إسرائيل: العلاقات المتوترّة مع واشنطن دفعت مصر والسعوديّة لتوثيق علاقاتهما مع تل أبيب وتركيّا لن تُحسّن علاقاتها معنا أكثر بسبب المُتغيّرات الجديدة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1821
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
العلاقات السعوديّة-الإسرائيليّة السريّة، باتت في الأشهر الأخيرة السرّ الأكثر انتشارًا في المنطقة، فمن ناحية، يُواصل المسؤولون في تل أبيب التشديد على ضرورة إخراج هذه العلاقات إلى العلن، لأنّ هذه الخطوة، برأيهم، تعود بالفائدة على المصالح الإستراتيجيّة والتكتيكيّة للدولة العبريّة. ومن الناحية الأخرى، تُواصل مراكز الأبحاث الإسرائيليّة سبر غور هذه العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وتُشدّد على أنّ المصالح بينهما باتت متساوقةً جدًا، وبشكلٍّ خاصٍّ في محاربة “التمدد الإيرانيّ”، علمًا أنّ إسرائيل في تقديرها ألاستخباريّ للعام 2017 أدرجت الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في المكان الأوّل في قائمة الأعداء، ويليها حزب الله اللبنانيّ، الذي تعتبره الرياض منظمةً إرهابيّة، منذ آذار (مارس) من العام 2016، عندما اتخذّ مجلس التعاون الخليجيّ قرارًا في هذه المسألة ووضع حزب الله في قائمة التنظيمات الإرهابيّة.
وفي دراسةٍ جديدةٍ أصدرها مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، وهو الذي يُعتبر أهّم مركز في إسرائيل للدراسات الإستراتيجيّة، جاء أنّ العلاقات المتوترّة مع واشنطن وازدياد التهديدات المُحدقة، شكّلتا مُحفزًا لكلٍّ من مصر والمملكة العربيّة السعوديّة للبحث عن توثيق العلاقات والتعاون المُشترك الوطيد مع إسرائيل، وخصوصًا في القضايا التي تتساوق مصالح الدول الثلاث فيها، على حدّ تعبير الدراسة. وبالمُقبل، شدّدّت الدراسة على أنّه من غير المُتوقّع، بناءً على المعطيات القائمة، أنْ تقوم إسرائيل وتركيّا بتحسين علاقاتهما، على الرغم من اتفاق المصالحة بينهما من شهر حزيران (يونيو) من العام 2016، وذلك بسبب المُتغيّرات الجديدة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط. كما أكّدت الدراسة على أنّ الأوضاع التي جمعت تل أبيب وأنقرة في التسعينيات من القرن الماضي لم تعُد قائمة اليوم.
علاوة على ذلك، تناول الباحث ومساعد رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” في تل أبيب، آري هييسطين، في الدراسة عينها، مستوى التطابق بين الرياض وتل أبيب على صعيد المصالح والأهداف المشتركة وسياقاتها ومفاعيلها، موضحًا أنّ السعودية ازدادت قربًا من إسرائيل بعدما أدركت وجود تقارب في الرؤية والتقدير معها إزاء مختلف قضايا الشرق الأوسط، وتحديدًا ما يتعلّق بمواجهة إيران وحزب الله وحلفائهما.
ويؤكد الباحث الإسرائيليّ أنّه على  الرغم من غياب علاقاتٍ رسميّةٍ بين الرياض وتل أبيب، فإنّ الطرفين عملا من أجل أهدافٍ مشتركةٍ في قضايا إقليميّةٍ مركزيّةٍ.
وشدّدّ أيضًا على أنّ السعودية تسعى إلى التعاون مع إسرائيل في الوقت الذي سادت فيه البرودة مع واشنطن، ونتيجة لتعارض سلّم الأولويات الأمنية بين الأخيرة والرياض، كما أشار إلى أنّ “الربيع العربيّ” عزَّز الفجوات بين السعودية والولايات المتحدة في ساحاتٍ عدّةٍ، من بينها مصر وسوريّة.
ورأى أنّه من منظور السعوديّة، فقد قام الأمريكيون بالإطاحة بالحليف المقرب منها، الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، فيما لم تفعل الكثير، في نظرها، من أجل إطاحة الرئيس السوري، بشار الأسد، وهو الحليف لإيران.
بالإضافة إلى ذلك، أكّدت الدراسة الإستراتيجيّة الإسرائيليّة على أنّ الضبابيّة الأمريكيّة في كلتا الساحتين دفعت الرياض إلى التشكيك في مصداقية واشنطن المستقبليّة. وفي موازاة ذلك، أضاف الباحث، شكلّ الدعم السعوديّ لفرع “القاعدة” في سوريّة، “جبهة فتح الشام”، بهدف إسقاط الأسد، خطوة خطيرة تعرّض الأمن القومي الأمريكيّ للخطر، من منظور جهاتٍ أمريكيّةٍ رسميةٍ. وبرأيه، فإنّ ما فاقم المخاوف السعودية من تخلي واشنطن، هو الاتفاق النوويّ مع إيران، فيما رأى الباحث الإسرائيلي أنّ الرئيس السابق باراك أوباما لم ينجح في طمأنة المملكة إزاء الدعم الأمريكيّ.
وعلى عكس التوتر بين واشنطن والرياض في الموقف من قضايا الشرق الأوسط، أكّد الباحث على أنّ التقارب في الرؤية والتقدير بين السعودية وإسرائيل إزاء الكثير من التهديدات الإقليمية، مشدّدًا على أنّ القضية الأكثر إقلاقًا لكلتا الدولتين هي إحباط طموحات إيران في كلّ ما يتعلّق بسياساتها الإقليمية والقدرة النووية.
وأشار أيضًا إلى أنّ السعودية وإسرائيل تتفقان على أنّ تقليص قدرات حزب الله وحلفاء إيران في المنطقة عنصر حيوي في كلّ ما يتعلّق بالجهود التي تبذل من أجل إحباط أهداف إيران في إرباك النظام الإقليمي، مُوضحًا أنّ كلاً من “القاعدة” و”داعش” يُشكّلان تهديدًا محدودًا للجيشين المتطورين، في إسرائيل والسعودية، لكنّهما يشكلان تهديدًا خطيرًا جدًا على حلفائهما، الأردن ومصر.
وذكر البحث أنّه رغم غياب علاقاتٍ رسميّةٍ بين إسرائيل والسعودية، فإنّ وحدة المصالح دفعتهما إلى العمل من أجل أهدافٍ مشتركةٍ في قضايا مركزية. ومع أنّ المعلومات العلنية بشأن التعاون في قضية البرنامج النوويّ الإيرانيّ ليست كثيرة، فإنّ كليهما يعمل على هدفٍ مشتركٍ، وهو إضعاف القوات التي تتمتع بدعمٍ إيرانيٍّ في سوريّة، على حدّ تعبيره.
وخلُص البحث إلى تناول التكامل بين النظامين في العمل للمحافظة على النظام القائم في دولٍ عدة، من ضمنها الأردن، الإسرائيليون عمومًا، أكّد الباحث يوفرون المعلومات والتدريبات في مجال الأمن، فيما يسعى السعوديون إلى إبقاء اقتصاد هذه الدول متحررة من الديون عبر تقديم المنح ومشاريع مساعدة، بحسب تعبيره.
بقي أنْ نُشير إلى أنّ الموقف السعوديّ من إيران وحزب الله ليس جديدًا، فعندما شنّت إسرائيل عدوانها ضدّ حزب الله في صيف العام 2006، والذي تمّ تسميته لاحقًا بحرب لبنان الثانيّة، أصدرت الرياض بيانًا رسميًا جاء فيه على لسان مصدرٍ سعوديٍّ رفيعٍ إنّ حزب الله أدخل لبنان في مغامرةٍ غيرُ محسوبةٍ.