ولأن الجبير ليس لديه أي التزام ديني أو قومي فقد كان الشخص المناسب لعشق الآيباك والانسجام معهم ومن ثم تسهيل مهمة بندر في كسب الكونجرس
ناشطون يتهمون «الجبير» بالتخلي عن القضية الفلسطينية
شن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، هجوما حادا على وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، الذي قال إنه لا يجد مبررا للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، داعيا إلى التوافق على حل الدولتين.
واعتبر الناشطون، تصريحات «الجبير»، فيها اعتراف بدولة الاحتلال، وتخلي عن الدور السعودي في القضية الفلسطينية، متسائلين عما ينتظره «الجبير» من دماء تتساقط وأراضي تحتل، حتى يجد مبررا للصراع.
وفي كلمته التي ألقاها السبت أمام الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال «الجبير»، إن «بلاده (السعودية) لا ترى مبررا لاستمرار النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، في ظل التوافق الدولي بشأن الحل القائم على دولتين»، دون أن يدين الاحتلال الإسرائيلي أو يحمل (إسرائيل) مسؤولية استمرار الصراع.
ودعا «الجبير»، إلى «توفير الإرادة الدولية الجادة لترجمة الحل إلى واقع ملموس».
واستنكر المغرد «مفتاح»، تصريحات «الجبير»، ونشر جزءا من كلمته، وكتب تحتها: «مصداقا لما نشره مجتهد قبل 3 أشهر عن دور الجبير في التطبيع مع (إسرائيل)، ها هو اليوم في الأمم المتحدة لا يرى مبررا للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي».
وبحسب مراقبين، فإن حملة (إسرائيل) في مجال العلاقات العامة على مدى سنوات، أثمرت في قلب شبه الجزيرة العربية باستخدام كلمة «نزاع» بدلا من «احتلال»، في إشارة تمهيدية لإقامة علاقات تطبيعية مع (إسرائيل).
دور «الجبير»
وكان «مجتهد»، كشف في 9 يوليو/تموز الماضي، عن دور «الجبير» في العلاقة السعودية الإسرائيلية، حين قال: «تم الاتصال بـ(إسرائيل) طوال العقود الماضية عن طريق قناتين، الأولى باسم المملكة عموما، والثانية خاصة بسلمان منذ كان أمير الرياض حتى استلام الملك».
وأضاف: «القناة الأولى كانت عن طريق عادل الجبير، حين كان شابا متدربا على يد بندر بن سلطان في سفارتنا في واشنطن، حيث عينه مساعدا له لشؤون الكونغرس».
وتابع: «كانت مهمته الوصول لمؤسسة اللوبي الصهيوني المشهورة (أيباك)، وعن طريقها يؤمن دعم الكونغرس».
وختم حينها بالقول: «ولأن الجبير ليس لديه أي التزام ديني أو قومي، فقد كان الشخص المناسب لعشق الآيباك، والانسجام معهم ومن ثم تسهيل مهمة بندر في كسب الكونغرس».
غضب إلكتروني
تصريحات «الجبير»، أثارت غضب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فكتب «بوغانم»: «نزاع!.. حتى الاحتلال غيروا اسمه عشان يتقبله الناس؟.. حسبي الله ونعم الوكيل».
وأضاف «ضيف الله»: «كلام الجبير واضح.. قال إنه لا مبرر لاستمرار النزاع وهناك اتفاق دولي للاعتراف بدولتين.. يعني اعترفوا بدولة بني صهيون لننهي النزاع.. لن نعترف».
وتابعت «حرة»: «حسبي الله ونعم الوكيل.. اللهم اجعل كلمته هذه تهوي به إلى قعر جهنم هو وكل مؤيد له».
وأشار «علي»، بالقول: «الخزي والعار على جبهته إلى أن يحشر الجمع وليخسأ.. فأن فلسطين لنا وسنعود بإذن الله رغم أنوف العملاء والمطبلين ورغم كل خائن».
وتعجب «مردخاي» قائلا: «الجبير يبغى يبيع فلسطين.. والله يخسئ.. لن يتنازل أصغر طفل عن القدس.. لعنه الله».
وأضاف «ملحم أمين»: «أصلا من هم ليقرروا.. لم يذوقوا ما ذاقه الشعب الفلسطيني ولكن يبدو أن (إسرائيل) أرهقتها الحرب فاستعانت بهم».
ولفت «بلال البستاني»، إلى أنه «لا غرابه من يحرر فلسطين ليس أمثال الجبير ولا حكام الخيانة العرب.. بل عباد لله.. ولله فقط.. وليس للبيت الأبيض والأصفر».
وتابع «حسن المرزوقي»: «حسبي الله على اللي خلى السعودية توصل لهذا المستوى.. طول عمرنا كنا نفكر أنها هي القدوة».
وغرد «أحمد فيحان» قائلا: «رحم الله الملك فيصل الذي دعا أن لا يبقيه الله حيا إن كانت (إسرائيل) ستبقى!.. ما فعلته (إسرائيل) بالفلسطينيين يكفي ليبرر النزاع العربي معها».
تطبيع مرتقب
وقبل أسبوعين، تداولت صحيفتان عبريتان تقارير تشير إلى أن الأمير «محمد بن سلمان» ولي العهد السعودي، زار دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتقى رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو».
بيد أن اللواء «أنور عشقي» رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية» في جدة، الذي سبق له زيارة (إسرائيل) ومعروف أنه منسق التطبيق السعودي الإسرائيلي، نفى هذه الأنباء، وقال إنها عارية تماما عن الصحة.
والشهر الماضي، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو»، عن وجود علاقات «غير مسبوقة» بين (تل أبيب) والدول العربية، مؤكدا أنه لم يتم الكشف عن حجم هذا التعاون حتى الآن، وواصفا هذا التغير بـ«الأمر الهائل».
وقال عبر حسابه على «تويتر»: «ما يحدث اليوم في علاقاتنا مع الدول العربية يعتبر غير مسبوق، لم يتم الكشف عن حجم هذا التعاون بعد، ولكنه أكبر من أي وقت مضى، هذا تغيير هائل».
وأضاف في تغريدة أخرى: «هذا التغيير الهائل يجري رغم أن الفلسطينيين لم يغيروا بعد، للأسف، شروط التوصل إلى تسوية التي تعتبر غير مقبولة بالنسبة لجزء كبير من الشعب».
وتابع: «هذا التغيير يحدث بسبب الدمج بين قوتنا الاقتصادية-تكنولوجية وقوتنا العسكرية-استخباراتية الذي يؤدي إلى تعزيز قوتنا السياسية».
وشهدت الشهور الأخيرة، انطلاق دعوات بالسعودية غير مسبوقة للتطبيع مع (إسرائيل)، رغم أن التصريح بهذا الأمر علنا كان من قبيل «التابوهات» (المحرمات)، قبل وصول «بن سلمان»، إلى رأس السلطة في المملكة.
ومؤخرا، أعلن مسؤول دبلوماسي إسرائيلي أنه سيسجل قريبا تطور في العلاقات بين (إسرائيل) وبعض دول الخليج، بينما نشرت صحيفة «التايمز» اللندنية، أن (إسرائيل) والسعودية تجريان اتصالات بينهما لتطبيع العلاقات التجارية، وأن الرياض قد تفتح مكتب مصالح في (تل أبيب).
وشهدت الفترة الأخيرة، تقاربا اقتصاديا غير رسمي بين الرياض و(تل أبيب)؛ حيث زار رجال أعمال ومسؤولون سعوديون سابقون (إسرائيل)، والتقطت عدسات الكاميرات مصافحات بين مسؤولين إسرائيليين وأمراء سعوديين؛ وهو أمر غير مسبوق.
كما يتشارك البلدان النظرة إلى إيران على أنها «تهديد استراتيجي» لهما، وكلاهما حليفان وثيقان للولايات المتحدة.
ودعمت (إسرائيل) الحصار الحالي الذي تفرضه السعودية والإمارات على قطر، كما دعت (تل أبيب) مرارا وتكرارا الدوحة إلى عدم استضافة الشخصيات الفلسطينية البارزة، وهو الأمر الذي باتت تشاركها فيها الرياض وأبوظبي.
ويشير مراقبون إلى أن الموقف السعودي تجاه أزمة الأقصى، قبل شهرين، يمكن تفسيره على أنه من متممات السير نحو التطبيع، وهو يرتبط أيضا بمسألة حصار قطر التي جاءت مباشرة بعد زيارة «ترامب» للرياض، حيث تمثل ملامح مرحلة جديدة تريد المملكة أن تقود المنطقة إليها بمشاركة إسرائيلية.
في الوقت الذي اعتبر فيه المراقبون أن تداول الإعلام السعودي لتدخل الملك «سلمان بن عبدالعزيز» لحل أزمة الأقصى، ربما يدل على أن مكانة السعودية لدى الاحتلال باتت أكبر، في لحظة سياسية تشير معالمها إلى تسارع الخطوات من المملكة نحو التطبيع مع (إسرائيل).
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال»، نشرت في مايو/آيار الماضي، أن الرياض أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قبل زيارته الشهيرة، استعدادها لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع (إسرائيل) دون شروط، وأنها بذلك تسحب من التداول المبادرة التي تقدمت بها للقمة العربية عام 2002.
وبعيد زيارته للسعودية، أكد «ترامب» أن خطوات كبيرة تحققت في مسار السلام بالشرق الأوسط، وأن مفاجأة كبيرة ستحصل.
ووفق محللين، تأتي الموجه الإعلامية السعودية تجاه (إسرائيل) ضمن خطة من ولي العهد «محمد بن سلمان»، لتهيئة الشارع السعودي لأي اتفاق محتمل مع الاحتلال.
وأوضحت تقارير صحفية، أن المملكة تجر حاليا قاطرة التطبيع بشكل متسارع، كما أن الإمارات والبحرين ينسجان علاقات سرية مع (تل أبيب)، كما أشارت تسريبات عدة وصحف إسرائيلية.
ومنذ قيام ما يعرف بـ(دولة إسرائيل) عام 1948، رفضت السعودية الاعتراف بها، ودعمت حقوق الشعب الفلسطيني في السيادة على الأراضي التي تحتلها (إسرائيل) منذ عام 1967، ومع ذلك، فإن المملكة الخليجية لم تشارك في أي من الحروب العربية ضد (إسرائيل).