السعودية وترامب.. إعادة تنسيق العلاقات

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1890
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فورين أفيرز – التقرير
منذ أن وصل الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، إلى مكتبه في البيت الأبيض، لم يضع أية خطة واضحة حتى يومنا هذا تخص طبيعة العلاقات الخارجية لأمريكا مع السعودية، ولكنّه ينغرق في سيل من الأسئلة المطروحة حول هذه المسألة وإيجاباتها. إلا أنّ ترامب شرح وجهة نظره بوضوح تام في الشهر الحالي؛ من رفض واشنطن التام لتوفير حماية مجانية لدول الخليج العربي.
وأضاف أيضًا قائلا: “دول الخليج لا تمتلك سوى المال”، وأنه ينوي إجبارهم على الدفع في المستقبل مقابل وجود المناطق الآمنة في سوريا. وفي الوقت نفسه، أعرب ترامب عن رغبته في تحسين العلاقات الأمريكية مع الخليج العربي بصفة عامة بهدف زعزعة استقرار الأنشطة الإيرانية في المنطقة.
ومن جانبهم، يرى السعوديون أنّ الرئيس الأمريكي الجديد فرصة سانحة أمامهم لتحسين العلاقات الأمريكية، ومحاولة إصلاح الصدع الذي تسبب فيه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بسبب اتفاقياته النووية المبرمة مع إيران. فلقد انفرجت سريرة السعوديين عندما وصف ترامب إيران بأكبر دولة داعمة للإرهاب ومشككًا في النوايا الخفية من وراء الاتفاقية النووية.
وبالطبع سيرحب السعوديون بتقويد ترامب للاتفاقية، واتجاهه إلى فرض العقوبات على إيران؛ فمثل هذه الخطوات ستؤكد للرياض على بقاء السعودية مركزًا لاهتمام أمريكا في الشئون الخارجية لها.
مهما كان الطريق الذي ستسلكة واشنطن مع إيران، لابد وأن يعيد ترامب التفكير في العناصر المهمة لعلاقته الخاصة المزعومة مع السعودية.

تحالف عفا عليه الزمن
منذ أن قابل فرانكلين ديلانو روزفلت، الرئيس الأمريكي الـأسبق، مؤسس المملكة السعودية، الملك عبد العزيز بن سعود، في شهر فبراير من العام 1945، أصبح النفط والأمن والموقع الاستراتيجي المهم للسعودية سببًا كافيًا لمساندة واشنطن لها على الرغم من أي شيء. ولم تتغير هذه العلاقة ما بين البلدين لأكثر من 7 عقود من الزمن.
ولكن الشيء الذي كان يمثل أهمية استراتيجية أثناء الحرب الباردة واختفى حاليًا، مصادر الطاقة؛ فأمريكا الآن أصبحت لا تعتمد على السعودية كمصدر للنفط مثلما كانت في العقود الماضية. والأسوأ من كل ذلك، أن السعودية عمِلت في السنوات الأخيرة على محاولة ضرب النفط الحجري الأمريكي عن طريق ملء السوق بنفط باخس الثمن، لتصبح وسائل الطاقة البديلة أغلى.
وكانت تعد السعودية بمثابة حليف أمني مهم بالنسبة لأمريكا أثناء الحرب الباردة، بينما مثلت نسختها من الوهابية المحافظة للإسلام، إلى جانب موقعها الاستراتيجي والنفطي، وسيلة خدمت أمريكا في التفريق ما بين الدول الإسلامية القومية المتطرفة والأخرى الشيوعية.
إلا أن مثل هذه السياسات قصيرة النظر تسببت في ظهور موجة من الأزمات الإرهابية العالمية التي انطلقت من الكهوف الأفغانية في بدايات العام 1980، مما نتج عنه نتائج بشعة غير مقصودة لا يزال الغرب يتحمل عواقبها حتى يومنا هذا.
بينما تسببت هجمات 11 سبتمبر في شرخ العلاقات الأمريكية السعودية مؤقتًا، ومن هنا بدأت أمريكا في التساؤل إن كانت السعودية صديقة لها أم عدو؟. ومع الأسف، فشلت العديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة في التعامل مع هذا السؤال من إعادة التفكير أو إصلاح الطرق المستخدمة لمساندتها غير المشروطة للمملكة، فهم لا يزالون يؤمنون بمكانة السعودية كأهم حليف في الحرب على الإرهاب.

تقويض الاستقرار الإقليمي
سببٌ آخر لإعادة التفكير في العلاقات الأمريكية السعودية هو طموحات السعودية الإقليمية وحروبها في اليمن مما نتج عنه تقوية كل من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية المعروفة بـ”داعش”؛ بسبب استهداف كلا التنظيمين لتدمير الحوثيين. بينما تحركت القوات السعودية إلى البحرين لمساندة حكام الجزيرة العربية.
ولا يجب أن نتخطى دور السعودية في سوريا، واستغلال أحرار الشام وجبهة النصرة لتدخلها. حيث حرصت السعودية على الفوز في حربها على إيران عوضًا عن إرساء الديمقراطية للشعب السوري.

تحديد مستقبل العلاقات
لا يجب أن تظهر واشنطن في دور من يساند أي قوة معادية للمملكة، فالسعودية تحرص على مساندة حلفائها في المنطقة، مثلما تفعل إيران. فسيؤدي الإصلاح السياسي بين الدولتين إلى خلق مجال مفتوح عام، ودحر التطرف في العالم لامتصاص الإرهاب، وإلهام الشباب المهمشين الغاضبين، والوصول إلى الطريق السليم وأسس ثابته كشعوب حديثة متطورة.
فالحل لا يكمن في إجبار السعودية على الدفع مقابل حمايتها مثلما اقترح ترامب. فلن يحقق هذا الحل سوى أن يتحول الجيش الأمريكي إلى جيش مرتزق، فالسيناريو القائم على “إما نحن أو الإرهاب” ليس أسلوبا سليما للحوار، وهو أسلوب يحرم السعودية من تخيل مستقبل لها ائم على اعتمادها على نفسها لإدارة بلادها بسلام وفي مكانة مهمة وسط العالم.