هل أطاحت حرب اليمن بقيادات الجيش السعودي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1918
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

محمد عبدالله
 تغييرات واسعة شهدتها وزارة الدفاع السعودية، مساء الإثنين الماضي، حين أصدر العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، سلسلة أوامر ملكية أطاحت بعدد من القيادات العسكرية على رأسهم رئيس الأركان «عبدالرحمن البنيان».
وتأتي هذه التغييرات مع قرب دخول التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن العام الرابع دون أفق لحسم الحرب، وبعد 3 سنوات من تولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» منصبه كوزير للدفاع.
ويبدو أن حرب اليمن كانت حاضرة بشدة في القرارت الملكية التي ذُكر في نصها أنها جاءت بناء على توصية من «بن سلمان»، فقد أطاحت صواريخ «الحوثيين» الباليستية التي وصل لهيبها إلى قصر اليمامة في الرياض بـ«محمد سحيم» من منصبه كقائد لقوات الدفاع الجوي الذي شغله منذ أكثر من 6 سنوات، ليخلفه في المنصب «مزيد بن سليمان العمرو».
كما أطاحت التغييرات بـ«محمد العتيبي» من قيادة القوات الجوية التي تسند لها المهام الرئيسية في الحرب ليخلفه في المنصب قائد قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية «تركي بن بندر».
وبمقتضى تلك الأوامر تمت الإطاحة بـ«عبدالرحمن البنيان» من منصب رئيس الأركان، الذي كان يشغله منذ مايو/آيار 2014، في حين اختار «بن سلمان» القائد الأسبق للقوات الجوية «فياض الرويلي» ليكون رئيساً للأركان، ويبدو أن طبيعة حرب اليمن التي يغلب عليها الاستراتيجية الجوية كانت من ضمن الأسباب وراء تلك الخطوة.
كذلك تم تفريغ «فهد بن تركي» لمهمة قيادة القوات المشتركة، بعد إنهاء خدماته كقائد للقوات البرية، في حين خلفه «فهد المطير» الذي اشتهر حين كان قائدا للمنطقة الشمالية بالإشراف على مناورات رعد الشمال، أكبر مناورات شهدتها المملكة، والتي جرت في فبراير/شباط ومارس/آذار 2016.
وتعطي تلك التغييرات مؤشرا أن المملكة تود إعادة ترتيب أوراقها بالحرب التي تقودها لمساندة الحكومية الشرعية في اليمن منذ 26 مارس/ آذار 2015، خاصة أنه مع إطالة أمد الحرب بدأ التأييد الدولي يتآكل، والانتقادات الحقوقية الدولية تتزايد، وخصوصا في ظل عدم وجود أفق للحسم، وارتفاع فاتورة الضحايا من المدنيين.
سبب آخر نلحظه من بين طيات هذه الأوامر الملكية، وهو الرغبة في إعادة هيكلة القوات المسلحة السعودية هيكليا وعملياتيا واستراتيجيا، فقد تضمنت القرارات بشكل صريح أمرا بالموافقة على وثيقة تطوير وزارة الدفاع المشتملة على رؤية واستراتيجية برنامج تطوير الوزارة، والنموذج التشغيلي المستهدف للتطوير، والهيكل التنظيمي والحوكمة ومتطلبات الموارد البشرية التي أعدت على ضوء استراتيجية الدفاع الوطني.
وبحسب تصريح سابق لـ «بن سلمان» تنفق السعودية بالمتوسط نحو 70 مليار دولار سنوياً على استيراد السلاح، فيما أوضح أنها تعد ثالث أكبر بلد في العالم ينفق على التسليح العسكري، بينما تستهدف رؤية السعودية 2030 توطين 50% من واردات السعودية من الأسلحة.
وتجدر الإشارة إلى أن الأوامر الملكية، شملت أمرا بتعيين الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية «خالد بياري» مساعدا لوزير الدفاع للشؤون التنفيذية، وفيما يبدو أن الوزارة تحاول الاستفادة من «بياري» المتمرس في مجال الاتصالات والتقنية التي ستلعب دورا مهما في تطوير الوزارة.

دوافع داخلية
كما لا تخلو هذه التغييرات من رغبة «بن سلمان» في إحكام سيطرته وتوسيع دوائر نفوذه، فجميع القيادات المقالة بمن فيهم رئيس الأركان وقائد قوات الدفاع الجوي تم تعيينهم من قبل العاهل السعودي الراحل الملك «عبدالله بن عبدالعزيز»
ومنذ تولي الملك «سلمان» الحكم في يناير/ كانون الثاني 2015، بدأ عملية إحلال وتجديد تزايدت بعد تولي «بن سلمان» ولاية العهد في يونيو/حزيران الماضي، لتعزيز السيطرة على مفاصل الدولة.
ثمة ملمح آخر قد تشير إليه هذه التغييرات وهو محاولة ترضية أمراء طالتهم يد القمع خلال أزمة «الريتز»، كالأمير «الوليد بن طلال»، الذي تم تعيين شقيقه «تركي بن طلال» نائبا لأمير منطقة عسير.
وكان الأمير «الوليد» من أبرز الشخصيات التي تم احتجازها في «الريتز»، وتحدثت تقارير أجنبية عن تصلبه في التجاوب مع المحققين، قبل أن يتعرض للتعذيب والضرب، لا سيما بعد نقله إلى سجن «الحائر»، شديد الحراسة، جنوب الرياض، وهو الأمر الذي كشفته صحيفة «إكسبرس» البريطانية، قبل أن ينفيه «الوليد» في أول ظهور له داخل «الريتز» قبيل ساعات من إطلاق سراحه، مؤكدا أنه كان يتلقى معاملة طيبة.
التعيينات الجديدة جاءت أيضا بحفيد الأمير «مقرن بن عبدالعزيز»، الأمير «فيصل بن فهد»، نائبا لأمير حائل، ومن المعروف أن الأمير «مقرن» كان في دائرة الأضواء بقوة، خلال ساعات اعتقال الأمراء، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث تحطمت مروحية كانت تقل نجله الأمير «منصور بن مقرن» في منطقة عسير، التي كان نائبا لأميرها.
أيضا فإن تعيين نجل وزير الداخلية الأسبق الأمير «أحمد بن عبدالعزيز»، أحد أقوى الأطراف داخل العائلة وأكثرها حنقا على تصرفات «بن سلمان»، مستشارا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة، أمر له دلالة، قياسا بالحالة التي صنعها الأمير «أحمد»، برفض توجهات «محمد بن سلمان»، علاوة على رفض مبايعته في البداية.
وكان موقع «تاكتيكال ريبورت»، أورد في تقرير سابق، أن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز» طلب من شقيقه الأمير «أحمد» التعهد بالولاء لنجله «محمد بن سلمان» بشكل علني، لكن الأمير «أحمد» رفض ذلك، وبرر رفضه بأن ولي العهد الشاب لا يلبي الشروط المطلوبة للخلافة، كما جدد الأمير «أحمد» مطالباته المستمرة بحقه في العرش.
وبشكل عام، فإن حزمة التغييرات التي طرحتها الأوامر الملكية جاءت في وقت تشهد فيه المملكة عددا من التحديات الخارجية والداخلية، ما يجعل ولي العهد الصاعد يعول عليها في إيجاد حلول للأوضاع العسكرية المعقدة التي تورط فيها الجيش السعودي خارج الحدود، بالإضافة إلى تعزيز نفوذه داخليا وتمهيد الأجواء للحظة الصعود إلى العرش.

المصدر | الخليج الجديد