​لماذا يتخوف النظام المصري من العلاقات “السعودية – الأثيوبية”؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1940
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

عبداللطيف التركي – التقرير
الإعلام الموجه يفصح دائمًا عن توجهات ومضامين النظام السياسي للدولة، وهذا الأمر معروف في العالم الثالث، حيث تقوم وزارات الإعلام في كل دولة بتوزيع “أجندة” يومية أو أسبوعية لوسائل الإعلام تحدد المحظورات والممنوعات، والتوجهات الإعلامية، والمطلوب التركيز عليه، وما يتم إبرازه، أو إخفاءه أو السكوت عليه، هذا عكس الإعلام الحر في النظم السياسية المفتوحة، التي يكون فيها الإعلام متحرر عن وصاية الدولة والنظام السياسي.

“حارس البوابة”
وفي “إعلام العالم الثالث”، يمارس “حارس البوابة”- وهي إحدى نظريات تدفق وحجب المعلومات – الدور الأساسي في فتح أو غلق النوافذ الإعلامية، والتحكم كليًا في تدفق المعلومات والأخبار، والشعوب العربية تقع في دائرة الإعلام الموجه، وفريسة تشكيل العقول من قبل وسائل إعلام موجهة، وإن كانت مواقع التواصل الاجتماعي شكلت نافذة مهمة للشعوب للتنفس وتدفق المعلومات، واستطاعت أن تسحب البساط من تحت أقدام الإعلام الحكومي والموجه من الأنظمة، ولكن مازالت الأنظمة مُصرة على التوجيه والحجب والمنع، وتلوين الأخبار حسب توجهاتها السياسية، رغم أن هناك حالة إعراض شعبي عن مشاهدة القنوات الرسمية، وتراجع مخيف في مبيعات الصحف والمجلات الحكومية، بل تأثر الإعلام الخاص القريب من الأنظمة، مشاهدة ًفي الإعلام المرئي، أو توزيعًا في الإعلام المطبوع.

برامج “التوك شو”
الإعلام المصري، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م، صار في مجمله إعلامًا موجهًا، يدار من قبل “إدارة الشؤون المعنوية” بالقوات المسلحة، أو من قبل الأجهزة الأمنية، وإن كان في مجمله – رسمي وخاص – لا يقول إلا ما يريده النظام السياسي، وتستطيع أن تقرأ ذلك في مانشيتات الصحف المصرية كل صباح، أو مضامين برامج “التوك شو” في المساء، فمثلاً خرجت كل الصحف المصرية -حكومية وخاصة- بمانشيتات بكلمات محددة أثناء تغطية المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، أو في افتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة، وتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والإعلان أن جزيرتي “تيران وصنافير” سعوديتان، وغيرها من الوقائع.

الانفلات والتسفيه
ومن ثمَّ تستطيع أن تعرف رأي النظام المصري تجاه أي قضية أو موقفه من أي دولة من إعلامه الموجه، وهذا ينطبق أيضًا على الإعلام السعودي، ولكن مع الفارق في الانضباط بالتوجه السياسي والانفلات إلى درجة التسفيه والتحقير والابتذال، كما يلاحظ في الإعلام المصري عندما يتعرض لقطر أو تركيا أو حماس، وحاليًا للسعودية، بعد الخلافات بين البلدين، عكس ما كان عليه الوضع عندما كانت المملكة تضخ مليارات الدولارات لمصر، بعد انقلاب 3 يوليو، وكان “الرز الخليجي” يتدفق على النظام المصري بلا حساب، عيني ونقدي وخدمي واستثماري.

الإعلام المصري الموجّه
الإعلام المصري الموجه من نظام السيسي، وجد في زيارة، أحمد الخطيب المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي، والوفد المرافق له، للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا أواخر الأسبوع الماضي، فرصة للهجوم علي السعودية، واعتبار الزيارة موجهة أصلاً ضد مصر، وخصوصًا زيارة “الخطيب” والوفد السعودي سد النهضة، والالتقاء برئيس الوزراء هيليماريام ديسالين، ووزير الخارجية الدكتور ورقنه جبيهو، وعدد من الوزراء لبحث سبل تعزيز العلاقات بين المملكة وأثيوبيا في كافة المجالات، وشن الإعلام المصري هجومًا شرسًا على السعودية، وصنفها ضمن العدو ومن “يلعب بالنار”، وأنها تدعم أثيوبيا ومشروع سد النهضة، وتستهدف حصة مصر من نهر النيل، وما إلى ذلك من “هوس” إعلام موجّه.

“وفد الخطيب”
في المقابل، لم تحظَ زيارة الوفد السعودي لأثيوبيا باهتمام يُذكر، ولم تخرج الزيارة عن أهدافها المعلنة، وقد سبق زيارة “وفد الخطيب”، لأثيوبيا، زيارة قام بها وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، والوفد المرافق له؛ لمناقشة فرص الاستثمار الزراعي في أثيوبيا.

موقع الخارجية السعودية
ومن ثمَّ، خبر زيارة الوفدين السعوديين لأثيوبيا معلن، وطبقًا لموقع وزارة الخارجية السعودية، فإن سفير المملكة في أديس أبابا، عبدالله بن فالح العرجاني، استقبل “فجر يوم الأربعاء 15/3/1438هـ، أحمد الخطيب المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء والوفد المرافق له، وأجندة الوفد معروفة “لقاء دولة رئيس الوزراء هيليماريام ديسالين، ووزير الخارجية الدكتور ورقنه جبيهو، وعدد من الوزراء لبحث سبل تعزيز العلاقات بين المملكة وأثيوبيا في كافة المجالات”، طبقًا لموقع الخارجية السعودية الرسمي.

فرص الاستثمار الزراعي
وكذلك زيارة وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، لأثيوبيا، واستقباله من قبل من سفير المملكة في أثيوبيا عبدالله بن فالح العرجاني، مساء يوم الجمعة 10/3/1438هـ، وإقامة مأدبة عشاء على شرفه والوفد المرافق له، وحضر المناسبة وزير الزراعة والموارد الطبيعية الأثيوبي الدكتور إياسو أبراها، ووزير الثروة الحيوانية والسمكية الأثيوبي البروفيسور فقادو بيني”، وأن الزيارة استهدفت “مناقشة فرص الاستثمار الزراعي في أثيوبيا، وشملت الزيارة “لقاء عدد من كبار المسئولين في الحكومة الأثيوبية رفيعي المستوى”.

رسالة دعم لأديس أبابا
لكن زيارة المستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي، لسد النهضة الأثيوبي أثارت ردود أفعال واسعة النطاق في مصر، ورأى “البعض” أن هذا الأمر بمثابة تقديم رسالة دعم لأديس أبابا لبناء السد الذي تخشى مصر أن يؤثر على حصصها من مياه النيل، ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن “مصدر إعلامي مطلع” القول إن مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، زار السد في إطار تواجده في العاصمة أديس أبابا للوقوف على إمكانية توليد الطاقة المتجددة.

تشكيل لجنة مشتركة
وقال المصدر الأثيوبي، الذي رافق المسؤول السعودي والوفد المرافق له، إن “الخطيب، زار يوم الجمعة الماضية السد، وكان في استقباله مدير المشروع سمنجاو بقلي”، وذكر التليفزيون الأثيوبي الرسمي أن مستشار العاهل السعودي التقى رئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين، واتفقا على “تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة”، وقال التليفزيون إن ديسالين دعا السعودية إلى “دعم مشروع سد النهضة ماديًا والاستثمار في أثيوبيا”، وأعرب الخطيب، من جانبه، عن أمله في “تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية” بين البلدين، حسب وكالة الأناضول.

التمثيل الدبلوماسي
العلاقات بين السعودية وأثيوبيا، بدأت في العام 1948 على مستوى القائم بالأعمال، وفي 1994 تم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي إلى درجة سفير، وتتخوف القاهرة من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الأثيوبي أن السد مهم للبلد في مجال توليد الطاقة وأنه لن يضر السودان ومصر.

تساؤلات حول موقف المملكة من السد
الصحف المصرية الصادرة السبت الماضي، تناقلت خبر زيارة المستشار السعودي لأثيوبيا على صدر صفحاتها، وقالت صحيفة المصريون – خاصة – إن هذه الزيارة تثير تساؤلات حول موقف المملكة من سد النهضة، وحذر خبراء من “أن السعودية لديها مشاريع تجارية ضخمة في أثيوبيا ولن تضحي بها من أجل مصر”، وشن إعلاميون في مصر، هجومًا عنيفًا على زيارة وفد المملكة العربية السعودية لأثيوبيا، وأنهم “قاموا بزيارة لسد النهضة”، على حد تعبيرهم.

هجوم إعلامي مصري
الإعلامي، سعد حساسين، قال ببرنامجه الذي يبث على قناة “العاصمة”: “هذه ليست المرة الأولى، هذه الزيارة السعودية الثانية خلال أسبوع، حيث كانت الزيارة الأولى لوزير الزراعة السعودي، عبدالرحمن الفضلي، وفي الحقيقة عندما قرأت هذا الكلام لم أرتح”، من جهته قال الإعلامي أحمد سالم في برنامجه الذي يبث على قناة القاهرة والناس، قائلاً: “نحن لسنا ضد الزيارة أبدًا، ولكننا ضد طريقة الكيد في التعاملات، خاصة عندما تكون بين أشقاء كبار في المنطقة وتربطهم علاقات المفترض أنها قوية وتاريخية، وأي عاقل ومتابع للمشهد الحالي بين الرياض والقاهرة أكيد سيتفهم عمق الخلاف بين مصر والسعودية”.

المستثمرون السعوديون
وكالة الأنباء الأثيوبية الرسمية نشرت تقريرًا، عن الزيارة يوم الجمعة الماضية، قالت فيه: “المستشار الخاص للعاهل السعودي السيد أحمد الخطيب أجرى مشاورات مع وزير خارجية أثيوبيا، حيث قال الخطيب إن المستثمرين السعوديين يرغبون للعمل في أثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة”، دون ذكر قيام الوفد السعودي لزيارة إلى سد النهضة، وأضاف تقرير الوكالة الأثيوبية: “مدير قسم الشرق الأوسط في الخارجية السفير سليمان ددفو، الذي تابع المباحثات، قال إن مباحثات قد أجريت بين الجانبين حول الفرص المتاحة للمملكة العربية السعودية؛ للمشاركة في بناء الطرق والطاقة وغيرها”.
وتشهد العلاقات السعودية المصرية توترًا بعد تصويت القاهرة لصالح قرار روسي في مجلس الأمن بشأن الأزمة السورية، فيما ذكرت تقارير أن هناك خلافات في الرؤى بين السعودية ومصر تجاه حل الأزمة هناك.

التعاون في مجالات الطاقة
رئيس وزراء أثيوبيا أكد على رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة، والطرق، والكهرباء، والزراعة، فضلاً عن التعاون في مجال السياحة، ودعا ديسالين السعودية إلى “دعم المشروع (سد النهضة) ماديًا والاستثمار في أثيوبيا”، وفق التليفزيون نفسه، بدوره، قال الخطيب إن “السعودية وأثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما”.

اتفاقيات تجارية واستثمارية
السعودية وأثيوبيا وقعتا عدة اتفاقيات تجارية واستثمارية بقيمة ستمائة مليون ريال سعودي (نحو 160 مليون دولار)، أثناء أول أيام زيارة رئيس وزراء أثيوبيا هيلي ماريام ديسالين للرياض، وقال بيان للمتحدث باسم الحكومة الأثيوبية أونيتو بلاتا، بثه التليفزيون الحكومي الأثيوبي، ولم يذكر المتحدث الأثيوبي طبيعة تلك الاتفاقيات أو في أي مجالات، كما لم يشر إلى من وقعها عن الطرفين.

شريكة استراتيجية
وأضاف بلاتا – في بيانه – أن السعودية تعتبر شريكة استراتيجية في الأمن والاستقرار، مشيرًا إلى أن العلاقات بين البلدين تاريخية وممتازة، وهي تتطور بشكل مستمر، كما أن الاستثمارات السعودية في أثيوبيا تتزايد، وأوضح بلاتا أن ديسالين أجرى أثناء زيارته للرياض محادثات متعددة مع المسؤولين السعوديين، وفي مقدمتهم الملك سلمان بن عبد العزيز، منوهًا بأن المباحثات تضمنت قضايا التجارة والاستثمار ومكافحة الإرهاب، وكذلك قضايا الأمن الإقليمي وسبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

ديسالين في السعودية
ديسالين زار السعودية في أكتوبر/تشرين الأول 2015، على رأس وفد ضم وزيري الدفاع سراج فقيسا، والمالية والتنمية الاقتصادية أبرهام تكيست مسقل، وكان في استقبال الوفد الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي ووزير الداخلية، والتقى ديسالين وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي، وكذلك حمد البازعي نائب وزير المالية، حيث تم بحث سبل التعاون لتعزيز التبادل التجاري.