مركز دراسات يكشف عن تحولات ومسارات المعارضة السورية بعد أزمة قطر وانجرارها نحو السعودية
كشف مركز “برق” للدراسات ومقره تركيا، عن التحولات التي طرأت على المعارضة السورية بعد تفجر الأزمة الخليجية بين دول الحصار وقطر، كاشفا تحولات مسارات المعارضة السورية بعد انجرارها نحو السعودية.
ووفقا للدراسة التي أعدها الباحث، يمان دابقي، فإن واقعية المشهد السوري التي بقيت ثابتة على مدار 6 سنوات، فإن الأزمة الخليجية أدخلت الملف السوري في مرحلة إقرار الحلول الإقليمية مع إبعاد أي دور للمعارضة السورية بعد فشلها في تحقيق أي اختراقي سياسي يفضي إلى تعزيز جدار الثقة ويرمم سعة الهوة مع الشعب السوري.
واوضحت الدراسة أن المعارضة السورية تم إفراغها من مضمونها من خلال “روسيا” التي عملت تكريس دورها من خلال تسويق منصتي القاهرة وموسكو ، والتي أتت بثمارها بمساري الآستانة وجنيف، فالأولى كانت لعزل المسار العسكري عن السياسي، والثانية ، لتمييع وفد الهيئة للمفاوضات وإجبارها على تقديم التنازلات.
وأكدت الدراسة بان أزمة الخليج ألقت بظلالها على مسارات المعارضة السورية، كونها مؤلفة من شخصيات بعضها يضمر الولاء لتيار الإخوان المسلمين المدعوم من تركيا وقطر، وشخصيات أخرى تأخذ أوامرها من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومصر التي انضمت لهم مؤخراً.
وركزت الدراسة على الدور السعودي، الذي عمل على استجرار المعارضة السورية، لصفه وسحب البساط من دولة قطر وإفراغ المعارضة من كل الشخصيات المحسوبة على الإخوان المسلمين، وعن طريق بوابة الدبلوماسية، وهو ما كشف عنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبيي أول امس، الجمعة، عن رغبة المملكة في إعادة هيكلية المعارضة السورية، ومطالبته لها بالقبول بوجود بشار الأسد باعتباره أمرا واقعا.
صفقة الرياض 1
أوضحت الدراسة انه مع فشل محادثات جنيف 1 عام 2012 ، سارعت المملكة العربية السعودية إلى احتضان المعارضة السورية ودعتهم للتوحد سياسياً وعسكرياً عبر منصة الرياض، منتجة “الهيئة العليا للمفاوضات” التي يرأسها رياض حجاب.
ولفت الدراسة إلى توقيع المجتمعين على بيان الرياض في 2015 والذي أكد على وحدة البلاد والتمسك بها، وإيمانهم بمدنية الدولة وسيادتها،كما نصت مسودة البيان على تعهد المجتمعين في مؤتمر الرياض بالحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وضرورة إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، والتشديد على رفض الإرهاب بكافة أشكاله ومصادره بما في ذلك إرهاب النظام وميليشياته الطائفية، وعلى أن مؤسسات الدولة السورية الشرعية التي يختارها الشعب السوري هي من تحتكر حيازة السلاح.
جهود المعارضة السورية بعد مؤتمر الرياض 1
أوضحت الدراسة، أن المعارضة خرجت بعد مؤتمر الرياض 1 بمظهر متماسك كجسر صلب ، نواته وفد الهيئة العليا للمفاوضات، برئاسة الدكتور رياض حجاب، واتخذت الهيئة من الرياض مقراً لها لعقد جلسات دورية شهرية للبحث والنقاش في جداول الأعمال، ونالت الهيئة اعترافات دولية من دول عربية وغربية ، صبت جميعها في تعزيز صورة المعارضة التي شكلت لأول مرة جسم صلب يجمع الشقين السياسي والعسكري.
وأكدت الدراسة على أنه الرغم من ذلك، إلا ان المعادلة تغيرت كلياً مع دخول اللاعب الروسي في 30 ديسمبر 2015 في الميدان السوري بشكل مباشر، حيث استطاع الروسي أن يغير المعادلة لصالح النظام ، وفتح باب مسلسل التهجير القسري ، وفرض محادثات آستانة، وهو ما كان الخنجر المسموم في ظهر المعارضة، الذي فصل مسارها العسكري عن السياسي، وأخضعت موسكو معظم الفصائل لتلبية رغباتها، وعزلتها عن الفصائل المصنفة إرهابية.
وأكدت الدراسة على أن هذه المتغيرات أفقدت المعارضة توازنها لعدة أسباب جعلتها تتنازل شيئاً فشيئاً عن ثوابت كانت قد خطتها في بيان الرياض، وقد بدا ذلك واضحاً مع مراقبة سلوك المعارضة ، الذي أصبح من البديهي حضورها للمحادثات من دون تطبيق شرط وقف إطلاق النار، كما شهدنا عقب كل جولة من محادثات آستانة خسران منطقة من سوريا بتهجير سكانها إلى إدلب .
صفقة الرياض 2 والتداعيات المستقبلية على مسار المعارضة
تحولت الدراسة للحديث عن تأثير الدور الإماراتي والمصري والسعودي في لعب أدوار مفصلية بالتنسيق مع موسكو، والذي بدا واضحاً أن هذه الدول العربية تتماشى مع الرؤية الروسية في تجزئة الحل السورية إلى مراحل، مشيرة إلى ما تم في الجنوب السوري، حيث تم الاتفاق الرباعي في عمان على مناطق درعا والقنيطرة والسويداء من خارج بوابتي آستانة وجنيف ، ومن دون أي دور للمعارضة السورية.
وأكدت الدراسة، بأن المعادلة التي أصبحت واضحة فإن صفقة الرياض2 التي سيتم تنفيذها قريبا، هي تطبيق التفاهم الروسي الأمريكي في محاصصة سوريا، عبر منصات القاهرة و موسكو ، مقابل سحب البساط من قطر وتركيا وإعلان شهادة نعي على وفد المعارضة السورية، بطريقة دبلوماسية سعودية نادى بها عادل الجبير، عبر غربلة الهيئة من الشخصيات المحسوبة على الإخوان المسلمين، وإبقاء شخصيات تقبل بالرؤية الأخيرة وتتحد مع منصتي القاهرة وموسكو بمعارضة نهائية تقبل بالأسد في مستقبل سوريا .
وأوضحت الدراسة، أن كل ذلك سيحدث بمجرد إبلاغ وزير الخارجية عادل الجبير رئيس الهيئة العليا رياض حجاب بإعداد دراسة تحضرية لإعلان مؤتمر الرياض 2 .
التحول الجذري لمسار المعارضة والتخلي عن ثوابت الثورة
كشفت الدراسة أن المملكة العربية السعودية، ستسعى في بداية شهر تشرين أول/أكتوبر المقبل، إلى دمج كل المنصات بكيان معارض جديد، من شأنه أن يتماشى مع جهود المملكة العربية السعودية المتفقة مع جهود موسكو والرياض في المضي بتثبيت مناطق التهدئة، والنفوذ الدولية، حتى تشمل كامل المناطق الأربعة المتفق عليها .
وأكدت الدراسة، أنه بموازاة ذلك ، فإن العمل جاري على ضبط إيقاع معركتي دير الزور والرقة ، لوضع نهاية لتنظيم الدولة الإسلامية، ليتم بعدها محاربة هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة في محافظة إدلب شمال سوريا بمشاركة كل الفصائل التي انفكت عن النصرة وقبلت بالقتال جنباً إلى جنب مع قوات النظام وبقية القوات الأجنبية .
واعتبرت الدراسة أن كل هذه المعادلات هي سعياً للوصول إلى تفعيل جدي للمسار السياسي في جنيف ، لخوض محادثات مباشرة بين النظام والمعارضة بحلتها الجديدة ، للخروج بتسوية متكاملة، يحدد بها دستور للبلاد بجهود ووصاية روسية ، يُضاف لها تحديد بدء مرحلة انتقالية يكون بشار الأسد على رأسها ، تُحدد بعدها فترة رحيله بعد عام ونصف عام من مكوثه في سدة الحكم، وربما يستمر في الحكم ريثما تنتهي ولايته في 2021 ، وقد يحق له الترشح من جديد .
وتوصلت الدراسة إلى خلاصة نهائية مفادها انه إذا ما تحققت الرغبة والرؤى السعودية في تطبيق سيناريو الحل في سوريا عبر احتواء المعارضة ، تكون بذلك المعارضة السورية، قد خانت كل الدماء السورية، وساهمت بشكل مباشر في تدمير البلاد ونفذت كل الإملاءات العربية والغربية.
واضافت الدراسة، انه في حال لم تقبل بالمنحى السعودي، فمن المؤكد أن الدول الكبرى ستلجأ إلى فرض حل من خارج عباءة المعارضة، داعية المعارضة اللجوء إلى الشعب السوري داخل سوريا لتشكل معاً صفاً واحداً وجسداً واحد ، وتسارع في تشكيل جيش تحرير وطني يكون مهمته خوض حرب تحريرية مقدسة في سوريا، لإفشال كل المخططات الدولية التي لا تلبي مصالح الشعب السوري المتمثلة أولاً بعدم وجود النظام في أي مستقبل لسوريا .