“مقامرة الأمير”… بن سلمان ينتظر الدعم في مواجهة تمرد الأمراء..
وإجراءات “ربط الحزام” دفعته ليكون “وجها لوجه” في مواجهة “الركيزة الأساسية التقليدية” للحكم في المملكة.. والمواطن العادي لن يتقبل البذخ الذي يعيش فيه في ظل التقشف المفروض عليهم
واشنطن ـ وكالات: “مقامرة الأمير”، هذا ما وصفت به وكالة “بلومبرغ” الأمريكية الإجراءات والإصلاحات الأخيرة، التي يمارسها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
وقالت الوكالة الامريكية إن إجراءات “ربط الحزام” والتقشف الأخيرة، التي تتبعها المملكة، دفعت بن سلمان لأن يكون “وجها لوجه” في مواجهة “الركيزة الأساسية التقليدية” للحكم في المملكة.
وأوضحت أن تلك “الركيزة” هي عبارة عن زمرة الأمراء في العائلة المالكة، ورجال الدين ورجال الأعمال.
وشرع بن سلمان في الفترة الأخيرة في تطبيق إجراءات واسعة النطاق لمكافحة الفساد في المملكة، ووضع عدد من الأمراء ورجال الأعمال البارزين قيد الإقامة الجبرية.
كما شرع أيضا في تطبيق مجموعة من القرارات الاجتماعية، التي سمحت للمرأة بمزيد من الحرية سواء في قيادة السيارات أو منحها الحق في حضور مباريات كرة القدم، وهو ما وضعه في مواجهة رجال الدين المتشددين.
ودللت على أن القبض على الأمراء الـ11 خلال الأيام الماضية، يدلل على “المواجهة المباشرة” بين ولي العهد السعودي، والعائلة المالكة.
الظهير والسند
من جانبها قالت “بلومبرغ” إن بن سلمان يعتمد في تعزيز استقرار المملكة، على أن يجعل له ظهيرا وسندا حقيقيا لدى الشارع السعودي والمواطنين العاديين، ومدى تقبلهم لإجراءات التقشف، بأن يتم تطبيقها على الأمراء وأبناء عمومته قبل أن يطبقها عليهم، حسب “سبوتنيك”.
ووصفت الوكالة بن سلمان، 32 عاما، بـ”الزعيم الواقعي”، الذي يدرك مدى خطورة تلك الإجراءات التي سيتم تطبيقها من أجل منح المملكة قبلة حياة بعيدا عن الاعتماد على النفط.
ونقلت الوكالة عن، فواز جرجس، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد في لندن، قوله:
“ولي العهد لا يستطيع أن ينفصل عن دائرة الشباب، فتلك ليست مجرد إجراءات اقتصادية، بل هي تتعلق بصورة مباشرة بتوطيد القاعدة الاجتماعية للقيادة الجديدة والمعارضة من المصالح الراسخة جدا من جانب بعض أفراد العائلة المالكة”.
من أجل ذلك، أصدر الملك سلمان، أمرا ملكيا، بدفع أجور إضافية للعاملين والجنود الحكوميين في المملكة، بعد أيام من تطبيق ضريبة القيمة المضافة عليهم، لتظهر بشائر الأمر مبكرا بانتشار هاشتاغ “كلنا سلمان” و”كلنا محمد”، لدعم الملك سلمان وبن سلمان.
التغيير الحقيقي
ورأى بول سوليفان، المتخصص في الشرق الأوسط في جامعة “جورج تاون” في واشنطن، أن ما يطبقه بن سلمان حاليا، يمكن أن يتسبب في حدوث اضطرابات.
وتابع قائلا: “قاعدة الأمير الحقيقية هي جيل الشباب، الذي يأملوا في حياة أفضل وتغيير حقيقي، فهو يمنحهم أمل لتحقيق استقرار حقيقي في البلاد”.
وأشارت الوكالة إلى أنه رغم أن الكثير من قادة السعودية أغدقوا على مواطنيهم بالأموال، خاصة إبان ثورات الربيع العربي، إلا أن الإجراءات الأخيرة تأخذ منحى مختلفا لأنها تأتي في وقت يتم تضييق الخناق فيه على الرجال الأكثر نفوذا في المملكة.
كما أن القبض على الأمراء الـ11، وإرسال الأمراء ورجال الأعمال لسجن “الحاير” بدلا من إقامتهم في فندق “ريتز كارلتون”، أظهرت للشارع أنه لا أحد “فوق القانون”.
ونقلت كذلك عن الاقتصادي السعودي، إحسان بوحليقة، قوله “الخطوة الأولى دوما ما تكون الأصعب، وسترى بعد ذلك تأثيراتها على الاقتصاد”.
الألم الاقتصادي
لكن حذرت “بلومبرغ” من أن المواطن السعودي، العادي قد لا يتقبل البذخ الذي يعيش فيه بن سلمان نفسه، في ظل التقشف المفروض عليهم.
كما قالت، كريستيان أولريتشن، الزميل في معهد الشرق الأوسط في معهد “بيكر” للسياسة العامة في جامعة “رايس″ إنه يطالب المواطن السعودي العادي بتحمل جزء من الألم الاقتصادي، ويرى إنفاق الأمير الشاب والبذخ الذي يعيش فيه، فإن هذا يضر بشعبيته بصورة قوية.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أنه التقرير السابق لصحيفة “نيويورك تايمز″ الأمريكية، الذي كشف أن ولي العهد دفع نحو 450 مليون دولار مقابل لوحة نادرة خاصة بالرسام الإيطالي الشهير، ليوناردو دافينشي، و300 مليون دولار، لشراء قصر فرنسي فخم، و500 مليون دولار مقابل يخت.
وتابعت أولريتشن “قد يلقى هذا صدى سيئا، ليس فقط بين خصومه في العائلة المالكة، الذين يشعرون بالتهميش، ولكن لدى العديد من المواطنين أيضا”.
ونقلت أيضا، عن جيمس دورسي، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في جامعة “نانيانغ” التكنولوجية في سنغافورة، قوله إن بن سلمان يحظى بشعبية وتأييد الملك، لكن تلك الشعبية “هشة” جدا، لأنها مبنية على توقعات مهمة وكبيرة.
وأضاف بقوله: “من غير المحتمل أن يكون قادرا على الوفاء بتلك التوقعات، ضمن الجدول الزمني الذي يتوقعه الناس، لذلك ينبغي أن ينهي تلك الإجراءات بصورة جيدة، لكي يحافظ على شعبيته”.