اجتياح العوامية.. إعلان حرب طائفية ضد الشيعة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2507
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

خلال 9 أيام استهدفت السلطات السعودية أماكن العبادة التابعة للطائفة الشيعية في القطيف بموجة اعتداءات تراوحت بين اطلاق القذائف والأعيرة النارية، إلى هدم وتجريف المضائف الملحقة بالمساجد والحسينيات، وانتهاء باستدعاء مسؤولي ومشرفي هذه المؤسسات الدينية واحتجاز بعضهم وأخذ التعهدات على البعض الآخر بعدم فتح الدور العبادية، ما عدا في أوقات محددة من اليوم، وكذلك منعهم من فرش الساحات المحيطة بها واستخدامها لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الجماهير المشاركة في المناسبات الدينية الكبرى،،،
فجر الأربعاء 10 مايو استيقظت مدينة العوامية الغافية على ضفاف ساحل الخليج العربي بجوار آبار النفظ الغاز على هدير المجنزرات المصفحة ودويّ الرصاص والقذائف.. قبل انبلاج الفجر تموّجت في سماء البلدة ألسنة اللهب وبدأ زجاج نوافذ البيوت وواجهات المحلات يتهشم في الطرقات قبل أن تدك معاول التراكتورات بضعة منازل داخل حي المسوّرة التاريخي.
اجتاحت القوات السعودية البلدة في هجوم شرس تقول السلطات أنه يهدف إلى اعتقال مطلوبين متورطين في أعمال إرهابية, فيما يقول الأهالي والنشطاء أن توصيف السلطات مسيس ويهدف للانتقام من الحراك والبلدة، وأن الاجتياح العنيف لم يكن هدفه الوحيد اعتقال المطلوبين أو تصفيتهم بل استهدف إثارة أكبر قدر من الرعب في نفوس جميع أهالي البلدة, وأن يترك علائم البطش والفتك على كامل أنحائها ويغير تفاصيل وجهها بعد 6 سنوات من احتضانها الحركة الاجتجاجية التي اندلعت شرارتها في فبراير 2011, وأنه ترجمة للانتقام الذي سبق أن هدد ولوح به عدد من الأمراء والمسوؤلين وفي مقدمتهم وزير الداخلية محمد بن نايف.
وفي الشوارع المحيطة بالبلدة كانت حركة الشاحنات المحمّلة بالقوالب الخرسانية الصلبة ترافقها آليات الرفع للأحمال الثقيلة وتؤمنها عشرات المدرعات المسلحة بالرشاشات الثقيلة.. تنشط بدأب وسرعة في تشييد جدار خرساني يطوق البلدة ويعزلها عن جميع البلدات المحيطة بها.
وسرعان ما توسعت دائرة الحصار العسكري ليشمل مدينة القديح وقرية البحاري المجاورتين, ولجأت الشرطة وقوات المهمات الخاصة إلى تكثيف نقاط وحواجز التفتيش في عموم مداخل ومخارج محافظة القطيف وتوابعها وتشديد اجراءت الرقابة والفحص والتدقيق على المركبات والأشخاص, وما يرافقها من تصرفات يصفها الأهالي بالمهينة والحاطة للكرامة وغير المبررة قانونياً.
وبالتوازي مع معمعة القصف الشامل للعوامية وحيّها الأبرز “المسوّرة” الذي بات رمزاً للصمود الشعبي ومقاومة عنف هجمات قوات النظام, كانت ثمّة اجراءات عقابية تتم في هدوء وبعيداً عن المشهد الإعلامي, تستهدف محاصرة الهوية الدينية والمذهبية للشيعة في المنطقة, بحسب توصيف رموز الشيعة في الداخل وأقطاب وكوادر المعارضة في الخارج.
يشكل الشيعة الغالبية السكانية في القطيف والأحساء وعموم “المنطقة الشرقية” ضمن السكان المحلي الأصلي قبل أن تعمد السلطات السعودية, ودائماً استناداً لتصريحات وأدبيات الرموز والمعارضين الشيعة, إلى تنفيذ سياسات واجراءات عملت من خلالها على تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة عبر محاصرة التمدد العمراني للمدن والبلدات الشيعية, مقابل تأسيس وتشييد عشرات المخططات والمجمعات السكانية التي يستوطنها وافدون من خارج المنطقة ,بحسب توصيف المعارضة ونشطاء شيعة, ويعمل غالبية الوافدين من مناطق جنوب ووسط البلاد في السلك العسكري والأمني الذي يُقصى الشيعة من العمل فيهما, إضافة لأعداد أخرى من كبار التجار وموظفي الشركات النفطية الكبرى.
في العوامية تعرضت عدة مساجد وحسينيات للتدمير شبه الكامل وأخرى جزئياً بفعل القذائف والأعيرة النارية التي استهدفت الواجهات والمآذن والقبب المقدسة, عُرف من بينها:

مسجد الشيخ محمد بن نمر.
مسجد أحمد بن محمود.
مسجد الأمير “عليه السلام” المعروف بمسجد السيد ماجد.
مسجد الفْتَيِّة.
مسجد فاطمة الزهراء”ع”
الحسينية الفاطمية.
حوزة الشيخ الشهيد النمر.
حسينية العُرَيِّض.
وفي صباح اليوم الرابع لاجتياح العوامية وتحديداً الجمعة 13 مايو نشرت مواقع إخبارية متعددة بينها “مرآة الجزيرة” خبر تجريف الساحة الأمامية ومرافق الخدمات التابعة لـ”مسجد المسألة” بحي القلعة وسط القطيف، في خطوة استفزازية وسّعت دائرة الاستهداف خارج العوامية, ما اعتبره مراقبون أنه إعلان بدء التنفيذ لخطة تستهدف استئصال ومحاصرة المظاهر الشيعية وإرغام الشيعة على ممارسة طقوسهم في نطاق وحيّز محدد زماناً ومكاناً, وهو المطلب الذي طالما نادى به المتطرفون الوهابيون المدعومون من السلطات الحاكمة ولا سيما من قبل وزير الداخلية محمد بن نايف, الذي يتخذ منهم وسيلة لمواجهة تمدد ونمو الحركة الليبرالية في البلاد, ومحاصرة الحراك الشيعي وتبرير سياسات التمييز ضدهم بأنها نتاج ضغوط القوى السلفية النافذة.
وأعقب ذلك استدعاء “محافظة” القطيف العشرات من مسؤولي المساجد في المحافظة والقرى التابعة لها, كما في أم الحمام وسيهات والجارودية وغيرها, وتم إجبارهم على توقيع تعهدات بإزالة المضائف الملحقة بالحسينيات والمساجد وعدم افتراش الساحات الخارجية في حال امتلاء المسجد أوالحسينية في الداخل وأن على “العدد الزائد الإنصراف” وهو ما يعني منعاً فعلياً للتجمعات الجماهيرية الحاشدة لا سيما في المناسبات الدينية الكبرى كما هو الحال في ذكرى وفاة النبي الأعظم محمد”ص” ووفاة الإمام علي”ع” وعشرة محرم الحرام ذكرى واقعة كربلاء ومقتل حفيد النبي محمد الإمام الحسين”ع”.
وفي الجارودية فوجئ الأهالي عصر يوم أمس الخميس 18 مايو بتراكتورات ضخمة تزيل مضيف فاطمة الزهراء”ع” بعد احتجاز 4 أشخاص من مسؤوليه بينهم الحاج “سلمان أحمد العريني” 70 عام و2 من أبنائه ورابع من أهالي البلدة.
نشطاء حقوقيون رأوا في الاجراءات التي لجأت اليها السلطات السعودية تجاوزاً على الحقوق الدينية والثقافية للجماعات, ودعت السلطات الى احترام المعاهدات والصكوك الدولية التي تحمي لكل فرد أو جماعة حق التعبد وممارسة شعائره وفق عقيدته وثقافته.
نشطاء محليون قارنوا بين الإجراءات التي نفذتها السلطات السعودية ضد شيعة القطيف وبين تلك التي نفذتها سلطات آل خليفة في البحرين في أعقاب دخول قوات درع الجزيرة في العام 2011 ورأوا أن هناك تطابقاً يكشف عن حرب طائفية ضد المكوّن الشيعي في البلدين, تهدف إلى استئصال التمظهرات الدينية والملامح الثقافية والفلكلورية للمورث الشيعي المُعبّر عن هوية وانتماء السكان الأصليين في المنطقة.