الصحف البريطانية: تصريحات جونسون الأخيرة عن السعودية وسع الصدع في علاقته مع رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي
لندن ـ انشغل معظم الصحف البريطانية الصادرة الجمعة بأصداء وتداعيات تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، التي وصف فيها السعودية وإيران بأنهما تديران “حروبا بالوكالة” في منطقة الشرق الأوسط.
وكرست صحيفتا الديلي تلغراف والغارديان مقالين افتتاحيين بهذا الشأن فضلا عن مقالات الرأي لكتاب في الصحيفتين، وضعت الديلي تلغراف مقالا منها كتبه محررها السياسي في صدر صفحتها الأولى تحدث فيه عن أن الخلاف بشأن تصريحات جونسون الأخيرة عن السعودية وسع الصدع في علاقته مع رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي.
ودعت صحيفة الديلي التلغراف في افتتاحيتها في هذا الصدد إلى سيادة روح الفريق في العمل بدلا من الخلاف الداخلي بين المحافظين في هذه القضية.
وتقول الصحيفة إنه بمعزل عن هل كان جونسون غير حكيم أم لا في حديثه بصراحة عن أن المملكة العربية السعودية “تحرك دمى” في حروب تخاض بالوكالة في الشرق الأوسط، فإن الصراحة هي أبرز ما عرف به جونسون، وهي السبب وراء تصويت العديد من الناخبين له وثقتهم به، وهي بالتأكيد أحد الأسباب وراء منحه أحد أهم المناصب الوزارية.
وتصف الافتتاحية جونسون بأنه أحد اللاعبين الأساسيين في الحكومة والضروريين لشعبيتها ونجاحها، فضلا عن أنه لا غنى عنه لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يعني أنه يمثل ملايين الناخبين في ابرز قضية في السياسة البريطانية اليوم.
وترى الصحيفة أنه من غير الحكمة أن يكون رد ماي بهذه القسوة على كلمات زميلها بدلا من التخفيف من وقعها، في إشارة إلى تصريحات ناطقة باسم رئيسة الحكومة البريطانية بأن ما قاله جونسون لا يمثل موقف الحكومة البريطانية ويمثل وجهة نظره الشخصية.
روح الفريق
وتخلص الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن الوقت الآن ليس وقت خلاف، سيضر بالمصلحة الوطنية، بل وقت العمل بروح الفريق، مؤكدة على ضرورة الانسجام في السياسة الخارجية في مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد، والتي أشار إلى بعضها أمس أليكس يانغر، رئيس الاستخبارات البريطانية الجديد، في تحذيره من أن الدعاية الروسية والهجمات الإلكترونية تشكلان الآن تهديدا مباشرا للأمن القومي للبلاد.
وبالمقابل قالت صحيفة الغارديان في مقالها الافتتاحي إنه كان من الافضل لجونسون لتبرير انتقاداته أن يوقف صادرات الأسلحة البريطانية إلى السعودية، إذ أجازت بريطانيا منذ بدء النزاع اليمني مبيعات أسلحة لها تقدر قيمتها بأكثر من 3.3 مليار جنيه استرليني.
وكانت صحيفة الغارديان هي من أثار أمس الخميس الضجة على تصريحات الوزير البريطاني عندما اقتطعت كلامه الذي قاله في مؤتمر في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع الماضي، من سياقه واعادت نشره بالتزامن مع زيارة ماي للخليج مركزة في عنوانها على انتقاداته للسعودية ومتهمة إياه بتجاوز تقليد راسخ في الخارجية البريطانية يقضي بعدم انتقاد حلفاء بريطانيا في العلن.
وكان جونسون يتحدث عن غياب القيادة الرائية في الشرق الأوسط التي يمكن ان ترأب الصدع بين السنة والشيعة فيها، مشيرا الى أن “هناك ساسة يستغلون الدين والعرقيات التي تنتمي لهم مذهبيا في تحقيق طموحاتهم السياسة”، ومشددا على أن “هذه إحدى أكبر المشكلات السياسية في المنطقة بأسرها، والمأساة بالنسبة لي، فيما يتعلق بأسباب وجود تلك الحروب بالوكالة طوال الوقت، تكمن في عدم وجود قيادة قوية بشكل كاف في تلك البلدان نفسها”.
“حمام الدم الطائفي”
وتكرس الغارديان في الشأن نفسه مقالا في صدر صفحتها الأولى فضلا عن مقالات أخرى في صفحتين داخليتين فيها، وتتحدث الصحيفة في مقالها الرئيسي عن أن نواب محافظين دافعوا عن وزير الخارجية بعد ما تصفه الصحيفة بأنه توبيخ في العلن له من رئيسة الوزراء، في إشارة إلى تصريحات المتحدثة باسم 10 داوننغ ستريت.
وتقول الصحيفة إن حلفاء جونسون دافعوا عنه بالقول إنه كان محقا في اتهام السعودية بشن حروب بالوكالة في الشرق الأوسط، وانه ما كان على رئيسة الوزراء أن تتعجل في انتقاد وزير خارجيتها.
وتنقل الصحيفة عن عضو البرلمان عن حزب المحافظين، سارة ولاستون، تعبيرها في تغريدة على موقع تويتر عن دعمها لجونسون قائلة إن “جونسون كان يتحدث الحقيقة بشأن الحروب التي تخاض بالوكالة وحان الوقت لكل الأطراف في المنطقة لوقف حمام الدم الطائفي”.
كما تنقل الصحيفة عن أندرو ميتشيل، وزير التنمية الدولية السابق قوله “الحقيقة أن لبريطانيا علاقة معقدة مع المملكة العربية السعودية وأن مصالحنا السياسية والاقتصادية لا تتطابق على الدوام، فالسعودية حليف مهم ولكن علينا، كصديق مخلص لهم، تحذيرهم بشأن المناطق الحرجة”.
وتنشر الصحيفة ذاتها تحقيقا عن زيارة موفدها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في شمالي اليمن، ويصف فيها مشاهد دمار في سوق مدينة صعدة بعد ما يقول إنه قصف المقاتلات السعودية لهذه المنطقة فيما يسميها الحرب المنسية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص ونزوح 3 ملايين وترك أكثر من 14 مليون نسمة ، أي أكثر من نصف سكان البلاد، في شح الغذاء والدواء وعلى شفا المجاعة. (بي بي سي)