سفير تل أبيب الأسبق بموسكو: التقارب السعوديّ-الروسيّ مرّده إقرار الرياض بفشل سياستها بسوريّة وخشيتها من سياسة ترامب بالشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1831
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
 أبدت إسرائيل على مُختلف الأصعدة اهتمامًا كبيرًا بالزيارة التي قام بها العاهل السعوديّ، الملك سلمان، والتي وُصفت بأنّها تاريخيّة إلى روسيا، خصوصًا وأنّ المملكة تُعتبر من أهّم حلفاء الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وفي الآونة الأخيرة كثُرت التقارير التي تتحدّث عن تقاربٍ بينها وبين الدولة العبريّة، وقرب الإعلان عن التطبيع العلنيّ بينهما، لأنّهما تتقاسمان العداء المُطلق للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، التي بحسب رأيهما هي مصدر الإرهاب والخطر على الأمن والسلام العالميين، كما أنّهما تعملان بدون كللٍ أوْ مللٍ على إيقاف ما يُسّمى في معجميهما التمدّد الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، رأى سفير تل أبيب الأسبق في موسكو، تسفي ماغين، والذي يعمل باحثًا كبيرًا في مركز دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، رأى في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقع المركز، أنّ الزيارة التاريخيّة للملك سلمان مُهمّة للدولتين: روسيا والسعوديّة، لأنّ الدولتين تربطهما مصالح مُشتركة كثيرة، وفي مقدّمتها تحديد أسعار النفط، بالإضافة إلى اقتناء التكنولوجيا النوويّة واستثمارات مختلفةٍ ومشتركةٍ.
بالإضافة لذلك، أوضح ماغين أنّ روسيا تعلم يقينًا بأنّه من أجل ترسيخ موقعها وتأثيرها في المنطقة عليها أنْ تكون على علاقةٍ جيدّة مع السعوديّة، وبالإضافة إلى ما ذُكر، فإنّ الروسي يعلم أنّ للمملكة يوجد حتى اللحظة تأثيرًا كبيرًا على فصائل المُعارضة السوريّة، المُسلحّة وغيرُ المُسلحّة، وبالتالي من أجل التوصّل إلى حلٍّ سياسيّ في سوريّة يتحتّم على روسيا ضمان تأييد السعوديين، الذين يتمتّعون أيضًا بتأثيرٍ كبيرٍ على القوى الإسلاميّة داخل روسيا الاتحاديّة، على حدّ قول السفير الإسرائيليّ الأسبق.
ولفت الباحث الإسرائيليّ إلى أنّ الجانب الاقتصاديّ-التجاريّ للزيارة التاريخيّة مُهّم، ولكن الأهّم منه، هل تمّ التوصّل لاتفاقٍ بين الطرفين حول القضايا السياسيّة العالقة في الشرق الأوسط، وتحديدًا في الشأن السوريّ، لأنّه برأيه، تفاهمات الرياض وموسكو حول هذه القضية من شأنها أنْ تُقصّر الحرب الأهليّة الدائرة في بلاد الشام منذ سبعة أعوامٍ تقريبًا.
وأردف قائلاً إنّ الرئيس بوتن زار الرياض في العام 2007 وكانت العلاقات بينهما متينةً، ولكنّ الموقف السعوديّ من الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، والعمل على إسقاطه من سُدّة الحكم، أدّى إلى برودةٍ كبيرةٍ في العلاقات بين موسكو والرياض، ولكن في السنة الأخير’، أضاف ماغين، لوحظ وجود تقارب بين الدولتين، وذلك من مًنطلق فهم السعوديّة أنّها فشلت في رهاناتها على مُستقبل سوريّة، وأنّ تأثيرها على مجريات الأمور في هذا البلد العربيّ بات لا يُذكر.
علاوةً على ذلك، أعرب الباحث الإسرائيليّ عن ترجيحه بأنّ التغيير في السياسة السعوديّة تجاه روسيا نابع أيضًا من عدم وضوح سياسة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، في كلّ ما يتعلّق بمنطقة الشرق الأوسط.
ولفت السفير الإسرائيليّ الأسبق إلى أنّ هناك عدّة قضايا مركزيّة ومفصليّة مُشتركة بين البلدين: الأولى، العمل على إيجاد حلٍّ سياسيٍّ للأزمة السوريّة يضمن للرياض أنْ تكون مؤثرةً فيه، علمًا أنّ روسيا باتت اللعاب المركزيّ هناك، وتحديدًا تُريد السعوديّة الحصول على ضمانةٍ روسيّة فيما يتعلّق بالمُواطنين السُنّة في سوريّة، كما أنّها تصبو إلى قيام روسيا بتخفيف تأثر إيران في هذا البلد العربيّ، مُشيرًا في الوقت عينه إلى وجود خلافات روسيّة-إيرانيّة، وإلى أنّ موسكو لا تُريد الاعتماد على دولةٍ مركزيّة واحدةٍ في الإقليم، وهي إيران.
وكشف النقاب عن أنّ الرياض حاولت إغراء روسيا لترك الأسد يسقط عن طريق اقتراحات بتحديد أسعار النفط وعدم خفضها أكثر، وبالمُقابل حاولت الرياض زيادة ثمن التدّخل الروسيّ في سوريّة، ولكنّ الفشل كان حليفها في المسعيين، الأمر الذي دفع السعوديين إلى الاقتناع بأنّ الأسد والقوّات المؤيّدة له سيستمرون في تسلّم زمام الأمور في سوريّة لسنواتٍ طويلةٍ، وبالتالي، أكّد الباحث ماغين، على أنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ تكون السعوديّة في هذه الفترة بالذات بمُراجعةٍ شاملةٍ لسياستها في سوريّة.
أمّا فيما يتعلّق بإسرائيل، فقال السفير الأسبق إنّ الروس يُتابعون عن كثب التقارب بين الرياض وتل أبيب، كجزءٍ من الاتفاق الدوليّ على تحجيم الدور الإيرانيّ في المنطقة، كما أنّ الصراع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، قال ماغين، كان حاضرًا ولكن بشكلٍ هامشيٍّ خلال زيارة الملك سلمان إلى موسكو، وذلك في إطار المساعي الروسيّة لإحياء ما يُطلق عليها بالعمليّة السلميّة بين إسرائيل والفلسطينيين، على حدّ تعبيره.