طبول الحرب تقرع.. هل يحتمل الشرق الأوسط المزيد؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2056
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الإندبندنت – التقرير
افتعل سياسيون وقادة عسكريون إسرائيليون، الأحد الماضي، ضجة كبيرة لإعلام للجمهور الإسرائيلي -وأعداء البلاد بالطبع- بأنهم نجحوا في تقسيم المجال الجوي للبلاد بأكثر أنظمة الدفاع الصاروخية تطورًا.
بالتالي سيتم التعامل مع الصواريخ الإيرانية أو السورية بعيدة المدى، كما هو مُتوقع، من خلال نظام مدعوم من الولايات المتحدة يُسمى “أرو” يُوضع على ارتفاعات عالية؛ وهو صواريخ أصغر حجمًا، ولكنها دقيقة للغاية. كما ستتصدى الصواريخ المدعومة من الولايات المتحدة “ديفيد سلينج” للصواريخ الآتية من حزب الله في لبنان أو سوريا، في حين ستتصدى “القبة الحديدة” للطائرات بدون طيار والمدفعية والصواريخ الصغيرة، وهي مدعومة أيضًا من الولايات المتحدة.
في منتصف مارس، شهد نظام الصواريخ “أرو -3” الجديد أول استخدام ناجح له، عندما تصدّى لصاروخ سوري أُطلق باتجاه إسرائيل ردًا على هجوم آخر للقوات الجوية الإسرائيلية داخل سوريا، يزعم استهداف مواقع حزب الله.
هذا التصعيد غير المسبوق للمواجهة العسكرية في بلاد الشام يثير مخاوف كبيرة من أن حربًا جوية -على الأقل تشمل حزب الله وإسرائيل- تزداد احتمالية، بعد 11 عامًا فقط من آخر جولة غير حاسمة من الأعمال العدائية بين الجانبين، تركتهما يلعقان جراحهما ويعدا بجولة “نهائية”.
خلال 13 عامًا من مشاهدة هذين الخصمين اللدودين، لم أر قط درجة عالية من القلق بين النخبة السياسية في لبنان بأن حربًا على وشك أن تندلع.
هذه اللحظة غير المستقرة والعنيفة في الجغرافيا السياسية تُضعف العنصر الرئيسي لبقاء إسرائيل وحزب الله بعيدًا عن تجاوز الخطوط الحمراء تجاه بعضهما البعض، كالخوف، أو بالأحرى توازن الخوف القائم على الاعتقاد بأن الصراع القادم سيكون مدمرًا لجميع الأطراف.
عندما تندلع الحرب القادمة، لن تكون إسرائيل في وضع جيد للدفاع ضد السلاح الرئيسي لحزب الله -أي الصواريخ التي تُطلق ضد أهداف عسكرية ومدنية- لكنها ستستخدم أيضًا القصف غير المُقيد لجميع البِنى التحتية اللبنانية والسكان المدنيين، مما سيضطر المواطنون اللبنانيون للتحول إلى حزب الله.
لسوء الحظ، يبدو أن حزب الله وحلفاءه يعتقدون لسبب ما أن الإسرائيليين مُخطئون. أولًا، فالقصف المُفرط للبنان كلها سيؤدي -على الأرجح- إلى مزيد من التضامن بين اللبنانيين، ولن يؤدي إلى مواجهة حزب الله بطريقة أو بأخرى.
ثانيًا، فحزب الله ليس هو نفسه منظمة التحرير الفلسطينية التي طُردت من لبنان بعد الغزو الإسرائيلي المدمر في صيف عام 1982، بل أصبح تجمع سياسي لبناني عميق الجذور، ويحظى بدعم كبير في البلاد. كما ذكّر زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله الإسرائيليين منذ فترة طويلة، فمؤيدي الحزب، وخاصة قاعدته بين الشعب الشيعي في لبنان، لن ينتقلوا إلى تونس مثلما فعل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات يومًا، بل سيبقى معظمهم ليقاتل من أجل بلاده.
ثالثًا، يبدو أن حزب الله والرئيس الإيراني شريكه يعتقدان أن المنشآت النووية والكيميائية الإسرائيلية، وحتى نظامها الصاروخي الجديد، مُعرضة للخطر ويمكن التغلب عليها بسهولة.
وأخيرًا، وكما يبدو أن القادة الإسرائيليين على ثقة تامة من أن المجتمعات اللبنانية الأخرى سوف تنقلب بسرعة على حزب الله إذا أصابها ضربة قوية بما يكفي، فإن نصر الله وغيره من قادة الحزب الرئيسيين الذين التقيت بهم على مر السنين يبدون مدافعين عن فكرة أن الإسرائيليين أصبحوا شعبًا ناعمًا ليس قادرًا على تحمل التفكك الذي سينجم عن غارات حزب الله البرية والبحرية والجوية.
المشكلة الأساسية مع كل هذه الافتراضات غير الدقيقة في الغالب هي أنها توفر تعتيمًا لما ظهر الآن تماما في جنوب سوريا والجولان المحتل. الواقع أن حزب الله وإيران غالبًا يواصلان القيام بنوع من البنية التحتية العسكرية السرية في جنوب سوريا، ونجحا في قيادة إسرائيل في جنوب لبنان وسوريا. أما بالنسبة للإسرائيليين، فهذا النشاط ليس مؤكدًا حتى الآن باعتباره “خط أحمر”.
ليس مُستغربًا أن تتسع وتيرة الضربات الإسرائيلية ونطاقها في الأسابيع والأشهر الأخيرة. ففي الوقت نفسه، أوضحت الحكومة السورية وحزب الله وإيران أن ما تفعله إسرائيل في الأجواء فوق لبنان وسوريا سيؤدي إلى مزيد من القوة المضادة.
مع تزاید ھذه الدینامیکیات، یُمکن لکل من حزب الله وإسرائیل أن یدّعوا أیضًا أنھم کانوا یتصرفون بشکل دفاعي إذا بدأ نزاع کبیر في سوریا أو لبنان.
فمن ناحية، ستجادل إسرائيل بأنها اضطرت إلى استباق تهديد إرهابي متزايد على حدودها، في حين أن حزب الله وحلفائه الآخرين سيجادلون بأنهم هوجموا بصورة غير قانونية وما حدث رد فعل متناسب من أجل الحفاظ على التوازن.
ربما تكون أكثر إشكالية أن إيران وحزب الله لديهما ما يدعو إلى الخوف من توصل إدارة ترامب وروسيا وبشار الأسد إلى صفقة مناسبة في الفترة المقبلة تتناول أساسًا الثنائي الشيعي. إلا أن أي محاولة لتهميش إيران وحزب الله في سوريا ستثير رد فعل قوي، قد يؤدي إلى حرب أوسع نطاقًا. من المؤكد أنه سيترك كل من الجهات الفاعلة لمحاولة ضربة قاضية من قِبل الإسرائيليين.
على أقل تقدير، تعتبر إدارة ترامب الجديدة إيران العدو الاستراتيجي الرئيسي في المنطقة. كما أشارت بالفعل إلى أنها ستتبع سياسة أكثر عدوانية، بعكس إدارة أوباما السابقة.
على هذا النحو، بدأ البيت الأبيض والكونجرس الأمريكيان الانفصال عن الاتفاق النووي مع طهران عام 2015، مع التأكيد على دعم أمريكا بشكل غير مسبوق لإسرائيل في حال نشوب أي صراع، بغض النظر عمّن سيُعتبر “البادئ” أو كيف تجري مثل هذه الحرب، مما يُرجح كفّة إسرائيل.
هل يمكن القيام بأي شيء لمنع تصاعد التوترات؟ المؤسف أن أي من القوى العظمى، وخاصة الولايات المتحدة، غالبًا لن تتدخل بسرعة وذكاء لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع في هذا الجزء من العالم. لا يسع المرء إلا أن ينتظر ويأمل أن تعترف جميع الأطراف بأن الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحمل المزيد من الدمار وإراقة الدماء.