لماذا أصبح من الصعب تشكيل حلف «الناتو العربي»؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1863
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ميدل إيست آي – التقرير
في الوقت الذي يُحاول فيه حلفاء أمريكا فهم تنافض إدارة ترامب؛ فإن هناك إحدى القصص التي ظهرت مؤخرا والتي تقول أن إدارة ترامب تريد بناء حلف ناتو عربي يُعادل الموجود حاليًا. بغض النظر عن الوضع الدقيق لهذه السياسة فإن القصة تركز على اتجاهين هامين في تطورات الأمن في الشرق الأوسط.
الاتجاه الأول هو الطموح الموجود في العالم العربي لتكثيف التعاون الأمني الإقليمي؛ فعلى الرغم من القواسم المشتركة للمنطقة، لكن الاختلافات السياسية والاقتصادية وكذلك الإرث الاستعماري قللت من نطاق التعاون سواء في الناحية السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية، وحاليًا تعتبر جامعة الدول العربية واحدة من أضعف المنظمات الإقليمية.
وحتى مجلس التعاون الخليجي والذي يتكون من 6 دول “والذي يبدو أنه يملك أمور مشتركة أكثر من 22 دولة للجامعة العربية” تقاتل من أجل إيجاد خط مشترك في العديد من .
ومع ذلك، تقود الدول العربية حملة للتعاون الإقليمي والأمني، من خلال التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات والذي يقاتل في اليمن وتحالف آخر للجيوش الإسلامية تقوده السعودية والتي وطمحت لتأسيس “الناتو الإسلامي” لقتال المتطرفين.
تقليديًا، اعتمدت دول الخليج على الضمانات الأمنية الغربية، ولكنها تسعى الآن لأهداف قريبة وخاصة في العالم العربي والإسلامي. ويرجع هذا جزئيًا للتطور الطبيعي للدول ما بعد الاستعمار، وتعتبر ردًا على الاعتقاد بأن الالتزام الأمريكي للأمن الخليجي لم يعد مؤكدًا كما كان في الماضي.
هذا الاعتقاد غالبًا ما يتم المبالغة فيه، ولكنه يعكس التغييرات طويلة الأجل في سوق النفط ونقص الدعم الشعبي في أمريكا للتدخل العسكري في الشرق الأوسط والأفكار المتباينة بشأن مستقبل التهديدات الأمنية لدول الخليج.
أما بالنسبة للنقطة الأخيرة فإن أكبر مخاوف الحكومات الخليجية ترتكز على بعض السيناريوهات وفيها تكون الأنظمة مهددة من الحركات الداخلية وليس من الخارج، كما أنهم ليسوا متأكدين من الدفاع الأمريكي عنهم من هذه التهديدات.
ولذا فإن لديهم الميل للاعتماد على أنفسهم، مع سعى الإمارات والسعودية لتطوير نظامهما الدفاعي بدلًا من الاعتماد كليًا على الوارد والذي يمكن في المستقبل وقفه من البرلمانات الأجنبية، بينما تقدم الإمارات وقطر خدمات وطنية؛ ونظرًا لقلة سكانهما، فإن حكوماتهما تبحث عن التعاون الأمني مع الدول التي لديها قوة عسكرية وخاصة مصر.
في المجتمع المدني، يُقابل العجز العام في التعاون الإقليمي تقريبًا بحالة أسى؛ خاصة في الناحية الاقتصادية وأي تجمع اقتصادي للمنطقة لمعالجة في العالم العربي سوف توصي بتعاون إقليمي أكبر ولكنه سوف يتنفس الصعداء لعدم حدوثها ويلوم الحكومات على الفشل في عدم تجاوز الخلافات السياسية.
عندما يأتي الوضع للتعاون الأمني فإن الشعور يصبح مختلطًا، يعتبر المجتمع المدني متشكك في التعاون بين قوات الأمن الداخلي في الدول والتي لاتزال معظمها استبدادية، أما بالنسبة للتعاون العسكري، فإن الحرب في سوريا وقلة وجود تهديد حقيقي للتدخل ضد بشار الأسد أدى إلى الاستنتاج بأن المنطقة بحاجة إلى قوات تدخلها الخاصة ولا يمكنها الاعتماد على الولايات المتحدة أو غيرها للتدخل أو حتى وقف المذابح.
ولكن أوضحت سوريا قوة الانقسام في العالم العربي، كما أن هناك معارضة واسعة لأي اقتراح يتضمن تدخل خليجي أو تركي، والانقسام السياسي يحدث بسبب الأسس الطائفية.
ومن الانتقادات الموجهة للتحالف الشمالي بقيادة السعودية، هو أنها كانت حتى وقت قريب مكونة من أغلبية مسلمة. وفي ديسمبر 2016 انضمت عمان، ولكن إيران والعراق لا زالوا خارج التحالف.
وسعت إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما لتشجيع التعاون الأمني في المنطقة، بسبب إرادتها في تقليل الوجود طويل المدى لقواتها في المنطقة. ولكنها ندمت بعد رؤية الحل الإقليمي لمشاكل المنطقة في سوريا واليمن.

إسرائيل لم تعد العدو المشترك
الاتجاه الثاني الكبير هو التغييرات في تصورات التهديدات في العقود الأخيرة، والتي تركت دولًا عربية أساسية لم تعد ترى في إسرائيل العدو الكبير وإنما دولة تتشارك معهم في الأعداء. بدلًا من ذلك فإن الدولة التي اعتبروها تهديدًا هي إيران، ومن مجموعات غير رسمية مثل داعش والقاعدة.
ويتعاون الجيش الإسرائيلي والمصري اليوم أكثر من أي وقت مضى، من أجل حماية أنفسهما من المتمردين في سيناء، والذين يروهم تهديدًا كبيرًا لهم. وبينما لا زال لا يوجد رسميًا أي تعاون دبلوماسي أو علاقات مع إسرائيل، ولكنهم لا يروها كتهديد جيوسياسي.
بالنظر لذلك فإن فكرة تجمع عربي أمني في المنطقةلم يعد أمرًا مفاجئًا. ولكن إذا تم ذلك على أرض الواقع فستكون هناك مشكلة، ليس بسبب الانقسام بين الحكومات العربية فقط (والذين قد يوافقو على قتال داعش على سبيل المثال ولكن لديهم وجهات نظر مختلفة بشأن جماعة الإخوان المسلمين)، وكذلك التنافس بين السعودية ومصر وأيضًا السعودية والإمارات.
هذه القضايا جعلت من الصعب بناء تحالف عسكري خليجي؛ خاصة بعد ما يحدث في اليمن، وفي اليمن أيضًا هناك اختلافات استراتيجية عظيمة بين السعودية والإمارات حول أي نوع من الإسلاميين سيتم التعامل معه.

الانقسامات الطائفية
هناك أسئلة أيضًا بشأن كيف لهذا التحالف من الدول العربية يمكن أن يواجه التحديات الأمنية المعقدة في المنطقة في حالة فشل دولة أو كونها هشة، وعودة الشكل العنيف والمنقسم لسياسات الهوية القائمة حول الطائفية بين السنة والشيعة.
وقال أوباما من قبل، إن الدول العربية قد تواجه خطرًا من الداخل بسبب التحديات أكثر من إيران، ومن المتوقع أن تأخذ إدارة ترامب وجهه نظر مختلفة؛ حيث ستأخذ موقفًا أقوى تجاه إيران حتى إن كان على سبيل الخطاب، ورؤية السياسة الداخلية كعمل خاص بالدولة غالبًا سيلقة ترحيبًا من الدول العربية.
ومن المحتمل أيضا أن يأخذوا موقفًا مماثلًا بشأن سياسات ترامب مثلما قال وزير الخارجية الإماراتي إن حظر ترامب لسبع دول ذات أغلبية مسلمة هو مشكلة داخلية في أمريكا. وبالطبع فإن حلفاء أمريكا في الغرب كانوا أكثر انتقادًا لقراره من الدول الخليجية ومصر.
كل هذا يؤكد أنه على الرغم من خطاب ترامب المعادي للإسلام وانتقاده لصلات هيلاري كلينتون مع السعودية وقطر؛ فإنه من المحتمل أن يكون لترامب علاقات جيدة مع دول الخليج العربي وكذلك مصر.
وبينما من المحتمل تغيير السياسة تجاه الخليج تمامًا، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تعطي دعمًا قويًا للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ولكن أي حديث عن حلف ناتو عربي هو أمر بعيد للغاية.