أزمة السعودية وألمانيا.. لا بوادر للتهدئة
إسلام الراجحي
التزمت ألمانيا الصمت حيال انتقادات وجهها وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، ما ينذر بأنه «لا تلوح في الأفق حتى الآن بوادر للتهدئة بين البلدين».
وتجاهلت ألمانيا، انتقادات «الجبير»، ولم توضح موقفها منها، في بيان كما هو المعمول به في الأوساط الدبلوماسية.
وكان المسؤول السعوي صرح لوكالة الأنباء الألمانية «د ب أ»، معبرا عن رفض بلاده لانتقادات وجهتها برلين قبل أشهر.
وقال «الجبير»: «يمكنني أن أقول لكم أننا لسنا سعداء بالتصريحات التي صدرت مؤخرا من الحكومة الألمانية.. نريد ضمان أن السعودية لا تتم معاملتها مثل كرة القدم».
وأوضح أنه «لا يمكن توقع عودة السفير السعودي الذي تم سحبه من برلين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل تشكيل حكومة جديدة في ألمانيا».
وأكد «الجبير» أنه يعتبر العلاقات الألمانية السعودية «ممتازة من الناحية المبدئية»، مضيفا: «نثمن ونقدر هذه العلاقات.. لكن لدينا مشكلة مع التعليقات التي صدرت من مسؤولين ألمان ونريد التعبير بوضوح عن استيائنا من هذه التعليقات، لنرى ما سيحدث في تشكيل الحكومة (الألمانية) الجديدة، نأمل أن يكون بالإمكان إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه».
أزمة قائمة
جاءت تصريحات وزير خارجية السعودية، عقب ثلاثة أشهر من الضجة الدبلوماسية بين ألمانيا والسعودية، بسبب تصريحات وزير الخارجية الألماني «زيغمار غابريل»، التي اتهم فيها الرياض خلال مؤتمر صحفي في 16 نوفمبر/تشرين الثاني بشكل غير مباشر بانتهاج سياسة «المغامرة» في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى خلفية تورط السعودية في استقالة رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري»، التي تراجع عنها لاحقا، قال «غابريل» في ذلك الحين: «إنه يتعين أن تكون هناك إشارة مشتركة من جانب أوروبا بأن روح المغامرة التي تتسع هناك منذ عدة أشهر لن تكون مقبولة، ولن نسكت عنها».
وعقب تلك التصريحات بيومين، تم الإعلان عن سحب السفير السعودي من ألمانيا، احتجاجا على هذه التصريحات.
من جانبها، دافعت برلين عن تصريحات وزير خارجيتها حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية في وقت سابق، أن «التحدث علانية أمر جائز وبدهي بين الشركاء الدوليين المرتبطين بعلاقات وثيقة».
ورغم محاولة الوزير الألماني التخفيف من وقع تصريحاته قبيل عيد الميلاد، حين قال: «تعليقاتي عن الأزمة اللبنانية لا ينبغي اعتبارها هجوما على دولة معينة في المنطقة، ولا حتى السعودية»، إلا أنه كما يبدو فإن أزمة صامتة بين برلين والرياض «ما زالت قائمة»، حسب صحيفة «القدس العربي».
يشار إلى أن «الجبير»، شارك مطلع هذا الأسبوع في مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، دون أن يتم الإعلان عن لقاء بين الوزيرين على هامش المؤتمر، وهو الأمر الذي فسره بعض المراقبين بتردي في العلاقات بين الرياض وبرلين.
تجدر الإشارة إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان «غابريل»، سيظل عضواً في الحكومة الألمانية الجديدة أم لا.
أزمة أسلحة
وكانت السعودية والإمارات من بين أهم عشر دول أصدرت الحكومة الألمانية تصاريح بتصدير أسلحة إليها عام 2016.
يأتي ذلك، قبل إعلان برلين وقف تصدير أية أسلحة للدول المشاركة في حرب اليمن، مع مطلع هذا العام.
واعتبر مراقبون هذه الخطوة «رسالة ألمانية لحكومة الرياض».
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية «شتيفن زايبرت» وقتها، إن مجلس الأمن الاتحادي لا يمنح حاليا تراخيص تصدير أسلحة لا تتوافق مع نتائج المباحثات التي جرت بين التحالف المسيحي، المنتمية إليه المستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل»، والحزب الاشتراكي الديمقراطي لتشكيل ائتلاف حاكم.
وكانت مجلة «دير شبيغل» قد أكدت نهاية العام الحالي، وجود أزمة كبيرة في العلاقات السعودية الألمانية، حيث نشرت تلقي الحكومة الألمانية انتقادات شديدة اللهجة من السعودية.
وقالت المجلة الألمانية، إن السعودية ألغت زيارة على مستوى رفيع كان مخططا لها سابقا بين مسؤولين بين البلدين.
موقف ألماني
ولا يبدو أن برلين تتراجع عن مواقفها، بل تطالب شركاءها في الاتحاد الأوروبي بموقف صريح تجاه المشاكل التي تسببها الرياض في الشرق الأوسط.
وصدر موقف برلين، بينما ترغب السعودية في إقناع الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، فيما تقف برلين بالمرصاد لاستصدار أي موقف أوروبي ضد إيران.
وكانت ألمانيا قد منعت السعودية السنة قبل الماضية من فتح مراكز إسلامية جديدة في مدن أوروبية، حيث اعتبرت المخابرات الألمانية هذه المراكز مصدرا لنشر التطرف.
في المقابل، رخصت ألمانيا لقطر بفتح المركز الثقافي البيت العربي «الديوان» في برلين الذي يعد أول مركز ثقافي قطري خارج قطر.
وجعلت ألمانيا من قطر مخاطبا لها في الخليج العربي، لأن الإمارات والسعودية تنسقان مع فرنسا، بينما تجد الدوحة في برلين المدافع الشرس عن مصالحها وسط الاتحاد الأوروبي، ومن المرتقب أن تمنح قطر الشركات الألمانية حصة الأسد في الصفقات التجارية مستقبلا.
وتدرك الرياض مدى قوة ألمانيا إذا تحركت سياسيا، حيث اتخذت المستشارة «أنغيلا ميركل» مواقف متشددة من الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» رغم أن التبادل التجاري بين البلدين يفوق 35 مليار دولار سنويا، بينما التبادل التجاري الألماني-السعودي لا يتعدى 12 مليار دولار سنويا.
المصدر | الخليج الجديد