مُستشرق بتل أبيب: مشكلة السعودية والدول السُنيّة المُعتدلة المركزيّة محاولات إيران التوسعيّة وليس “عدوانية” إسرائيل
بالأقصى والعرب لم يرتقوا إلى مُستوى الحدث
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
رأى المُستشرق الإسرائيليّ، البروفيسور إيال زيسر، من جامعة تل أبيب، والباحث الإستراتيجيّ في مركز بيغن-السادات، رأى أنّه يتحتّم على إسرائيل التقرّب ممًا أسماها بالأصوات المُعتدلة في الوطن العربيّ، لحلّ المشاكل التي تُواجه الدولة العبريّة، مُشدّدًا على أنّ تساوق المصالح بين “الأصوات العربيّة المُعتدلة” وتل أبيب في مواجهة إيران أوْ بالأحرى منع التمدّد الشيعيّ على حدّ تعبيره، أقوى بكثير من التباين في وجهات النظر حول قضايا أخرى، وفي مُقدّمتها الأحداث التي وقعت في المسجد الأقصى المُبارك خلال الأسبوعين الماضيين.
الباحث الصهيونيّ حتى النخاع، يزعم أنّه يوجد في الوطن العربيّ هناك مَنْ يريد تأجيج النيران التي اشتعلت في الأسبوع الماضي في الحرم القدسيّ الشريف، بعد الهجوم الإرهابي الذي أدّى إلى مقتل شرطيين من حرس الحدود على يد شبان من أم الفحم.
وشدّدّ على أنّ مَنْ نتعهم بالقتلة نشطوا بدوافع من التطرف الدينيّ الذي لا يعرف الحدود من نتاج الحركة الإسلامية – الجناح الشمالي، التي أصبحت خارجة عن القانون لكن لا تزال روحها تحوم فوق بلدات عربية كثيرة في إسرائيل، على حدّ قوله.
ولفت زيسر أيضًا إلى أنّ أعضاء الحركات الإسلامية مثل “حماس″ والإخوان المسلمين سارعوا إلى تحويل القتلة إلى ضحايا، والخطوات الوقائية التي اتخذتها الشرطة في مداخل الحرم إلى عدوان إسرائيلي جديد يجب تحت غطائه خوض نضال ضد إسرائيل. وفي النهاية، قال، فإنّ وجهة هؤلاء الناس هي التصعيد وتأجيج المشاعر لا تهدئة النفوس، هم يريدون الرقص على الدماء ويحاولون الحصول على ربحٍ سياسيٍّ، على حدّ زعمه.
ووفقًا لنظريته، فإنّ الهجوم في مستوطنة حلميش هو إلى حدٍّ كبيرٍ نتيجة هذا التحريض، ويجب أنْ يدلنا على قوة الراديكالية والتطرف الديني لدى شباب يتعرضون لتحريض لا يجد من يتصدى له، سواء وسط الزعامتين الدينية والسياسية أو في الدائرة الاجتماعية التي تحيط بهم.
لكن، استدرك الباحث والمُستشرق الإسرائيليّ قائلاً: كان هناك كثيرون في العالم العربيّ رفضوا صبّ الزيت على النار، لا بل سارعوا إلى إطفاء النيران المشتعلة، والمقصود هنا أصوات وقوى عاقلة ومعتدلة، تسعى إلى فرض نفسها على الخطاب العربيّ وعلى العلاقات مع إسرائيل، والتركيز على المشكلات الحقيقية التي يواجهها الوطن العربيّ، وهذا ينطبق على السعودية ومصر والإمارات الخليجية وأغلبية دول أفريقيا الشمالية، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ جميع هؤلاء تجندوا لتهدئة الأجواء، وإنزال الفلسطينيين عن الشجرة العالية التي صعدوا إليها، وللتوصل إلى اتفاق تسوية يسمح بإبقاء وسائل التفتيش التي وضعتها إسرائيل على مداخل الحرم.
وبرأيه، تعرف السعودية أنّ المشكلة المركزية التي تواجهها هي محاولات إيران التوسعية ودعمها للإرهاب الشيعيّ على أرض المملكة وفي شتى أنحاء الشرق الأوسط، وليس “عدوانية” إسرائيل في الحرم القدسيّ.
ولفت إلى أنّه من جهتها تُحارب مصر عنف حركة الإخوان المسلمين وتطرفها داخل مصر وإرهاب تنظيم داعش في سيناء. وتعرف العائلة المالكة في الأردن الخطر، وهي ترى في إرهاب داعش وتعاظم الوجود الإيرانيّ في المنطقة خطرًا على استقرار المملكة، وجميع هؤلاء يساهمون في الجهود لحل الأزمة والتوصل إلى تهدئة.
وعلى هامش هذه الأمور، أوضح زيسر، من المهم الإشارة إلى أنّه وبخلاف السنوات الماضية وبخلاف الأجواء العاصفة في إسرائيل وفي السلطة الفلسطينية، فإنّ العالم العربي لم يظهر اهتمامًا كبيرًا بالعواصف التي يريد المتطرفون إشعالها حول الحرم القدسي ومداخله.
وبرأيه، قد يعود الأمر إلى تعب الشارع العربي من الاهتمام المصطنع بمشكلات غير حقيقية، والأهم من ذلك فهي ليست أساسية بالنسبة إلى جدول الأعمال المزدحم بمشكلات أهم بكثير، كما تدرك الأنظمة العربية أنّها لا تستطيع الانجرار وراء هؤلاء المتطرفين الذين يستخدمون إسرائيل مطرقة للحفر تحت الاستقرار الداخليّ في الدول العربية.
وعبّر المُستشرق الإسرائيليّ عن أمله في أنْ تنجح جهود الدول العربية المعتدلة، وأنْ ينجح الحلف غير المعلن بين إسرائيل والقوى المعتدلة في العالم العربي في الالتفاف على الأزمة التي نشبت في الحرم والتي تهدد بالامتداد إلى أراضيهم.
لكنّه، أضاف في مقاله، الذي نُشر في صحيفة (يسرائيل هايوم)، ونقلته للعربيّة “مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة” في بيروت، أضاف أنّه لا تزال هناك حاجة إلى أنْ تعمل إسرائيل من جهة بحكمةٍ وحزمٍ وتوثق علاقتها بالقوى المعتدلة في المنطقة المحيطة بها.
ومن جهة أخرى أنْ تواصل محاربة التطرف الدينيّ الذي باسمه تحرّك القتلة في الحرم القدسي وفي حلميش، تطرف مصدره الحركة الإسلامية في إسرائيل التي أصبحت خارج القانون لكن لم تقتلع من الجذور، ومحاربة شركائها في العالم العربي وعلى رأسهم الإخوان المسلمين وداعش، على حدّ تعبيره.