فوبيا الرياض.. تآكل العلاقات السعودية الغربية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1688
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لوب لوج – التقرير
في 14 ديسمبر، تبنى البرلمان الأوروبي تقريرًا عن السياسات الأمنية والخارجية الشائعة للاتحاد الأوروبي، التي تعبر عن وجهة نظر الاتحاد بشأن القضايا المهمة في العلاقات الخارجية. وبين عدد من القضايا، أدان الاتحاد الحرب، التي يشنها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، مطالباً ببدء تحقيقات بشأن الاتهامات المزعومة للتحالف، بانتهاك القوانين الإنسانية الدولية وقوانين حقوق الإنسان، مشددين على مطالبهم بمنع تقديم أي دعم للتحالف، حتى انتهاء هذه التحقيقات وتحميل المعتدي المسؤولية.
ويُنهى هذا التقرير، عامًا من التآكل المستمر في العلاقات السعودية الغربية. ففي فبراير، تبنى البرلمان الأوروبي قرارًا شديد اللهجة ضد السعودية، يطالب بحظر الأسلحة. على الرغم من عدم الإلزام، فإن ذلك أثار غضب المسؤولين السعوديين، الذين يروا أنه يعكس عدم رغبة الاتحاد الأوروبي في تقدير دور السعودية في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
وتردد الأفرع التنفيذية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وجهات نظر البرلمان الأوروبي. وفي تصريحات حادة غير معتادة، قال “جان كلود يونكر” رئيس المفوضية الأوروبية، عن النظام السعودي إنه نظام بغيض، وجب على الإتحاد الأوروبي الحفاظ على التعامل معه. وآثار “بوريس جونسون” وزير الخارجية للمملكة المتحدة، عاصفة من خلال انتقاده للسعودية واعتبرها داعمة للإرهاب. وهناك إجماع حاليا بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية يرون أن هناك بعض الأصوليين بين الإسلاميين، ساهموا في ظهور التهديد الوهابي في أوروبا.
ولا تعتبر الأمور أفضل على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، حيث تسبب تبني قانون “جاستا” في ضرر للعلاقات الأمريكية السعودية. وتطاول مراقب مطلع من واشنطن على السياسات في الشرق الأوسط، إلى حد اعتباره أن السعودية تعتبر سامة لأمريكا، لدرجة أن المملكة توجه ضغوطها الآن لدولة الإمارات. وتتشارك أبو ظبي في كثير من الاستراتيجية السعودية، خصوصًا بشأن الموقف العدواني لإيران، لكنها تتمتع بصورة أفضل داخل واشنطن.
هذه التطورات، تحدث على خلفية فشل سياسة خارجية أكثر حزمًا، تبناها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وتعتبر السعودية عالقة في مأزق الضرر الموجه لليمن، وبعيدة عن تحقيق أهدافها العسكرية هناك. وفي اليمن المعترف بها دولياً، يعتبر الرئيس المدعوم من قبل السعودية “عبد ربه منصور هادي”، عائقًا، بسبب عناده الدبلوماسي وفساد وسوء إدارته. وتفاقمت الصعوبات العسكرية من الرياض، بسبب الإهانة الدبلوماسية، عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، في مسقط، مع ممثل من الحوثيين في اليمن. ورأت السعودية ذلك أنه منح شرعية دولية لا يستحقها الحوثيون. باختصار فإن الأداء السعودي في اليمن، يعتبر بعيدًا عن إبراز صورة قوية إقليمية، التي كان يجب أن تنقلها في المنطقة وداخل المملكة.
على جهة أخرى، لا يعتبر الموقف أفضل للسعوديين. في سوريا، يعتبر سقوط حلب في يد الحكومة السورية، يعني هزيمة إستراتيجية للمتمردين السوريين، الذين يتم دعمهم من الرياض، ما يقوي من وجود إيران، التي تمثل العدو اللدود للحكام السعوديين، ولم تأت محاولات السعودية للتواصل مع روسيا بفائدة.
مع عزلة وتدهور الصورة الدولية، هناك بعض المؤشرات الواقعية، التي بدأت الدخول في السياسة السعودية الخارجية. على سبيل المثال ما حدث في لبنان. بعد سنتين من الجمود، فاز المرشح المدعوم من قبل حزب الله “ميشل عون” برئاسة لبنان، في صفقة لتقاسم السلطة مع “سعد الحريري” المدعوم من قبل السعودية، كرئيس للوزراء. بينما كان واضحاً أن ديناميكية داخلية لبنانية ساهمت في إتمام الصفقة، إلا أنه من الجدير بالذكر أن السعودية لم تفعل أي شىء لتخريب ذلك، على الرغم من أن ذلك يعني ترسيخ أكبر للنفوذ الإيراني في لبنان، عن طريق حزب الله.
مثال آخر، صفقة “أوبك” الحديثة، وهي مناسبة نادرة عندما تمكنت الدول الرئيسية المنتجة للبترول ” إيران، العراق، روسيا، السعودية” من التوصل لاتفاق مرض لكل الأطرف، بشأن تقليل إنتاج النفط، على الرغم من اختلاف الأجندة الجيوسياسية، الخاصة بكل دولة.
ومازال من المبكر، اعتبار أن هذه الخطوات تمثل عصرًا جديدًا من السياسات السعودية المحافظة. مؤخراً على سبيل المثال، أعلنت السعودية أنها حكمت بالإعدام على 15 جاسوسًا إيرانيًا. وإذا تمت هذه الأحكام، يمكنها أن تثير أزمة جديدة في العلاقات مع إيران، مثل تلك التي حدثت عندما أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي السعودي “نمر النمر” في يناير 2016.
من المحتمل أن تستخدم السعودية بعض الأزمات، لاختبار طريقة تصرف إدارة ترامب، في وجه رد الفعل المبالغ فيه من الإيرانيين. لكن يجب أن تعلم السعودية أن فوبيا إيران المعلنة من قبل بعض الأعضاء البارزين في إدارة ترامب السياسية، لا يترجم بالضرورة إلى فوبيا من السعودية.
في الواقع فإنه بالنسبة لبعضهم، يعتبر الكره لإيران، مرتبط بالأجندة الواسعة النطاق الخاصة بالإسلاموفوبيا، ومن الصعب معرفة كيف يمكن أن تفيد السياسات السعودية، حتى إن كانت تضر إيران. علاوة على ذلك، فإنه تحت حكم ترامب، يمكن أن تدفع السعودية وعدد من دول الخليج، ثمن تحالفهم مع حملة هيلاري كلينتون.
وفقاً لدبلوماسيين أوروبيين رفيعي المستوى، الذين تعاملوا مع السعودية كثيراً، فإن الأثر التراكمي لفشل السياسة الخارجية، التي يسهل ملاحظتها في اليمن وسوريا، والأزمات الداخلية المتزايدة بسبب تراجع أسعار النفط، وتدهور صورة المملكة الدولية، تعزز محاولة إعادة التفكير الإستراتيجي في الرياض. وهناك بعض الأصوات أكثر تقبلاً الآن لهذه الفكرة، التي تعتبر معززة ونشطة من قبل الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن تخدمها المصالح السعودية بشكل أفضل، من خلال بنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط. عدم اليقين المرتبط بإدارة ترامب، يمكن أن يكون عاملًا آخر يدفع السعودية نحو مزيد من ضبط النفس، بما في ذلك بعض من التسويات مع إيران .