«مفاجئ وغامض».. لماذا جددت دول الحصار الحديث عن «تدويل الحرمين»؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2398
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

موجة جديدة يبدو أنها مختلفة هذه المرة للملف الأكثر إزعاجا للسعودية، والمتعلق بالتشكيك في قدرتها على إدارة ملف الحج والعمرة، وهي الدعوات التي تعتبرها المملكة «إعلان حرب»، وتعرف إعلاميا وسياسيا باسم «تدويل الحرمين».

لا يعرف أحد على وجه الدقة ماذا حدث خلال الساعات القليلة الماضية ليستدعي ما يشبه «انتفاضة سعودية رسمية» تجاوبت معها دوائر بدول الحصار، وتحديدا الإمارات والبحرين، على أعلى المستويات.

البداية

الأمر بدأ بتغريدة مفاجئة من المستشار بالديوان الملكي السعودي «سعود القحطاني»، صباح الإثنين، عبر حسابه على «تويتر»، هدد فيها باجتياح قطر عسكريا.

وقال «القحطاني» المعروف بقربه من ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، إن «خلايا عزمي (في إشارة لوسائل إعلام قطرية) وإعلام الظل للسلطة القطرية الغاشمة تروج بشدة لما تسميه بتدويل الحرمين!».

وأضاف: «نصيحتي الشخصية كمواطن خليجي لخيال المآته: تراها إشارة من الكبار وما يحتاج جيش يتحرك ولا طيارات تحلق، 200 جيب ما توقف إلا بالوجبة ويعلقونك مع رجولك، ما هو نافعك عزمي ولا غيره».

 

 

خلايا عزمي وإعلام الظل للسلطة القطرية الغاشمة تروج بشدة لما تسميه بتدويل الحرمين!
نصيحتي الشخصية كمواطن خليجي لخيال المآته: تراها إشارة من الكبار ومايحتاج جيش يتحرك ولا طيارات تحلق. ٢٠٠ جيب ماتوقف إلا بالوجبه ويعلقونك مع رجولك. ماهو نافعك عزمي ولا غيره.
https://youtu.be/FdhSfATP6wo 

 

 

وأرفق «القحطاني» تغريدته بمقطع فيديو لوزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، قال فيه إن «أي طلب بتدويل الأماكن المقدسة تعتبره السعودية بمثابة إعلان حرب وعمل عدواني، ومن حق المملكة الرد على أي طرف يعمل في هذا الاتجاه».

قرقاش أيضا

بعده بنحو ساعة، انبرى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي «أنور قرقاش» بتغريدة أخرى، زعم فيها أن النظام القطري يخطط لتدويل الحرمين الشريفين، وأن تلك الخطة «مصيرها الفشل كما فشلت في السابق»، مشيرا إلى أن «هذه المحاولات لن تجلب له الأمان».

وقال «قرقاش» في نص التغريدة: «خطة المرتبك نحو تدويل الحرمين ستفشل كما فشلت سابقا، تعودنا منه السقوط والسقطات، وعرفنا عنه التآمر والأذى، وسيبقى معزولا منبوذا ولن تجلب هرولته له الأمان».

 

 

خطة المرتبك نحو تدويل الحرمين ستفشل كما فشلت سابقا، تعودنا منه السقوط والسقطات، وعرفنا عنه التآمر والأذى، وسيبقى معزولا منبوذا ولن تجلب هرولته له الأمان.

 

 

الكتائب تتحرك

بعد تغريدتي «القحطاني» و «قرقاش»، بدقائق، دشنت الكتائب الإلكترونية السعودية وسم «#إلا_الحرمين_الشريفين» تبارى خلاله العديد من الكتاب والمغردين المحسوبين على «بن سلمان» وولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، في انتقاد قطر.

الأمر المختلف هذه المرة أن النقد سارع إليه أيضا وزراء وكتاب ومسؤولون بدول الحصار، ولم يقتصر على الجيش الإلكتروني لـ«القحطاني».

أول الداخلين على خط الوسم من الركن الرسمي كان وزير الخارجية الخارجية البحريني، حيث كتب تغريدة، قال فيها: «كلما فشلت لكم خطة، وسقطت لكم مؤامرة، عدتم إلى حكاية تدويل الحرمين.. اصمتوا فقد أضحكتم العالم.. كلامكم عن تدويل الحرمين الشريفين لا يفتح لكم بابا للنقاش، بل يكشف النوايا السيئة والإفلاس السياسي والسقوط الأخلاقي الذي تعيشونه يوما بعد يوم».

 

 

ليس هناك مركز ديني ، لأي دين سماوي او غيره ، يحج إليه الناس في العالم إلا و تتولى مسؤوليته دولة ذات سيادة . و لنا في المملكة العربية السعودية خير مثال للامانة و البذل و الالتزام و الرعاية و الحماية .

 

 

بعده بقليل، غرد وزير الثقافة والإعلام السعودي «عواد بن صالح العواد»، قائلا: «لا ينكر الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن والعناية بالحرمين الشريفين إلا من أعماه الغل عن رؤية الحقيقة فقادته الضغينة ودفعه الحقد إلى القيام بأعمال دنيئة للإساءة للمملكة وللمسلمين في كل مكان».

 

 

لا ينكر الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة في خدمة ضيوف الرحمن والعناية بالحرمين الشريفين إلا من أعماه الغلّ عن رؤية الحقيقة فقادته الضغينة ودفعه الحقد إلى القيام بأعمال دنيئة للإساءة للمملكة وللمسلمين في كل مكان.

 

 

بينما قال الداعية السعودي «عائض القرني» وهو من الذين لم تشملهم حملة اعتقالات «بن سلمان» ضد الدعاة، على حسابه بـ«تويتر»: «إشراف السعودية وريادتها وخدمتها للحرمين مسألة محسومة وخط أحمر وهو حق شرعي وتاريخي وعرفي لا يمكن حتى مناقشته وماذا بعد الحق إلا الضلال».

 

 

إشراف السعودية وريادتها وخدمتها للحرمين مسألة محسومة وخط أحمر وهو حق شرعي وتاريخي وعرفي لا يمكن حتى مناقشته وماذا بعد الحق الا الضلال

 

 

ومن الإمارات، قال رئيس تحرير بوابة «العين» الإماراتية «علي النعيمي»، على حسابه بـ«تويتر»: «أتمنى من كل مسلم أن يتصدى لمؤامرة الإسرائيلي عزمي بشارة والتي ينفذها تميم بذلة وصغار نحو مقدسات المسلمين».

بدوره، قال المغرد الإماراتي المعروف بقربه من ولي عهد أبوظبي «حمد المزروعي»، في تغريدة له: «على قرنك يا ولد أمك تدول الحرم».

بيان غامض

اليوم الغريب لم ينتهي هكذا، حيث تفاجأ الكثيرون ببيان غامض من الرئاسة العامة لشؤون الحرمين، تحذر فيه من «الشائعات والافتراءات ضد السعودية وولاة أمرها، مناشدة بعدم الإصغاء لما يطرح في بعض مواقع التواصل من بث الفتنة والتشهير والتحريض».

وأكد المتحدث باسم الهيئة «أحمد بن محمد المنصوري»، خلال البيان، أن «الرئاسة العامة سائرة على منهج هذه البلاد وفق توجيهات القيادة ووفق الأنظمة والتعليمات في كل ما تقوم به من أعمال إدارية وخدمية وعلمية ودعوية، لتحقيق رسالة الحرمين الشريفين الشاملة لخدمة الإسلام والمسلمين، وتهيئة جميع الخدمات لقاصديهما من الحجاج والعمار والزوار».

هكذا اتسعت الدائرة بشكل مريب، وسط تساؤلات عن حقيقة ما حدث وجعل السعودية تستنفر بهذه الطريقة، ومعها دوائر تحالفاتها الإقليمية.

هل هي إيران؟

بالبحث على الجانب الآخر، نجد أن ردة الفعل السعودية جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان إيران مقاطعة موسم العمرة هذا العام، وذلك على لسان وزير الثقافة والإرشاد «عباس صالحي»، والذي قال إن «شروط الاتصال بين إيران والسعودية لا تسمح بالمشاركة هذا العام»، دون تفاصيل.

لكن من ناحية أخرى، ورغم المقاطعة الإيرانية للعمرة، خرج رئيس منظمة الحج والزيارة في طهران «حميد محمدي»، الإثنين، ليؤكد أن الاتفاقية المتعلقة بموسم الحج المقبل، والمبرمة مع المسؤولين السعوديين «تتضمن امتيازات أكبر مقارنة مع الموسم السابق».

إذن.. فالأمر ليس متعلقا بتصعيد مع إيران، خاصة أن الكتائب الإلكترونية، وقبلها تغريدات المسؤولين الرسميين، صبت جام الغضب على قطر، خلال تناولها الأمر.

نفي قطري

وكان وزير الخارجية القطري الشيخ «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني»، نفى في وقت سابق، صدور أي تصريح من المسؤولين القطريين بشأن تدويل الحج.

ونقلت وزارة الخارجية القطرية في بيان لها عن الوزير قوله إنه «لم يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه النظر في قضية الحج كقضية دولية».

وأوضح أن قطر لم «تسيس الحج، بينما تم تسييسه للأسف من قبل السعودية»، على حد تعبيره.

لماذا غضبت السعودية إذن؟ التطور الذي يمكن ذكره هنا يتعلق بمنظمات دولية صعدت من مطالباتها بوقف ممارسات سعودية لتسييس الحج، واتهام المملكة بالتقصير والفشل في إدارة الحرمين.

حراك مناهض

وفي 9 يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت مواقع إخبارية خبرا عن إطلاق «هيئة دولية لمراقبة إدارة المملكة العربية السعودية للحرمين والمشاعر المقدسة» في ماليزيا، قالت إنها «تسعى لمنع استفراد السعودية في إدارة المشاعر بصورة غير مدروسة تؤثر على سلامة الحجاج والمعتمرين والزائرين».

الهيئة انطلقت من مبدأ المحافظة على المشاعر المقدسة والتأكد من أن السعودية تقوم بإدارتها بطريقة سليمة والإسهام في تقديم النصح والمشورة للسعودية من خلال إشراك الدولة المسلمة في إدارة المشاعر.

وبالعودة إلى الموقع الإلكتروني الذي دشنته تلك الهيئة، نجد بيانا صادرا، الإثنين، يتحدث عن «نوايا السعودية لحرمان دول إسلامية، والتي عادة ما تكون أو ستكون على خلاف سياسي معها، من الحج في الموسم المقبل».

وأشار البيان إلى تهديدات سعودية للوفد الجزائري المفاوض على حصة البلاد خلال موسم الحج المقبل.

وكانت الجزائر من الدول التي عارضت التصعيد الخليجي ضد قطر، ومعها تونس والمغرب.

وفي 2 فبراير/شباط الجاري، نظمت الهيئة وقفة احتجاجية أمام السفارة السعودية في العاصمة الإندونيسية جاكرتافي خطوة تصعيدية تهدف للمطالبة بإشراك الدول والمؤسسات الإسلامية في إدارة المشاعر المقدسة.

ورفع المشاركون صورا ولافتات مناوئة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووصفته بـ«الديكتاتور الذي يصنع إسلام جديد يسلب فيه المسلمين حقوقهم المكفولة منذ بزوغ الدين الإسلامي».

والشهر الماضي أيضا، دعت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية، في بيان لها، إلى عدم تسييس الحج والعبادات في ظل إجراءات تعسفية اتخذتها السعودية تجاه القطريين، بما يؤثر بشكل مباشر على حرية أدائهم لشعائرهم الدينية في المملكة.

وقالت المنظمة ومقرها فيينا في بيانها: «منذ بدء الحصار على قطر مطلع يونيو/حزيران الماضي، قامت المملكة السعودية بمجموعة من الإجراءات التي تعيق سفر الأشخاص الذين يرغبون بأداء الحج والعمرة والذين يحملون الجنسية القطرية إلى السعودية».

هل كانت تلك التحركات «غير الرسمية» سببا في الانزعاج السعودي الإماراتي البحريني «الرسمي» والإعلامي؟.. الأيام المقبلة قد تحمل إجابة حقيقية.

المصدر | الخليج الجديد