قاعدة عسكرية للإمارات في «أرض الصومال»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2620
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أقرّ البرلمان في «أرض الصومال» بأغلبية ساحقة، أمس، إقامة قاعدة عسكرية إماراتية في مدينة بربرة شمال غرب البلاد. وفي جلسة مشتركة لمجلس النواب ومجلس الشيوخ في «أرض الصومال»، وهو كيان انفصالي يطالب بالاستقلال عن الصومال، صوّت 144 نائباً لإقامة القاعدة، في مقابل رفض خمسة من أصل 151 نائباً حضروا الجلسة.
وتتميز مدينة بربرة بميناء استراتيجي مهم في منطقة القرن الأفريقي المتوترة، يقع على ممر بحري يربط ما بين قناة السويس والبحر الأحمر والمحيط الهندي (بحر العرب خاصة). وتحاول حكومة «أرض الصومال» تحويل الميناء إلى مركز تجاري إقليمي ومرفأ محوري لحركة الملاحة البحرية في تلك المنطقة (وفق ما قال مدير الميناء العام الماضي)، ما قد يُسهم في الاعتراف الرسمي بهذه «الدولة» الصغيرة. ووفق بعض الخبراء، فإن تحويل هذه المدينة إلى ممر لوجستي بديل، يصلها بإثيوبيا، سيكسر احتكار ميناء جيبوتي لحركة السفن، ما سيشكل نقطة تحوّل اقتصادية وسياسية وعسكرية مهمة في القرن الأفريقي.
ويأتي هذا القرار بعدما أعلنت شركة «موانئ دبي» العالمية، العام الماضي، أنها حصلت على امتياز «إدارة وتطوير» مرفأ بربرة لمدة ثلاثين عاماً، وباستثمارات تصل إلى 442 مليون دولار. وستُستخدم هذه الاستثمارات في تأهيل البنى التحتية، وخاصةً الطريق الذي يربط بين مدينة بربرة والحدود الإثيوبية، لتسهيل حركة مرور الشاحنات ونقل البضائع. وقالت الشركة حينها إن ميناء بربرة، وهو الوحيد الواقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن، يوفر لها «نقطة نفاذ جديدة إلى البحر الأحمر»، مشيرة إلى أن الاستثمار سيجذب المزيد من خطوط الشحن إلى شرق أفريقيا ويعزز نموها في الأسواق المحيطة في خلال السنوات المقبلة.

تندرج الخطوة
ضمن نهج تتبناه الامارات، يقوم على توسيع قواعدها
ولكن خلافاً للاتفاق مع «موانئ دبي»، فإن تصويت الأمس واجه معارضة من قبل «الحزب الوطني» (Waddani) المعارض، الذي شكّك في شرعية هذا الاتفاق. وأكّد رئيس مجلس النواب ومؤسس «الحزب الوطني»، عبد الرحمن محمد عبد الله، أنه «ألقي القبض على ثلاثة نوّاب بعدما رفضوا الموافقة على الاتفاق، بينما هُدِّد عدد كبير من النوّاب وأُجبروا على الموافقة». وأضاف: «نحن نقول للشعب إنه جرى إمرار هذا الاتفاق من طريق القوة».
وتمنح المادة 53 من دستور «أرض الصومال» مجلس النواب صلاحية المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما في ذلك الاتفاقيات الأمنية، «التي تفرض أعباءً مالية جديدة لم تُغطَّ في الموازنة، أو التي ستشمل إصدار أو تعديل أي تشريع».
وأعلن النائب، هيرسي علي حاجي حسن، وهو عضو في «الحزب الوطني»، أن منح حكومة أجنبية حق بناء قاعدة عسكرية في «أرض الصومال» هو «بمثابة انتهاك لسيادة الدولة»، محذراً من أن «السماح بدخول قوات أجنبية مسلحة لا نعرف إذا بإمكاننا أن نتحداها أو ندافع عن أنفسنا من هيمنتها، يعرّض أمتنا للخطر، وخاصةً لأننا دولة غير معترف بها دولياً».
النفوذ الإماراتي في القرن الأفريقي
وتندرج هذه الخطوة (إقامة القاعدة العسكرية) ضمن ما وصفه موقع «وور أون ذا روكس» في تقرير طويل، نشره في أيلول الماضي، بـ«نهج جديد تتبناه الإمارات، يقوم على توسيع قاعدتها في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي»، وذلك من خلال الاستثمارات «السخية جدّاً» من جهة، و«توثيق علاقات التعاون الأمني مع مجموعة دول القرن الأفريقي» من جهة أخرى. وأشار التقرير إلى أن الإمارات «تسعى إلى الحصول على ميناء بربرة (لتحويله) إلى مهبط للطائرات يدعم عملياتها في اليمن»، وذلك بعدما بسطت نفوذها في إريتريا.
ووفق ما ورد في تقرير استخباراتي نشره موقع «تاكتيكال ريبورت» المتخصص في تقديم معلومات استخبارية حول الطاقة والدفاع في الشرق الأوسط، فإن ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، كشف أمام قادة عسكريين إماراتيين رفيعي المستوى عن رغبته في «تعزيز دور البحرية الإماراتية» في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ضمن خطة استراتيجية لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الأفريقي.
تعليقاً على ذلك، ذكر موقع «العربي» الشهر الماضي، أن «النفوذ الإماراتي المدعوم أميركياً يتمدد من خلال استئجار قواعد عسكرية في كل من إريتريا وجبيوتي والصومال وجزيرة سقطرى اليمنية، بالإضافة إلى استئجارها للعديد من الموانئ، إما لاستخدامها بما يخدم حركة التصدير والاستيراد لأبو ظبي، أو تعطيلها خوفاً من تأثيرها بميناء جبل علي الإماراتي، كما يحصل في جيبوتي وعدن». وأشار الموقع إلى أن الإمارات، فضلاً عن فوزها بحق إدارة ميناء بربرة، وقّعت عقد إيجار لمدة 30 عاماً للاستخدام العسكري لميناء عصب في إريتريا، إضافة إلى مطار، يُمكن طائرات النقل الكبيرة الهبوط عليه. كذلك قامت بالاتفاق مع جيبوتي مجدداً على إدارة ميناء جيبوتي وفق الاتفاق الذي عقد بين الجانبين عام 2005، والذي توقف في أواخر شهر نيسان عام 2015 نتيجة خلاف أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين حتى اتفقا من جديد على إعادتها والعمل بالاتفاق السابق.
ووفق «وور أون ذا روكس»، فإن الخلاف تصاعد بسرعة حينها «بسبب التوترات القائمة أصلاً حول عقد لمحطة حاويات دوراليه، وهي أكبر ميناء للحاويات في أفريقيا، ومن أهم مصادر القوة الناعمة للإمارات». وختم التقرير بالقول إن الاستثمار الإماراتي في «أرض الصومال»، جنباً إلى جنب مع تطوير علاقة عسكرية أوثق مع مصر والسودان، وبناء قاعدة نفوذ في إريتريا، «سيعطي الإمارات دوراً رائداً في حماية قناة السويس وباب المندب»، وسيفتح المجال أمام هذه الدولة العربية «لتظهر كلاعب قوي في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا وغرب المحيط الهندي». وأضاف الموقع أن «تطوير ميناء عصب يُسهم في تقوية العمق الاستراتيجي للإمارات لو حدث اشتباك في نهاية المطاف مع إيران»، مؤكداً أن «مرحلة التوسع العسكري الإماراتي في غرب السويس قد بدأت».
وفي سياق متصل، قال «العربي» إنه من ضمن التطورات الخطيرة التي شهدتها المنطقة تتمثل في استيلاء الإماراتيين على جزيرة سقطرى اليمنية. فوفق الموقع، تناقلت وسائل الإعلام في شباط الماضي خبر تأجير الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، جزيرة سقطرى للإمارات لمدة 99 سنة، في خطوة «تندرج في سياق ثمن مشاركة أبو ظبي في الحرب». وأضاف أن «الإمارات تسيطر على سقطرى عسكرياً»، وأنه «جرى قبل مدة نقل ما يقارب 300 من أبناء سقطرى إلى الإمارات للتدريب، قبل إعادتهم للعب أدوراهم في الجزيرة». أما الاجراء الذي وصفه «العربي» بـ«الأكثر خطورة»، فهو إعداد الإمارات لمشروع منح الجنسية الإماراتية لكل سكان الجزيرة، والذين يقدّر عددهم بنحو أربعين ألف شخص. ورأى الموقع أنه من خلال سيطرة الإماراتيين على الجزيرة «يمكن القول إن الأميركيين أكملوا سيطرتهم على المحيط الهندي، بعد 45 سنة من سيطرتهم على جزيرة دييغو غارسيا، التي تبعد ثلاثة آلاف كيلومتر عن سقطرى. وبذلك أصبحت طرق الملاحة الرئيسة، من وإلى شرق العالم، تحت المراقبة الأميركية».