تصعيد بن سلمان إزاء إيران: تسديد فاتورة ترامب؟
علي شهاب
الجيل الجديد من الأمراء في الرياض تنقصه الكثير من خبرة أسلافه في إدارة مصالح البلاد. ففي ذروة الأزمات مع إيران، لم يصدر عن السعوديين مواقف بهذه الحدّة التي بتنا نشهدها في العهد الحالي.
قبل أسبوع، شكا الرئيس الأميركي دونالد ترامب من عدم دفع السعودية ما يكفي من المال لقاء الدفاع عنها.
بطبيعة الحال، لم يحظ هذا الموقف بالتغطية والتفسير اللازمين في الإعلام العربي والغربي، ثم تمّ إهماله بفعل الضخّ الإخباري اليومي المعتاد.
بالأمس، أطلّ وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بمقابلة هامة، كونها تعكس الكثير من هواجس المملكة وتؤشر بشكل غير مباشر إلى ما يحدث داخلها.
المتابع لمقابلة بن سلمان التلفزيونية بالأمس يخرج بانطباعات تالية:
- إنّ الموضوع الاقتصادي يطغى على كل شيء آخر في المملكة، الأمر الذي تطلبّ كل هذا التفصيل والشمولية من أجوبة الأمير الشاب، مع ما تناولته من "وقائع" سنتطرق إليها في ملف مستقل على "الميادين نت"، خاصةً في ما يتعلّق بأسعار النفط وتأثيرها على الاقتصاد السعودي وموضوع التسلح.
- إنّ كلام ترامب الأخير حول ضرورة أن تدفع السعودية المزيد من المال لقاء الدفاع عنها يشغل صنّاع القرار في الرياض. في الواقع، يكررّ ترامب بكلامه هذا المواقف التي كان يطلقها قبل انتخابه رئيساً، مع التسبّب بمزيد من القلق لحليفته الخليجية بإشارته إلى أنه "لن يعبث أحد مع السعودية لأننا نرعاها".
يعيد ترامب العلاقة إلى المربّع الأول، ويبدو أنه بات يستمتع بسياسة الابتزاز بعد أن لمس منها فائدة، كان عليه تهيئة الأرضية قبل أن يتوجّه إلى الرياض في زيارة محتملة في النصف الثاني من شهر أيار/ مايو الجاري.
- إنّ الجيل الجديد من الأمراء في الرياض تنقصه الكثير من خبرة أسلافه في إدارة مصالح البلاد. ففي ذروة الأزمات مع إيران، لم يصدر عن السعوديين مواقف بهذه الحدّة التي بتنا نشهدها في العهد الحالي، علماً أن هذه المواقف الحادّة نفسها لا تعكس بالضرورة حقيقة ما يدور خلف الكواليس بالكامل، خاصةً وأنّ السياسة الإيرانية لا تقوم على الخصومة المُطلقة، ناهيك عن أنّ "المصالح المشتركة" بين الرياض وطهران - في هذه المرحلة الشديدة التعقيد إقليميًا - لم تنتف بعد.
لا يشي الواقع ولا التوقعات بأن الأمير السعودي الشاب يمتلك أوراق قوة جديدة يواجه بها إيران.
منذ قيام الثورة الإسلامية، اعتاد الايرانيون على الاستماع للتهديدات الخطابية للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، من دون أن ترقى هذه التهديدات الى مستوى العمل العسكري المباشر لحسابات واعتبارات باتت معروفة.
وعيدُ بن سلمان بـ"نقل المعركة الى الأراضي الإيرانية" يعني ببساطة أمراً من إثنين:
- اللجوء إلى الخيار العسكري، وهو خيار غير واقعي ومستبعد جداً.
- اللجوء إلى الخيار الأمني، وهو خيارٌ لا يقدّم جديدًا. قد تكون هذه السياسة السعودية بدأت منذ سنوات ويقول الإيرانيون إن لديهم شواهد على هذا.
هذا في المضمون. أما في الشكل، فليس من الحنكة بشيء إنذار خصمك قبل المنازلة، إلا اذا كان التهديد فعل ضعف لا قوة أو ربما فعل خطأ.
المواجهات المباشرة وغير المباشرة في سوريا والعراق واليمن وثمة من يقول في لبنان أيضاً، يقول الإيرانيون وحلفاؤهم إن السعودية تخوضها كلها بالأصالة عن نفسها وبالوكالة عن أميركا وقد فشلت في تسجيل نصر في أي من هذه البلدان، ما اضطر واشنطن إلى التدخل العسكري المباشر لا سيما في سوريا والعراق، لتقود أميركا المعركة فيهما بالأصالة عن نفسها، وبالوكالة عن حلف الناتو.
وعليه، فإن كلام بن سلمان يقع بين الخطأ الاستراتيجي في الإعلان عنه وبين كونه تعميةٌ على الموضوع الرئيس - أي الوضع الإقتصادي السعودي - ورميةٌ قد لا تكون السعودية وحدها خلفها، والمقصود هنا الولايات المتحدة وربما إسرائيل.
المصدر: الميادين نت