لم يخفّض نفقاته كما حصل مع افراد الاسرة المالكة الذين اعتقلهم في فندق الريتز كارلتون السعودي الشهير، وأكد أن احتجازهم نجم عنه أكثر من 100 مليار دولار أمريكي.
ولم يفصح “الحاكم الفعلي” للسعودية، كما اعتبرته صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، عن تهم المعتقلين، إذا ما كانوا مثلاً تهربوا ضريبيّاً أو حتى “زوّروا أو سرقوا” من أموال السعوديين، بيد أنه أكد أن عمليات الإيقاف كانت تتوافق مع قوانين المملكة، مضيفاً “ما قمنا به كان ضروريا جدا، وجميع الإجراءات كانت قانونية، وقد حصلنا على أكثر من 100 مليار دولار من تسويات مكافحة الفساد”.
نفي الامير الشاب أن يكون جني الأموال هو الهدف من هذه الخطوة، وتشديده أن السلطات السعودية ستعلن قريبا عن أسماء الأشخاص الذين ما يزالون قيّد الاعتقال، بعد أن تم الإفراج أن أغلب محتجزي فندق الريتز، لم ينفي التساؤلات بطبيعة الحال حول اذا ما كان المفرج عنهم طلقاء فعلاً ام انهم قيد الاقامة الجبرية، خصوصا مع تأكيدات ان احدا منهم لم يغادر السعودية منذ ذلك الحين (نهاية العام الماضي).
وبين المحتجزين “السابقين” الملياردير الوليد بن طلال، ووليد الابراهيم صاحب مجموعة قنوات ام بي سي، وغيرهم من اقرباء بن سلمان وأثرياء المملكة العربية السعودية.
شيطنة إيران.. لماذا اختار هتلر؟!..
وتطرق بن سلمان إلى مكافحة الأفكار المتشددة في السعودية، واعدا أن تكشف بلاده قريبا “عما تبذله من مساع حثيثة لمواجهة التطرف”، وأضاف “بعد عام 1979 كنا ضحايا لبعض الممارسات الدينية”، في إشارة إلى الثورة الإسلامية الإيرانية التي كان لها ارتدادات في جميع أرجاء الشرق الأوسط.
وكرّس بحديثه عن التاريخ بهذه الصورة ولي العهد إيران كنموذجٍ للشرّ مجدداً وإن بصورة غير مباشرة، وهو بذلك يخطب بالطبع ودّ مضيفه الامريكي، حيث بات الرئيس ترامب مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قائمين على اساس فكرة “شيطنة ايران”، الامر الذي يعتبره مراقبون جزءا من خطة لخلق عدوٍ بديلا للعرب عن اسرائيل.
حديث الأمير عن ايران باعتبارها تلعب دورا شريرا في المنطقة العربية، واختياره تكرار أن “خامنئي هو هتلر الجديد لأنه يريد التوسع وينفذ مشروعه الخاص في الشرق الأوسط كما هتلر في زمنه”، يخدم بطبيعة الحال نظرية “الشيطنة” كبديل لاسرائيل، فهتلر لا يذكّر فقط بالمشروع، ولكن اسمه متصلٌ عضوياً وبنيوياً بالمحرقة المعروفة بـ “الهولوكوست” التي تسهّل تكريس الاسرائيليين كضحايا والايرانيين كجلاد.
وأوضح ولي العهد أن السعودية خلال الـ40 عاما الأخيرة لاتشبه ما كانت عليه في سنوات الستينات والسبعينات، قائلا: “قبل عام 1979 كنا نعيش حياة طبيعية مثل بقية دول الخليج”، وأعطى أمثلة، بأن النساء “كن يقدن السيارات، وكانت توجد دورٌ للسينما”، وهو الامر الحقيقي حيث تابعته “رأي اليوم” بالصور القديمة في بعض المدن السعودية.
وأضاف : “أطلب من المشاهدين استخدام هواتفهم الذكية للتأكد من ذلك. يمكنهم البحث في غوغل عن السعودية في السبعينات والستينات، وسيرون السعودية الحقيقية من خلال الصور”.